وثائقي

الاتحاد منظمة شعبية جماهيرية لم تبعث بقرار رئاسي أو أمر علي والنقابيون في مقدمة كل حركة تقدمية

[ من أبرز حيثيات محكمة أمن الدولة التي انعقدت في خريف 1978 للنظر في قضية قيادة الاتحاد مداخلة صدرت عن جهة صفافس وأثارت ضجة غير مسبوقة حيث اعتبرها أقطاب الحكم أنذاك مؤشرا على مضي الاتحاد في مسار الاستقلالية التامة بل وعصيانا على ما كان سائدا من اجماع. وللعلم فإن المجلس المشار اليه اتخذ قرارات صعبة منها استقالة قياديي الاتحاد من هياكل الحزب الحاكم وإعلان مبدإ الاضراب العام الاحتجاجي.]


في الجزء الأول من المداخلة، نقرأ تفاصيل عن أهمية الاتحاد العام التونسي للشغل في حياة البلاد والشعب عموما ووقفتها الدائمة مع العمال ومنتسبي الطبقات الشعبية.


 انه لمن دواعي الشرف والمجد ان أقف بينكم اليوم لأعبر لكم عن تحيات اخوانكم الشغالين من ارض شهداء 5 أوت اليكم والى رئيس المجلس القومي الموقر بطل 5 اوت ورائد الحركة النقابية حاضرا ومستقبلا رغم كيد الكائدين ومناورات الحاسدين الماكرين وبتأييد مطلق من النقابيين الصادقين.
 
منظمتنا محط آمال الملايين من الشغالين
باسم وفد جهة صفاقس لمجلسكم الموقر اتقدم اليكم بهذه الكلمة المعبرة بعمق عما يشعر به كل الاخوان المنضوين بالاتحاد العام التونسي للشغل بالجهة اذ جاءت اثر الاتصالات المكثفة التي قامت بها القيادات النقابية مع العمال ضمن اجتماعات نظمتها نقاباتهم الاساسية حتى تكون الكلمة قاعدية تعبر بصدق وإخلاص وموضوعية وشمول لمدى المسؤولية التي سيتحملها مجلسنا المحترم في مسيرة منظمتنا النقابية التي شاءها  الله ان تكون محط آمال الملايين من الشغالين وغيرهم لإنقاذ الوطن من الهوة السحيقة التي أردته فيه مجموعة  ممن لا اخلاق لهم نحو تيار الظلم والقهر والكبت والحرمان والتصلب .
ان شرف الانتساب إلى هذه المنظمة نتيجة حتمية للأيادي البيضاء التي قدمتها للبلاد في عهد التحرير والبناء ولا ينكر الا الجاحد العاق انها مدرسة الشعب وان اي تونسي مدين لهذه المنظمة للخدمات التي ما انفكت تقوم بها لفائدة البلاد.
واذا تأسست هذه المنظمة على مبادئ سامية لتناضل على هديها فان هذه القيم تقلصت في النصف الثاني من الستينات فانخرم النظام وهوت البلاد نحو الفوضى والكبت والظلم وبرجوع المناضلين الثابتين سنة 70  وفي مقدمتهم رفيق حشاد الرائد الحبيب عاشور ، اعادوا  إلى المنظمة منزلتها وكرامتها ومبادئها وبذلك تجمع العمال تلقائيا حول منظمتهم في انضباط والتزام مما لم يترك الفرصة للمستغلين من النقابيين المزيفين الذين اتخذوا من الحزب مقرا للتجمع والتآمر   على هذا التنظيم المقدس الذي يبني عمله على نصرة الحق مقدما من اجل ذلك كل التضحيات مهما عظمت.


الاتحاد منظمة شعبية جماهيرية  
ان منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل لم تنبعث بقرار رئاسي او ملكي وان مؤسس هذه المنظمة العتيدة لم يقدها بأمر عَلِيٍّ وانما هي منظمة شعبية جماهيرية اسسها احد ابناء هذه الجماهير واختارته على رأسها ولذلك نقول لمن يخيل اليهم ان بأيديهم الحل والعقد انكم تخطئون كحالكم دائما اذا تعتقدون ان قرارا رئاسيا  قادرا على حل المنظمة وبعث  غيرها وان امرا عَلِيًّا كافٍ لتنحية قائدها وتنصيب غيره ونقول لهم ايضا ان لكم عذركم في هذا الخطأ لأنكم لا تعرفون الجماهير وغضبها وكيف لكم ان تعرفوا الجماهير وعلاقتكم بها قائمة على امتصاص دمها وتفقيرها باستمرار ظنا منكم انها كالأنعام تساق الى حيث تشاؤون ولكن هيهات ان تساق جماهيرنا بعد اليوم. 
ان شعبنا سيملي ارادته وهو الذي سيصنع القرار وسينفذه وستظل منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل وفيّةً لمبادئنا  الثورية التي ركزت على يدي الزعيم خالد الذكر فرحات حشاد وهي المبادئ القائمة على الحرية والديمقراطية والاستقلالية وستستمر ملتصقة بالجماهير تدافع عن قضاياها وتناضل من اجل سيادتها وكرامتها وحريتها ورفعتها المادية والأدبية.
 ان منظمتنا اصبحت قبلة كل مسحوق وكل مظلوم وكل متعطش للحرية والديمقراطية من شمال البلاد وإلى جنوبها من شرقها وغربها فهل نخذلهم، هؤلاء الصناديد ابناء شعبنا الابي، ونميّع قضيّتهم ام ننصرهم وننصر انفسنا باعتبارنا كادحين جميعا الفت بيننا قضية ومبدأ وهما افضل ما يؤلف بين العقول والقلوب؟
ان الجواب ليس وليد هذه الساعة ايها الاخوة لقد اجابت منظمتنا عن هذا التساؤل منذ اليوم الذي بعثت فيه بالفعل الحاسم والشجاع وهي لن تتخلى عن دورها التاريخي كلفها ذلك ما كلفها بل على العكس اننا مجتمعون ههنا اليوم لنحمل بأمانة آراء وافكار قواعدنا بهدف درس سبل تصعيد النضال في خطة اكثر احكاما ونجاعة واخذ القرارات  المعبرة عن مطامح الجماهير التي وضعت ثقتها فينا وتنظر من خلالنا الى مستقبلها بعيون التفاؤل والبشر رغم آلامها ومعاناتها فلنكن عند حسن ظن الجماهير بنا وَلْنَمْضِ بشجاعة وايمان وقوة وحماس متلاحمي الصفوف بعزيمة فولاذيّة والنصر للجماهير.


النقابيون في طليعة كل حركة تقدمية
  ان اجتماعنا اليوم في ظرف لا نعتقد اننا في حاجة كبيرة الى اعادة سرد تفاصيله لإصلاح بعض الشيء او ترقيع البعض الاخر اننا الان امام وضع متعفن منخرم وان كنا نريد فعل شيء ما فَلْنَتَعَرَّفْ على طبيعة هذه العفونة وهذا الانخرام قبل كل شيء وقد صدق حشاد حين قال عن دور النقابيين في هذا المجال: «ترون النقابيين في كل البلدان يتبوّؤُن مقاعدهم في طليعة كل حركة تقدمية وفي مقدمة كل عمل يهدف الى ضمان الاستقلال الوطني والحرية لبلاده ومن اجل تأليب النقابيين في العالم للتشهير اولا وللإطاحة ثانيا بكل انواع الديكتاتورية والاستبداد وبكل الوان واشكال الاستعمار التي قامت او مازالت قائمة في بعض بلاد الدنيا».