وثائقي

معركة بنزرت 1961: تونس تنتصر أمميا وتلحق بفرنسا هزيمة ديبلوماسية ساحقة

* في الصورة من اليمين داغ همارشولد الايمن العام للامم المتحدة والمنجي سليم  والحبيب بورقيبة الابن

الشعب نيوز/ ذكريات - توقفت معارك بنزرت الدامية التي استمرت على مدى أربعة أيام بعد دخول قرار مجلس الأمن الدولي عدد 4882 القاضي بوقف إطلاق النارحيز التنفيذ مع منتصف الليل ، مخلفة عديد النتائج والمواقف حولها .

-أ- على المستوى السياسي :  

بعد إنتهاء المعارك بدأت التسوية السياسية منذ 24 جويلية 1961 مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة السويدي"Dag Hammarskjöld داغ همرشولد" إلى بنزرت ـ (توجد ساحة باسمه وهي الواقعة حاليا بين نهج اسبانيا ونهج الحبيب ثامر) .

المنجي سليم مندوب تونس في الامم المتحدة 

وقد حمّل فرنسا مسؤولية الأحداث وعدم احترامها للقرارالأممي 4882  مما كلّفه عديد المضايقات والإيقافات للسيارة التي تقله والتابعة للأمم المتحدة ورفض المحادثات معه.

بين 21 و27 أوت 1961 عقدت عدّة إجتماعات في الأمم المتحدة للنظر في قضية بنزرت بغياب فرنسا وانتهت بإصدار قرارات لفائدة تونس. ففي يوم الجمعة 25 أوت أكد مندوب الولايت المتحدة " آدلي ستفنسن " " إحترام السيادة التونسية على بنزرت ، لاجدال فيه" وإثره خطب مندوب تونس لدى الأمم المتحدة " المنجي سليم " ، فذكّر الحاضرين من ممثلي الدول التسعة والتسعين بنداء " ديقول " من منفاه بلندن للشعب الفرنسي للمقاومة ضد الإحتلال الألماني يوم 18 جوان 1940، مؤكدا أن قضية بنزرت هي قضية إحتلال وطالب بضرورة " إحترام السيادة والكرامة التونسية والموافقة على حلّ الأزمة دون معارضة ".

* في الصورة المنجي سليم يجتمع مع الرئيس الامريكي جون كينيدي في مكتبه بالبيت الابيض

 وقف كلّ الحاضرين مصفقين طويلا وصدر في تمام العاشرة ليلا ، قرار يدين فرنسا بموافقة 66 صوت وتحفظ 33 و0 معترض و أعتبر هذا التصويت التاريخي إنتصارا لقضيّة بنزرت وُصف ب " بنزرت : ديان بيان فو الديبلوماسية " في إشارة إلى خسارة فرنسا ديبلوماسيا في معركة بنزرت مثل خسارتها العسكرية المهينة في معركة " ديان بيان فو" بالهند الصينية Dien Bien Phu يوم 7ماي 1954 . ثم صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 أوت 1961 بالاغلبية المطلقة على ضرورة فتح التفاوض بين تونس وفرنسا من أجل تحقيق الجلاء عن بنزرت.

وإثر مفاوضات حثيثة، توصّل الطرفان التونسي والفرنسي يوم 18 سبتمبر 1961 إلى اتفاق ينصّ على سحب كلّ القوات الفرنسية من مدينة بنزرت. فتمّ جلاء الفرنسيين يوم 1 جويلية 1962 عن قاعدة " سيدي عبد الله" " بمنزل بورقيبة ويوم 15 أكتوبر 1963جلاء آخر جندي فرنسي عن بنزرت وهو الأميرال " فيفيي"Vivier

وأنزل العلم الفرنسي ورفرف العلم التونسي في قاعدة سيدي أحمد بعد اثنتين وثمانين سنة ونصف من الإحتلال علما أنه دخلت القوات الفرنسية بنزرت يوم 1 ماي 1881 ورُفع العلم الفرنسي فوق حصن سيدي سالم والحصن الاسباني.

-ب- على المستوى البشري :

قدّرت الإحصائيات الرسمية التونسية ضحايا المعارك، 670 شهيدا و1155 جريحا و 1000من المفقودين استناد لتقارير الهلال الأحمر التونسي وتقارير الحالة المدنية التي قدمها رئيس بلدية بنزرت أنذاك " رشيد التراس " لكن ذهب العديد من الباحثين الى اعتبار العدد يصل الى أكثر من ذلك بسبب تنوع العمليات إضافة الى ما ذكر سابقا، تمّ كذلك دفن المجروحين أحياء وقتل الأسرى واستشهاد العديد بسواحل بنزرت ورفراف بسبب زرع الألغام بالسواحل، وقد أكد المؤرخ محمد الأزهر الغربي أن عدد الشهداء بلغ أكثر من 5000.(1)

وقد استشهد المقاومون من الجيش والحرس الوطني والمدنيون خاصة من المتطوعين من بنزرت وباقي المناطق وقد أورد محمد الضيفي الخبير في الجماعات المحلية قائمة من المتطوعين تعرف بمجموعة علي بن بلقاسم البويحيي ( اليحياوى ) ، استبسلت في المعارك وأستشهد العديد منهم .

هذه بعض الاسماء

كما أورد المؤرخ رشيد الذوادي في مؤلفه المشترك مع محسن حجي " بنزرت أرض البطولات" عديد الأسماء التي استشهدت في المعارك . من بينها: محمد العربي النفطي من الحرس الوطني، والشاذلي عياد وهو من كبار ضباط الحرس الوطني و الرائد محمد البجاوي قائد المدفعية التونسية الذي استشهد يوم الجمعة 21 جويلية رافضا القاء سلاحه والملازم الأول الطيّب بن علية والملازم محمد العزيز تاج والملازم الهادي والي ومحمد الحبيب الذوادي ومحمد العياري وعثمان التليلي وعمر العمامي وإدريس التوج وحبيبة جبالية وعثمان النجار وعلي بن صالح الجميعي والمكي بن حمدة فليس والهادي شلوف ومحمد الطيب قناوة وعزالدين الحناشي وعريفة من منزل جميل وخليفة المرزوقي (من رمادة) وأحمد سهلاوي من (سيدي عمر بوحجلة) وغيرهم كثير.

* منقول من صفحة بنزرت الرائدة

عماد الدهماني

(1) Mohamed Lazhar Gharbi, « Historiographie de la Tunisie contemporaine : une colonisation et une décolonisation « en douceur » », Les Cahiers de Tunisie, tome LVI, n°189-190, 2e-3e trimestres 2004, p. 29-42