جمعية المخرجين السينمائيين التونسيين تستنكر التدخل الإداري في حفل إختتام أيام قرطاج السينمائية

الشعب نيوز / ناجح مبارك - لا يمكن النظر إلى ما شهدته الدورة السادسة والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية من أزمة غير مسبوقة مع لجنة التحكيم الدولية بوصفه حدثًا معزولًا أو خلافًا ظرفيًا.
فهذه الأزمة تمثل، في عمقها، مؤشرًا خطيرًا على اختلالات بنيوية تطال إدارة الشأن السينمائي والثقافي في تونس، وتكشف غياب سياسة واضحة تحمي استقلالية القرار الفني وتضمن احترام الأعراف المهنية الدولية.ذلك ما توقف عنده بيان اعضاء جمعية المخرجين السينمائيين التونسيين .
* شكر طارق بن شعبان
لقد شكّلت الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية، من حيث اختياراتها الفنية وبرمجتها، ثمرة عمل جاد قاده السيد محمد طارق بن شعبان وفريقه الفني، في سياق إقليمي ودولي شديد المنافسة و بالغ التعقيد.
وهو جهد يستحق التنويه و التثمين، باعتبار أنّ مهرجان أيام قرطاج السينمائية يُعدّ مكسبًا سينمائيًا و ثقافيًا وطنيًا وإفريقيًا وعربيًا، وفضاءً تاريخيًا لحرية التعبير واستقلالية الرؤية والدفاع عن القيم الإنسانية عبر السينما.
غير أنّ ما رافق حفل الاختتام من تدخلات إدارية حسب بيان الجمعية أفضت إلى تهميش دور لجنة التحكيم الدولية، وفرض صيغ لا تحترم الأعراف المعمول بها في المهرجانات الدولية، كشف عن منطق تدخّلي يخلط بين التسيير الإداري والقرار الفني، ويقوّض أسس الاستقلالية التي يقوم عليها أي مهرجان ذي مصداقية.
* استقلالية القرار الفني
وقد جاء موقف لجنة التحكيم، المتمثل في الانسحاب من حفل الاختتام، بوصفه فعلًا احتجاجيًا أخلاقيًا دفاعًا عن كرامة التحكيم واستقلاليته، ليطرح سؤالًا جوهريًا يتجاوز هذه الواقعة: كيف يمكن لمهرجان عريق أن يحافظ على مكانته إذا ظلّ القرار الفني عرضة لتدخلات إدارية غير محددة المعايير؟
وترى جمعية المخرجين السينمائيين التونسيين أنّ هذه الأزمة تعكس، في عمقها، غياب سياسة ثقافية وسينمائية متكاملة، وافتقارًا واضحًا إلى :
- رؤية واضحة لإدارة المهرجانات الكبرى
- تحديد دقيق للأدوار والصلاحيات بين الإدارة الفنية والسلطة الإدارية
- آليات حوكمة تحمي القرار الثقافي من الارتجال والتدخل
- إرادة سياسية تعتبر الثقافة والسينما رافعة سيادية لا ملفًا ثانويًا
إنّ ما حدث في الدورة 36 يجب أن يكون نقطة تحوّل لا مناسبة للإنكار أو التبرير. فالأزمة لم تعد تخصّ مهرجانًا بعينه، بل تعكس وضعًا عامًا للقطاع السينمائي، يتّسم بالتهميش، وغياب الاستقرار المؤسساتي، وانعدام الثقة بين الفاعلين الثقافيين والهياكل الرسمية.
وعليه، ترى جمعية المخرجين السينمائيين التونسيين أنّ المرحلة الراهنة تفرض الانتقال من منطق التشخيص والنقاش إلى منطق القرار والفعل، وتدعو إلى الشروع الفوري في الإجراءات التالية :
- تحصين الاستقلالية الفنية لأيام قرطاج السينمائية ولجان تحكيمها قانونيًا ومؤسساتيًا
- وضع إطار حوكمة واضح يضمن الفصل الصريح بين الإدارة الفنية والتدخلات الإدارية
- مساءلة منطق التسيير الثقافي القائم ومراجعته على أسس الشفافية والكفاءة
- إرساء سياسة ثقافية وسينمائية واضحة المعالم، قائمة على احترام الإبداع واستقلالية القرار الفني
إنّ الدفاع عن لجنة تحكيم الدورة 36 كما ختم البيان هو في جوهره دفاع عن معنى المهرجان، وعن استقلالية الثقافة، وعن حق السينمائيين في فضاءات حرّة ونزيهة، كما هو دفاع عن صورة تونس الثقافية ودورها التاريخي كمنارة فكرية وسينمائية .