آراء حرة

وزارة الشؤون الاجتماعية والحد الأدنى من الأولويات

بقلم د. بدر السماوي

" وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة سيادية لها دور هام في هذه المرحلة الدقيقة للنهوض بالأوضاع الاجتماعية لكل فئات المجتمع و تحقيق انتظارات الشعب التونسيوتطلعاته" ذلك ما صرح به الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي خلال حفل تنصيب السيد مالك الزاهي وزير الشؤون الاجتماعية يوم 12 أكتوبر الجاري. ولم يكن هذا الموقف من باب المجاملة أو المبالغة بل يعود إلى الدور الحساس الذي ستتحمله وزارة الشؤون الاجتماعية بسبب تراكم تردي الوضع الاجتماعي خلال السنوات الماضية. لذلك فإن تحديد الأولويات في ظل ظروف استثنائية يتطلب الكثير من الوعي بخصوصية المرحلة الصعبة للبلاد من ناحية أولى والاستعداد لتلبية الحد الأدنى من الاستحقاقات الاجتماعية من ناحية ثانية بما من شأنه أن " يعيد ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ويقرب الخدمات إليه ويساهم في بناء الدولة الاجتماعية والعدالة التي تحقق الكرامة لكل التونسيين دون استثناء"مثلما ورد في كلمة وزير الشؤون الاجتماعية في حفل تنصيبه.

تنشيط الحوار الاجتماعي

يعتبر الحوار الاجتماعي بين الشركاء الاجتماعيين أداة ضرورية بالنظر إلى التحديات المتزايدة التي أصبحت تعترض سوق الشغل والتي زادت الحاجة له بمناسبة جائحة الكوفيد 19 مما يطرح بإلحاح تنشيط المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وتفعيل لجانه وهياكله. ورغم أن رئاسة المجلس تتم بالتداول بين الشركاء الاجتماعيين وهي حاليا بيد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل فإن هذا لا يقلل من دور الوزارة في الحرص على تنشيط أعمال المجلس طالما أن التسيير الإداري والمالي للمجلس يتولاه مدير يتم تعيينه بمقتضى أمر حكومي مثلما نص على ذلك القانون المحدث للمجلس.

تحسين التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية

من الملح إتمام تسوية نقاط الخلاف حول مشروع الأمر الحكومي المتعلق بتنقيح الأمر عدد 499 لسنة 1974 المتعلق بنظام جرايات الشيخوخة والعجز والباقين بعد وفاة المنتفع بجرايةفي الميدان الغير الفلاحي. ومن شأن إصلاح أنظمة التقاعد التي يتصرف فيها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يقلص ولو بصفة محدودة من عجز توازناته في أنظمة الجرايات وأن يحقق المساواة بين المضمونين الاجتماعيين في القطاعين العمومي والخاص بعد صدور القانون عدد 37 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أفريل 2019 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي. كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية مدعوة بحكم إشرافها على الصناديق الاجتماعية إلى الحرص على توجيه موارد المساهمة الاجتماعية التضامنية إلى الصناديق الاجتماعية وتوزيعها بينها طبقا لمصادرها حتى تحقق الهدف الذي أحدثت من أجله.

تنقية المناخ الاجتماعي

إن الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد لا تحول دون الدخول في المفاوضات الاجتماعية الدورية في القطاع الخاص التي تم إرجاؤها بسبب جائحة الكورونامما يطرح على الوزارة الدفع بها ورعايتها من أجل تنقية المناخ الاجتماعي في المؤسسات على أن يكون الحوار سبيلا إلى تحقيق ما يضمن ديمومة المؤسسة وتحسين ظروف العامل الذي تدهورت مقدرته الشرائية بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة. ولا مفر أيضا من احترام استمرارية الدولة من خلال حرص الوزارة على تنفيذ الاتفاقات المبرمة في إطار احترام استمرارية الدولة مثلما أكد على ذلك بيان المكتب التنفيذي للاتحاد الصادر بتاريخ 16 أكتوبر 2021.

كما يستوجب من أجل تنقية المناخ الاجتماعي إيلاء الاهتمام إلى الأعوان العاملين في الهياكل التابعة للوزارة والمؤسسات التي تشرف عليها لدورهم في تنفيذ السياسة الاجتماعية وتجندهم لتنفيذ الإجراءات الحكومية المرتبطة بالتخفيف من التداعيات الاجتماعية للوباء معرضين صحتهم للخطر ومتحملين ردود فعل المواطنين الناتجة عن القرارات الحكومية الارتجالية. لذلك فإن الوزارة مدعوة إلى تسوية الملفات المؤجلة ومنها على سبيل الذكر إرساء الوكالة الوطنية للإدماجوالتنمية الاجتماعية وإصدار القانون الأساسي لأعوان الصناديق الاجتماعية.