نقابي

في الجلسة الأولى من فعاليات الجامعة النقابية : قراءة نقدية لميزانية 2026 وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - في لقاء حواري ثري بإشراف الأخ سامي الطاهري الأمين العام المساعد للإتحاد المسؤول عن قسم الإعلام والاتصال ضمن فعاليات الجلسة الأولى من أشغال الجامعة النقابية للمرأة والشباب العامل والتي تولى الصحفي نصرالدين ساسي تنشيطها وإدارة حوار مع الخبير الاقتصادي عبد الرحمان اللاحقة الذي قدم عرضًا نقديًا لميزانية الدولة لسنة 2026، معتبرًا إياها ميزانية «بلا قاعدة تشاركية» وبلا رؤية تنموية واضحة. مشيرا إلى أنّ الحكومة لم تفتح مجال التشاور مع الأطراف الاجتماعية والقانونية والبحثية، ما يعكس قطيعة مع مبدأ التشاركية المفترض في السياسات المالية.

* ميزانية دون تشاركية… ووثيقة بلا رؤية إصلاحية
وأشار اللاحقة إلى أن وثيقة مشروع القانون خرجت في آخر لحظة، دون تفسير أو شرح للأسباب، مؤكدًا أنّ الحكومة بنت ميزانيتها على “مخطط 2026–2030” رغم أنّ المخطط غير موجود أصلاً، وهو ما يضرب مصداقية الفرضيات التي يقوم عليها مشروع المالية.

ولفت إلى العودة المقلقة للتداول النقدي المباشر على حساب التداول بالآجال، وهو خيار خطير يعمّق التهرب الضريبي ويغذّي الاقتصاد الموازي.

كما أكد غياب البعد الاجتماعي من الميزانية، حيث لم تتضمن إجراءات واضحة في قطاعي الصحة والتعليم أو في دعم الفئات الهشة، ما يجعل مشروع المالية أشبه بوثيقة يومية لتسيير المالية العمومية، وليس رؤية للخروج من الأزمة.

* الزيادات الأحادية والأجر الكريم

وتوقف اللاحقة عند الفصل 15 الذي نصّ على زيادات في الأجور تمتدّ على ثلاث سنوات، واصفًا إياه بأنه “فصل غير قانوني”، لأن الحكومة لا تملك صلاحية الترفيع في الأجور بصفة أحادية أو كهبة دون مفاوضات. ورأى أنّ هذه الخطوة تمثّل رسالة سياسية أكثر منها إجراءً اقتصاديًا، تهدف إلى إقصاء الاتحاد العام التونسي للشغل من دوره الطبيعي، وإظهار الحكومة كفاعل وحيد يقرّر نيابة عن الجميع.

كما أوضح أنّ الزيادات المعلنة لن تتجاوز 3% في أحسن الحالات، أي ما يعادل 60 دينارًا تقريبًا، وهي زيادة لا تعوّض الانهيار الكبير في القدرة الشرائية الذي تجاوز 23% منذ 2022.

وفي هذا السياق قدّم اللاحقة تفسيرًا لمفهوم “الأجر الكريم”، مستعينًا بأعمال الباحثة مولي أوشانسكي حول خطوط الفقر.

وأكد أن عائلة من 4 أفراد تحتاج إلى 1000 دينار شهريًا لتجنّب السقوط تحت خط الفقر، لكن الأجر الكريم يتجاوز هذه القيمة لأنه يرتبط بنمط العيش والحاجيات الأساسية واحترام كرامة المواطن. وهو ما يجعل غياب المعالجة الاجتماعية في مشروع الميزانية نقطة خلل مركزية.

* تداين خطير و إختلال جبائي عميق

وشدد الخبير على وجود خلل خطير في التوزيع الأولي للثروة، حيث لا تتجاوز حصة الأجور 36% من القيمة المضافة مقابل 64% لرأس المال.

وأضاف أن السلم الضريبي يميل لصالح رأس المال على حساب الأجراء، وأن التهرب الجبائي يُقدّر بثلاثة الاف مليار دينار سنويًا على الأقل، في ظل شركات لا تصرح بمداخيلها أو بموازناتها بدقة، ما يغذي غياب العدالة الجبائية.

أما بخصوص اللجوء المتزايد للتداين الداخلي، بما في ذلك من البنك المركزي، فاعتبر اللاحقة أنّ هذا الخيار لا يمكن أن ينجح دون وضع آليات لتعويض السيولة وسحب فائض المال من السوق حتى لا ينفلت التضخم. وأوضح أنّ غياب رؤية إصلاحية يجعل هذا التوجه مصدر خطر على الاستقرار المالي وعلى القدرة الشرائية معًا.  

  كما انتقد اللاحقة استمرار الدولة في سياسات ظرفية تُعاد كل سنة دون تقييم، مثل التكفل بجزء من الفائدة وخطوط التمويل وصندوق 21-21، معتبرًا أنها ليست خيارات إصلاحية بل مجرد حلول ترقيعية، في حين تحتاج البلاد إلى إصلاحات هيكلية في الجباية، القضاء، الحوكمة، ومناخ الأعمال.

تابعوا اخباركم و صوركم عبر الرابط التالي :https://tinyurl.com/achaab-naqaby