نقابي

حين تواجه الحركة النقابية عاصفة التحولات : النساء والشباب في قلب الرهانات

الشعب نيوز / نصر الدين ساسي - اختتمت اليوم السبت 15 نوفمبر 2025 الجامعة النقابية للمرأة والشباب العامل أعمالها بتقديم قراءة شاملة للتحولات الاقتصادية والمناخية والتكنولوجية التي يمر بها عالم الشغل، مع إبراز انعكاساتها على النساء والشباب والحركة النقابية عمومًا، وصياغة جملة من التوجهات والتوصيات التي ينتظر تفعيلها في المرحلة القادمة.


---

1. ميزانية 2026: أزمة رؤية وتراجع للتشاركية

تركّز النقاش حول ميزانية 2026 على غياب البعد التشاركي والمرجعية الاستراتيجية، حيث صيغت الوثيقة المالية في غياب المخطط الوطني 2026–2030، ما جعلها أقرب إلى وثيقة محاسباتية تسيّر الواقع بدل أن تقترح حلولًا.

وتم اعتبار الفصل المتعلق بالزيادات في الأجور خروجًا عن المفاوضة الاجتماعية ومحاولة لفرض زيادات أحادية لا تستجيب لانهيار القدرة الشرائية.

وفي ضوء ذلك، برز اتجاه عام يؤكد ضرورة الدفاع عن التشاركية الفعلية في صياغة السياسات المالية، والعمل على إصلاح جبائي يعيد توزيع الأعباء بصورة عادلة، إلى جانب حماية مسار المفاوضة الاجتماعية باعتبارها جزءًا من التوازن الاجتماعي في لحظة اقتصادية دقيقة.


---

2. التغيرات المناخية والتلوث: أزمة وطنية تتطلب انتقالًا عادلاً

في محور المناخ والبيئة، ظهر توافق واسع على أنّ الأزمة البيئية في تونس تجاوزت الحدود التقنية وأصبحت مسألة وطنية تلامس الصحة والاقتصاد والمجتمع، خاصة مع تفاقم التلوث في قابس وصفاقس ومناطق أخرى.

وقد شدّدت النقاشات على أن الحركة النقابية مطالبة بإدماج البعد البيئي ضمن أولوياتها اليومية، ليس فقط لحماية العمال في مواقع الإنتاج، بل للدفاع عن الحق في بيئة سليمة كجزء من الحق في العيش الكريم.

وبرز توجه يدعو إلى الدفع نحو انتقال بيئي عادل يحمي العمال من فقدان مواطن الشغل، ويوجه السياسات الصناعية نحو احترام معايير السلامة البيئية، ويحفّز الدولة على وضع استراتيجية وطنية واضحة لإصلاح المنوال البيئي والصناعي بما يقلل الأضرار ويضمن توازنًا بين التنمية والحقوق.


---

3. التحولات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي: مهارات جديدة وحقوق مهددة

كشف محور التحولات التكنولوجية عن واقع جديد يتوسع فيه الاقتصاد الرقمي والعمل عبر المنصات والذكاء الاصطناعي، مع ما يرافقه من هشاشة متزايدة تطال النساء والشباب بصفة خاصة. وتوافق المشاركون على أن مواجهة هذه التغيرات تستوجب استثمارًا واسعًا في التكوين الرقمي وتأهيل الكفاءات، إضافة إلى تحديث منظومة الحماية الاجتماعية لضمان تغطية فئات جديدة من العاملين في الصيغ غير التقليدية. كما برزت الحاجة إلى إطار تشريعي ينظّم استخدام الخوارزميات داخل المؤسسات ويحمي البيانات الشخصية ويضمن شفافية القرار المهني، مع التأكيد على استباق اندثار بعض المهن بخطط نقابية لإعادة التأهيل والإدماج حتى لا تتحول الرقمنة إلى مصدر جديد للإقصاء.


---
4. نحو نقابة تستبق التحولات وتعيد بناء دورها في زمن جديد: 

تكشف خلاصات وتوصيات الجامعة النقابية عن منعطف حقيقي تعيشه الحركة النقابية في تونس، إذ لم تعد التحديات مقتصرة على الملفات الاجتماعية التقليدية، بل أصبحت ممتدة إلى مجالات المالية والبيئة والرقمنة. وقد برز بوضوح أنّ الحاجة اليوم ليست فقط إلى التفاعل مع هذه التحولات، بل إلى فهمها واستباقها وصياغة مواقف وخطط قادرة على التأثير فيها. وتؤكد الجامعة أنّ الدفاع عن الحقوق الاجتماعية بات مشروطًا بالقدرة على مرافقة التحولات الكبرى، وتنظيم العمل الرقمي، وربط النضال البيئي بالنضال الاجتماعي، والارتقاء بإدماج النساء والشباب من مستوى الهيكلة إلى مستوى المشاركة الفعلية في صياغة الحلول.

ومع اتساع دوائر الهشاشة وتحوّل العالم المهني تحت تأثير المناخ والرقمنة والذكاء الاصطناعي، تبدو الحركة النقابية مطالبة اليوم بإعادة بناء دورها التاريخي، وبأن تكون قوة اقتراح واستشراف. ورغم ثقل التحولات، خلص المشاركون إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل يمتلك، بفضل خبراته وقواعده، كل المقومات التي تجعله قادرًا على قيادة انتقال عادل وشامل يضمن الحماية، ويعيد الاعتبار للكرامة المهنية، ويفتح آفاقًا جديدة للنساء والشباب في المرحلة القادمة.


---

5. دعوة إلى تجديد أدوات الفعل النقابي: 

في ختام الأشغال، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، الأخ سمير الشفي، أنّ ما قدّمته الجامعة من نقاشات ومعطيات ورؤى يعكس القدرة الحقيقية للمنظمة على مواكبة زمن التحولات الكبرى. وشدّد على أنّ الاتحاد ليس مجرد قوة دفاع عن المكاسب، بل قوة مبادرة واقتراح، وأنّ المرحلة القادمة تتطلب وحدة نقابية صلبة، وتجديدًا لآليات العمل، واستثمارًا أكبر في تكوين النساء والشباب باعتبارهم في صدارة التحديات وفي قلب الحلول. وأكد أنّ «الاتحاد سيظل وفيًّا لرسالته في حماية الشغل والكرامة والبيئة والحقوق الاجتماعية»، وأنّ مخرجات الجامعة ستكون قاعدة للعمل وصياغة مواقف جديدة تعزز حضور المنظمة في معارك العدالة الاجتماعية القادمة.

تابعوا اخباركم و صوركم عبر الرابط التالي : https://tinyurl.com/achaab-naqaby