الفنان التشكيلي والكاتب عمر الغدامسي يكتب عما حدث له مع مديرة متحف الفن المعاصر

الشعب نيوز / ناجح مبارك - عندما صادفتني معلقة معرض متحف الفن الحديث و المعاصر ، " اضاءات معاصرة " علي صفحات التواصل الاجتماعي ، شعرت بالاشمئزاز ، ذلك ان المعلقة كانت علي درجة من البشاعة و كأن من صممها شخص مبتدئ ، ايضا لاحظت غياب كلي لاسماء من سيتم عرض اعمالهم . تحت هذه الصدمة ، و دون الخوض في الجانب الاتصالي المتعلق بوظيفة المعلقة عامة ، تفاجئت باتصال هاتفي يدعوني باسم المتحف الوطني للفن الحديث و المعاصر ، الي حضور افتتاح هذا المعرض و يعلمني ، بأنه تم اختيار احد اعمالي لتكون ضمن مجموعة العرض .
و من باب الاحتجاج عن ما وصلنا اليه من ارتجال و تعويم لكل معني نبيل يخص مفهوم العرض و مفهوم المتحف ، طالبت ادارة المتحف بعدم عرض عملي المذكور ، و السبب لا يتعلق فقط بامر تلك المعلقة البائسة ، بل يتجاوز ذلك ليخص تلك المؤسسة المتحفية و التي كنا من بين من ناضل من اجل بعثها ، منذ زمن الرئيس بن علي و بعده ، و كانت لنا من اجله صولات و جولات موثقة و محفوظة ، شملت العرائض و الكتابات و تنظيم معارض تحسيسية جماعية حول اهمية وجود متحف ، لنجد انفسنا بعدها ، امام بناية كسولة بادارة عاجزة و لا تفقه مفهوم المتخف في ابعاده المفاهيمية و الاجتماعية و الثقافية ،
ادارة تتعاطي مع مؤسسة متحفية بعقلية " الشهار " الكسول في مؤسسة عمومية او بامكانات منشط في دار ثقافة باحدي الجهات البعيدة .علي المستوي القانوني ، كان احتجاجي بلا معني ، لان العمل تعود ملكيته الي وزارة الثقافة ، في المقابل كان احتجاجي صرخة ضد ما يجري ، صرخة الم و انا ارى كيف يتهاوي و يضمحل حلم ناضلنا من اجله ، حلم هو في الاخير ضرورة مادية ، ليس فقط لحفظ الذاكرة الابداعية ، بل و لترسيخ قيم حداثتنا التي تشكل اليوم جزءا لا يتجزأ من رهان مجتمعي اكبر نعيشه و تبينا مخالب اعدائه ن و بدرجة عالية منذ منعطف 14 جانفي 2011 .
كان بامكان مديرة المتحف ،ان تنصت لاحتجاجي ، دون الحاجة للاخذ به ، ذلك انها محمية بالقانون و الذي يمنحها كل الحق في عرض عملي ، كان يمكنها ان تتسائل بينها و بين نفسها عن ذلك السبب الذي يجعل فنان ما يرفض عرض عمله في المتحف ، و هي تدري جيدا ان هذا لم يحدث من قبل و انه موقف غير منتظر في ساحة يتدافع جزء من فنانيها و خاصة منهم من تعوزهم سبل العرض بالقاعات الخاصة المحترفة ،
الظاهر ان مديرة المتحف لا تفهم معني الرمزية او علها تعتقد انها مجرد كلمة محبرة في تلك الكتب النظرية التي كان عليها و هي طالبة ان تحفضها دون حاجة لادراك معانيها او امكانية حصولها في الحياة التي نعيشها ، هي لم تعرف الموقف الرمزي ، فكيف لي ان احدثها و اعرفها بالموقف الانطولوجي .
كان بامكانها ان تصمت و ان تكتفي بما يمليه عليها القانون و هو في صالحها ، الا انها ردت الفعل و بشكل جنوني و جعلت الامر و كأنه قضية شخصية ، حيث انها قامت بتجميدي علي الصفحة الرسمية للمتحف و هو تجاوز خطير و مشين منها و يمس حرية التعبير و يجعل من المتحف مدجنة خاصة ، بل و كلفت نفسها ايضا بكتابة رسالة لي مطولة ، عبر الواتساب ، لا تناقش فيه موقفي او حتي تستفسر عن دوافعه او بما قد يجعلني مفيدا لها بفكرة ما ، تمكنها من تطوير افكارها و رؤيتها ، كما يفعل كل عاقل منا .
رسالة اشبه بسردية عن سيرتي الذاتية و قد كتبت من وجهة نظرها الخاصة .
هي رسالة مهمة في جانب منها و الذي يبين آلية تفكير البعض من ابناء جلدتنا .
استهلت مديرة المتحف رسالتها بالجملة الافتتاحية التالية " تحية طيبة عمر الغدامسي صحفي بجريدة الصحافة سابق " و المعني هنا مفهوم ، حيث ان السيدة المديرة و الدكتورة ارادت بكلمة " سابقا " تقزيم لشخصي ، دون معرفة بأنه في الكتابة و النقد لا يوجد سابق و لا لاحق و ان صفة السابق يمكنها و من باب التأويل ان تشير فقط الي العلاقة المهنية التي اصبحت تربطني بجريدة الصحافة بعد خروجي طوعيا ، اي قبل وصولي للسن القانوني للتقاعد ، مثل عدد اخر من الزملاء علي التقاعد المبكر ،
غادرت جريدة الصحافة ، لكن كتاباتي لم تتوقف و مطلوبة و مرحب بها ، بما في ذلك في جريدة الصحافة و في عدة منابر اعلامية ، او من خلال نصوص كتالوغات لمعارض هامة يطلبها مني اصحاب الاروقة المحترفة . ضمن رسالتها كتبت مديرة المتحف ما يلي " يطيب لي ان اذكرك – علي سبيل الذكري – انك في سنوات 2000 كانت تتم دعوتك للتغطية الصحفية لمهرجان المحرس الدولي صحبة الزميلة اماني بولعراس التي لم تتحول الي حد هذا اليوم الي فنانة تشكيلية "
و هنا تحديدا تكشف المديرة الدكتورة عن صميم خطابها ، بمعنى انها ارادت ان تقول لي بانني صحفي ، فما دخلك في الفن ، بمعني اوضح اعتبرتني دخيل علي ميدان لا نعرف من سلمها مفاتيحه ..حسنا ، انا لست بفنان ، فلماذا اخترت عرض عملي الفني ، خاصة و انني منحتك الفرصة لذلك . شخصيا و هذا صرحت به في اكثر من منبر ، انا لست معنيا باية صفة ، لست معنيا بأن يعتبرني الاخرون فنانا او كاتبا او ناقدا او اعلامي ، صفتي هي ما اراكمه في هذه الحياة من معاني ، ثم من انت حتي تخلعين هذه الصفة او تلك علي من تريدين .. من اعطاك هذا الامتياز .. اعتقد ان الجهل وحده من مكنك من ذلك الدور ، او عله حسدك و وعيك الباطني بالفشل في ان تكوني فنانة و هو ما سعيت اليه و ساعدك الكثيرون من اجله لكنك فشلت .
حسنا سيدتي ، خذي اعمالك او صورها الي جولة عبر الاروقة الخاصة المحترفة ، و علك فعلت ذلك قبل ، و انظري عما اذا كانوا سيقبلون بتبنيها و عرضها ، المفارقة ان مديرة المتحف تقدم حاليا برنامجا اذاعيا في اذاعة الثقافة ، و هو برنامج تم بعثه علي مقاسها بعد تسميتها علي المتحف ، كيف حصل ذلك ، للاجابة و في انتظار الكشف عنها ،اطالبها بكشف اسماء اعضاء اللجنة الذين عينتهم كمستشارين في اعداد المعرض الافتتاحي للمتحف و مدنا بصفاتهم و عناوين مقالاتهم النقدية التي تميزهم عن غيرهم . في انتظار اجابتها ، فانني اقول لها بأن هناك فرق لن تدركه بين من نحت اسمه باجتهاده و عرقه و معرفته و بين من يقتنص الفرص و امتلك موهبةادارة العلاقات المصلحية الضيقة .
اكتفي بهذه المشطرة من عرض ما جاء في رسالة مديرة المتحف ، كحلقة اولي ، ستتبعها حلقات إضافية ، تختلط فيها المتعة بالتعجب لما وصل اليه بعضنا .. رسالة اجتهدت فيها صاحبتها علي كتابة سيرتي الذاتية من وجهة نظرها الخاصة السطحية ..رسالة تليق بمستوي حارزات الحمام ( مع احترامي للحارزات و للصابرات ) . انا كتبت و في جمل بسيطة و قليلة رسالة اعتراض علي عرض عملي ، فجائني فيض كالاسهال من الجمل خارج الموضوع .