ثقافي

المنصات الرقمية والسينما والتحدي الجديد

——————————-" حسني عبد الرحيم"
السينما كما عرفناها كانت لها طقوس إجتماعية..فمشاهدة فيلم فى نهاية الأسبوع كانت طقسا متكاملا ،جماعيا وإجتماعيا ..بصحبة العائلة والاصدقاء بمصاحبة الحبيبة أو الخطيبة ! إصطحاب الاطفال في أفلام معينة حتى يستمتعوا بمشاهدة شرائط الرسوم المتحركة وأشهرها "توم وچيرى "قبيل مشاهدة فيلم الكبار الأساسي..

عند الخروج من دار العرض نذهب لشراء المشروبات أو الجلوس مع المعارف في قهوة لمناقشة ما رأيناه! التليفزيون شكل تحديا كبيرا للمشاهدة السينمائية وتقاليدها.. لكن بما أن الأفلام لاتقدمها محطات التلڤزيون إلا بعد حين، ظلت السينما تقاوم لكنها تضعف!

كانت الصالات واسعة تضم مئات وفي بعض الحالات آلاف المقاعد بما نسميه "تياترو دي سينما" ثم تحولت لمركبات Complexسينمائية تضم قاعات صغيرة متعددة مبرمج بها العديد من الأفلام و تضم عددا محدودا من المقاعد وصارت تقام داخل المجمعات الإستهلاكية الكبرى ك"كارفور" و"ويلمارت"و"الچيان".

تشاهد فيلم وتذهب مباشرة للتسوق وتهبط للباركينق أسفل المركب التجاري لتركب سيارتك ،وتذهب مباشرة للدار..الآن ظهر تحدّ جديد ربما يصير قاتلآ للمشاهدة السينمائية وهو المنصات الرقمية والتى تبث الأفلام مباشرة بعد دخولها سوق التوزيع وبإشتركات معقولة ومتناقصة وربما تصير مجانية لتعتمد ماليآ فقط على الإشهارات .

الآن بإمكانك مشاهدة غالبية الأفلام الحديثة والقديمة وأنت تجلس في صالونك أو مسترخي في سريرك ودون الخروج ودون مقابلة الأصدقاء ولا إصطحاب الاسرة لسهرة أسبوعية متكررة !

المناقشة بشأن هذا التحدي الجديد جرت فى فوروم أساسي بأيام قرطاچ السينمائية والمتحدثون من السينمائيين من جنسيات ومجالات مختلفة ناقشوا هذا الوضع من الناحية التجارية بشكل رئيسي إذ أن الموارد المالية المتحققة من المنصات وتوسع عدد الإشتراكات سيسمح بإستمرار الإنتاج السينمائى وحتى ستبقى بعض الصالات مفتوحة للمشاهدين ..

هذا إطمئنان وتفاؤل لا نوافقهم عليه فألسينما كحالة ثقافية إجتماعية تشكلت فى القرن العشرين وخيضت بواسطتها معارك سياسية وإجتماعية كبرى وشكلت معلم طقوسي لثقافة القرن وأصبحت تنافس دور العبادة والحانات وهي الآن في خطر داهم!

طبعآ لن تنتهى مشاهدة الشرائط المصورة عبر التلڤزات وسيشترك عدد أكبر من السكان فى المنصات الرقمية ليشاهدوا الأفلام الحديثة والكلاسيكية لكن المشاهدة والتفاعل والطقس الإجتماعي الذي نسميه السينما ربما سيزول ضمن أشياء كثيرة كانت تصاحبه وتتفاعل معه وتشكل محتواه .