النقابات والصحة والسلامة المهنية وضرورة التوثيق مع حرية العمل النقابي
بقلم د. بدر السماوي
أكد المشاركون في الندوة الندوة الافتراضية التي نظمها المركز الدولي للتدريب التابع لمنظمة العمل الدولية خلال شهر أوت الماضي لفائدة النقابيين الناطقين باللغة العربية حول واقع الصحة والسلامة المهنية على الحاجة الملحة إلى توثيق العلاقة بين الصحة والسلامة المهنية وحرية العمل النقابي داحل المؤسسة من أجل توفير مناخ ملائم ينهض بالمؤسسة اقتصاديا ويحمي العامل صحيا ويوفر للطرفين مناخا اجتماعيا سليما. ويرتبط التوصل إلى تحقيق هذه الأهداف بمدى ضمان شروط العمل اللائق ومراعاة الأحكام الأساسية لمعايير العمل الدولية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية.
مسؤولية مشتركة
ومن البديهي أن المسؤولية الأولى في مجال الصحة والسلامة المهنية تلقى على كاهل المؤجر الذي عليه السهر على صحة العمال في أماكن العمل وتوفير ظروف عمل وبيئة ملائمة وحماية العمال من مخاطر الآلات والمواد والمعدات المستعملة. كما أن من واجبه توفير وسائل الوقاية الفردية والجماعية وتدريب العمال على استعمالها وإعلام العمال وتوعيتهم بمخاطر المهام التي يمارسونها. لذلك حمّلت كل التشريعات في العالم كلفة التأمين على الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية على كاهل المؤجر وأعفت منها العمال. إلاّ أن نفس التشريعات ألقت المسؤولية في الوقاية من الأخطار المهنية على كاهل الأجير حيث ألزمته باستعمال وسائل الوقاية الموضوعة على ذمته والمحافظة عليها وعدم ارتكاب أي فعل من شأنه عرقلة تطبيق قواعد الصحة والسلامة المهنية وأجبرته على إبلاغ الرئيس المباشر بكل خلل يلاحظه من شأنه أن يتسبب في خطر على الصحة والسلامة المهنية ودعته أيضا إلى المشاركة في الدورات التكوينية. وتلقى المسؤولية على أطراف أخرى مثل طبيب المؤسسة والطبيب متفقد الشغل والهياكل الرسمية المكلفة بالصحة والسلامة المهنية.
دور النقابات
ومن خلال الواجبات المحمولة على الأجير تندرج مسؤولية النقابات التي عليها الاطلاع على الاتفاقيات والقوانين والنصوص الترتيبية المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية وتفعيل دور المسؤول عن الصحة والسلامة المهنية في الهياكل النقابية وتوفير المواد التوثيقية والإعلامية لديه ونشرها وتعميمها على كافة العمال. ومن واجبها أيضا مد العمال بالمعلومة المفيدة والمحيّنة والخصوصية حسب موقع العمل والآلة المستعلمة وحث العمال على استعمال وسائل الوقاية الفردية وحثهم أيضا على الصيانة والمحافظة على وسائل الوقاية الجماعية. ويطرح عليها أيضا إبلاغ المعلومة حول واقع الصحة والسلامة وحوادث الشغل والأمراض المهنية المسجلّة إلى الهياكل الرسمية والنقابية.
الاتحاد والصحة والسلامة المهنية
وفيما يتعلق بدور الاتحاد العام التونسي للشغل في هذا المجال فقد كان دائم الحرص على الصحة والسلامة المهنية للأجراء فقام منذ تسعينات القرن الماضي بإحداث قسم ضمن هياكله الوطنية والقطاعية والجهوية يعنى بالصحة والسلامة المهنية إلى جانب عنايته بالتغطية الاجتماعية قبل أن يتغير اسمه منذ المؤتمر الثالث والعشرون إلى قسم الحماية الاجتماعية. وتتضمن لوائح المؤتمرات الوطنية والقطاعية والجهوية والمحلية توصيات تتصل بالصحة والسلامة المهنية. ومن ناحية أخرى أصبحت عديد القطاعات تدرج ضمن برامجها التكوينية حصصا تعنى بالصحة والسلامة المهنية بل إن بعض الجامعات مثل المعادن والبلديين أعدت دليلا حول الصحة والسلامة المهنية. ويشارك الاتحاد في اللجنة الوطنية للجائزة الوطنية للصحة والسلامة المهنية المكلفة بإسناد الجائزة الوطنية للصحة والسلامة المهنية التي تسلم يوم غرة ماي من كل سنة إلى المؤسسة التي تتميز بمجهوداتها المتواصلة في مجال الصحة والسلامة.
ورغم كل هذه المجهودات فإنه لا بد من دعوة الهياكل القاعدية وخاصة النقابات الأساسية إلى مزيد الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية وإعطائها الأولوية في المطالب النقابية والحرص على تحقيقها قبل الحرص ، إن لزم الأمر، على تحقيق مطالب أخرى بما فيها الزيادات في الأجور.