نقابي

الخبير حسين الرحيلي – بين قمم المناخ و التحديات البيئية المتزايدة

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - من جهته  قدّم الخبير حسين الرحيلي قراءة شاملة لمسار التغيّرات المناخية، انطلاقًا من مؤتمرات المناخ (COP)، مذكّرًا بأن العالم يعيش هذه الأيام على وقع مؤتمر جديد في البرازيل، في سلسلة انطلقت منذ 1995. وأشار إلى أن بعض القمم مثل كيوتو 1997 ومؤتمر باريس شكّلت محطات فارقة، لكنها لم تنجح في إحداث المنعرج المطلوب في مستوى التنفيذ.

الرحيلي شدّد على ضرورة التمييز بين الطقس والمناخ: فالطقس هو حالات جوية يومية أو ظرفية، بينما المناخ هو متوسط هذه الحالات على مدى عقود طويلة.

التغيّر المناخي، وفق شرحه، ليس ظاهرة معزولة، بل هو نتيجة لاختلالات تراكمية في النظام الأرضي، كان يفترض أن تمتد على آلاف السنين بما يسمح للكائنات الحية بالتكيّف غير أن النظام الرأسمالي الصناعي ضغط الزمن التاريخي لهذه التحولات إلى قرنين فقط، عبر الاستغلال المفرط للفحم والبترول والغاز، وإطلاق كميات هائلة من الغازات الدفيئة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الجيولوجي الحديث.

وأوضح أن الاحتباس الحراري في حد ذاته ظاهرة ضرورية للحياة، إذ لولاه لانهارت درجات الحرارة إلى مستويات تجعل العيش مستحيلاً.

المشكل الحقيقي، كما قال، يكمن في تضخّم تركيز الغازات الدفيئة بفعل نمط الإنتاج الرأسمالي، وهو ما أدّى إلى تسارع الظاهرة وارتفاع متوسط الحرارة العالمية في فترة وجيزة.

كما أبرز الرحيلي اختلال العلاقة بين الشمال والجنوب: إفريقيا بأسرها لا تتجاوز 3% من الانبعاثات، وتونس لا تتجاوز 0.07%، ومع ذلك تدفع دول الجنوب الكلفة الأكبر من كوارث مناخية، جفافًا وحرائق وفيضانات، في حين تلوّح الدول الغنية بخطاب "محاربة الفقر" لتحويل الأنظار عن مسؤولية منظومتها الإنتاجية. واعتبر أن الحديث عن "العدالة المناخية" إذا اقتصر على تقاسم "نصيب من التلوّث" يبقى قاصرًا، وأن المطلوب هو انتقال عالمي جديد يُسائِل مباشرة المنظومة الرأسمالية التي تقف وراء اختلال الدورة المناخية.

وعند تطرّقه إلى التمويل الدولي للمناخ، عاد الرحيلي إلى تعهّدات باريس بضخّ 100 مليار دولار سنويًا لمساندة الدول المتضرّرة، مبيّنًا أن ما وُعِد به لم يتحقق بالكامل، وأن جزءًا مهمًّا من التمويلات يعود عمليًا إلى دول الشمال في شكل قروض مشروطة أو "خبرات" وتجهيزات مدفوعة. وهو ما يجعل الاستجابة العالمية للأزمة المناخية حتى اليوم غير منصفة ولا فعّالة.