وثائقي

محمد بن الناصر محامي النقابيين في 1978:لا أريد أن اقف موقفا مخجلا في قضية تاريخية

[ وقف المحامون دوما الى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل وقادته ونقابييه. فقد دافع أولئك عن هؤلاء، دفاعهم عن القضايا العادلة وانتصارهم للحق. في كل القضايا الكبرى وخاصة تلك التي تعرض فيها النقابيون الى مظالم السلط الحاكمة، كان المحامون في المقدمة، في سنة 1947 دفاعا عن الحبيب عاشور اثر اضراب 5 أوت ،1947 وفي 1965 دفاعا عن الحبيب عاشور في قضية عرفت باسم باخرة قرقنة، في 1978 دفاعا عن كامل قيادة الاتحاد اثر اضراب 26 جانفي وكذلك أيضا في 1985 اثر تعمد السلطة إزاحة القيادة الشرعية.
نستحضر في سلسلة من الحلقات صولات عدد كبير من المحامين دافعوا عن قيادة الاتحاد أثناء محاكمتها خريف 1978 بتهم المسؤولية عن الاحداث التي ترتبت عن اضراب 26 جانفي 1978.]

نبدأ هذه السلسلة بواحد من كبار المحامين في تاريخ المحاماة التونسية، الأستاذ محمد بن ناصر أصيل مدينة قفصة ومناضل الحركة التحريرية بقيادة الزعيم النقابي والوطني أحمد تليلي.  


المحامي محمد بن ناصر
قال في مرافعته:

في أول جلسات هذه المحاكمة، تقدّمت بطلب لجنابكم تمثّل في التخلي، نظرا لعظمة المسؤولية الملقاة على عاتقي، ما دمت سأدافع عن متهمين مهدّدين بصرامة الفصل 72 من القانون الجنائي الذي يقتضي عقوبة الاعدام، ولم أتعوّد طوال حياتي في الدفاع الاّ القيام بواجبي كما يلزم لمساعدة القضاء حسبما منحني الله من مقدرة في الاطلاع على الملف ومعرفة القانون.
وجُوبهت برفض الطلب الذي قدّمته وهو السبب الذي جعلني أرى أنّه من المستحيل عليّ تأدية واجبي فانسحبت لأنّي لا أريد أن أقف موقفا مخجلاً في قضية تاريخية كهذه خاصة وأنّي سأدافع عن كل المتهمين واعتقدت أنّ مطلبي منطقي لا تكمن وراءه سوء نيّة أو سوء مقصد.
وما راعني الاّ والمحكمة تعينني بقرار منها فجئت احتراما للقانون وتتبعت القضية من أولها إلى آخرها وأعدت القول لجنابكم بأنّه في نهاية المطاف لن أستطيع ان أناقش الملف ما دمت لم أطلع عليه.
ولا أعتبر هذا من قبيل الامتناع عن المرافعة والله يقول في كتابه العزيز «لا يكلّف الله نفسا الاّ وسعها».
وتكليفي أنا بما لا يُطاق في هذه القضية اعتبره غير معقول، لأنّني لم أستطع منذ وقت تسخيري الاطلاع على الملف.
وأرى من ناحية أخرى أنّ القانون نفسه نص في الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية بوجوب استشارة الشخص الذي عيّنتم محاميا للدفاع عنه واعلامه بأنّ محاميه قد انسحب.
وأنا شخصيا أعتبر من باب تعجيزي عندما تكلفونني وجوبا بالدفاع بعد أن تخلّيت ويبقى السبب الذي تخلّيت من أجله قائما.
ولهذا فإنّه لم يبق لي في هذه الحالة الاّ التمسّك بما قاله المنوبون حول براءتهم وأطالب بترك سبيلهم والحكم بعدم سماع الدعوى القائمة ضدّهم.
٭ (يوجّه الرئيس سؤالا للأستاذ بن ناصر).
الرئيس: لقد رأت المحكمة أن يبقى الأستاذ بن ناصر على صفته الأولى وهو الذي كان محاميا أصليا، لذا فلا يسعه الاّ أن يدافع في القضية طبق ما يقتضيه الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية الذي يقول أنّ المحامي واجب حضوره مع المتهم.
الأستاذ بن ناصر: لقد حضرت وتتبعت سير القضية وطالبت في دفاعي بترك السبيل.
الرئيس: انّنا نسجل لك ذلك.
الأستاذ بن ناصر: نعم.