في الدور السياسي لاتحاد الشغل
يلام على الاتحاد العام التونسي للشغل سواء في فترة حكم الترويكا النهضوية أو اليوم مع قيس سعيد تدخله في الشأن السياسي. والحال أن هذا الدور السياسي يندرج من ناحية ضمن سياق تاريخي وكذلك وبشكل أعم ضمن دور تشكيلات المجتمع المدني في الحالات السياسية الاستثنائية.
فعلى المستوى التاريخي تأسس الاتحاد في سياق الاستعمار بعد مسار طويل من التجارب النقابية بدأت منذ العشرينات من القرن الماضي. أي أن وجوده سابق لإعلان الدولة المستقلة بعشر سنوات. وهو ما يعطي لهذه المنظمة نوعا من العمق التاريخي ومن الشرعية النضالية السياسية. لكن الأهم من ذلك يبقى فهم الدور السياسي لهذه المنظمة في سياق أشمل يتجاوز الحالة التونسية.
نوضح بداية أن السياسة المتحدث عنها هنا لا تعني التدخل في شأن الحكم أو المنافسة من أجله. بل الحديث فقط عن اتخاذ موقف سياسي في سياقات خاصة. فبالرغم من أن دور النقابات الأساسي هو الدفاع عن المصالح الاجتماعية لمنظوريها، إلا أنه بإمكانها لعب دور سياسي بارز في سياقات تاريخية استثنائية. السياق الاستثنائي الأول هو سياق الاستعمار. وقد لعبت عديد النقابات في العالم دورا في النضال من أجل الاستقلال. وكان هذا شأن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي خاض عديد الإضرابات في دعم للحركة الوطنية السياسية. السياق الثاني هو سياق التسلط السياسي.
ويمكن أن تلعب النقابات دورا سياسيا في الدفاع عن الحريات خاصة في ظل ارتباط فاعلية العمل النقابي بحد أدنى من الاستقلالية عن السلطة. وكان الاتحاد حاضرا في عديد المحطات مع نهاية السبعينات أو من خلال فتح مقراته للمعارضين وللمحتجين أثناء. وحتى جذور المطلبية الديمقراطية في تونس تعود إلى مبدأ الاستقلالية الذي تأسس عليه العمل النقابي في تونس منذ العشرينات.
أما السياق الثالث فهو سياق بناء الدولة أو إعادة البناء الشاملة كما حصل بعد الثورة. وكان اتحاد الشغل حاضرا في أول انتخابات بعد الاستقلال من أجل كتابة دستور الدولة، كما كان حاضرا بعد الثورة سواء في المرحلة الانتقالية سنة 2011 أو في رعاية الحوار الوطني. اليوم في تونس يتجمع سياقان، سياق التأسيس، الذي من المفروض أن يكون ديمقراطيا، وسياق متعارض يتجه نحو الحكم الفردي. والاتحاد كسائر التشكيلات الوسيطة هي في قلب دورها الطبيعي اليوم.
الاستاذ عادل اللطيفي