المحاكمة 45: الدالي الجازي، «من لم يسمع شيئا ولم ير شيئا فإنّه لا يقول شيئا».
كان الأستاذ الدالي الجازي (الثاني على يمين القارئ) في تاريخ انعقاد المحكمة للنظر في قضية النقابيين شابا صغيرا وحديث عهد بالمحاماة. ولكن ذلك لم يمنعه من البروز كمدافع عنيد عن الحق. الدالي الجازي كان في ذلك الوقت أيضا عضوا بارزا في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي كان يترأسها الراحل الكبير أحمد المستيري. أصبح بعد 7 نوفمبر 1987 من مؤيدي الرئيس بن علي حيث عمل معه كوزير للصحة وللتعليم العالي.
قال في مرافعته أمام محكمة أمن الدولة:
بالرغم من صغر سنّي يمكن لي أن أقول أنّني من أقدم المحامين الذين دخلوا محكمة أمن الدولة فهذه المحكمة هي محكمة ذات صبغة سياسية وغير ملائمة للدستور ممّا من شأنه أن يهدّد بعض الضمانات ومنها ضمانات الدفاع.
ـ قاطعه الرئيس بقوله:
قانون أحداث محكمة أمن الدولة تداوله مجلس الأمة وصادق عليه ولم يبق أي موجب للحديث عنه.
عاد الأستاذ الجازي ليقول رجائي أن تقع معاملتي من طرف المحكمة مثلما عُومل ممثّل النيابة.
الرئيس: النيابة لم تخرج عن القانون.
الأستاذ الجازي: انّ القانون يسمح لي بنقد القانون وان لي فيه رأيي الخاص كما أرجو عدم مقاطعتي.
وواصل الأستاذ الجازي: كنت أعتقد انّ الصعوبات التي لم يقع تلافيها في هذه القضية لن تمنعني عن أداء الواجب الملقى على عاتقي حسبما يمليه على القانون وما يمليه على ضميري لكن للأسف منذ انطلاق القضية وجدنا أنفسنا في مشاكل متعدّدة يفرض القانون ان المحامي يتصّل بالوثائق 24 ساعة بعد مثول المتهم لدى حاكم التحقيق وكان السيد حاكم التحقيق يقول لنا بلياقة «ستتصلون بها بعد».
وبقينا على هذه الحالة إلى أن جاءت الشرطة إلى ديارنا تبلغنا استدعاءات لحضور الجلسة التي فوجئت شخصيا بتاريخها.
وأضاف المحامي: انّه من المستحيل أن يقول أي انسان أنّه اطلع على ملف القضية فهل يقول انّه بإمكانه المرافعة فيها.
وأضاف: إنّي أعتقد أنّه لم يقع احترام الاجراءات القانونية التي نصّ عليها الفصل 141 من مجلة الاجراءات الجزائية فأنا حضرت إلى المحكمة ولا أملك ورقة واحدة من الملف وأنا أجد نفسي في قضية لا أعرف عنها الاّ القليل فكيف يمكن لي أن أبسط لكم وجهة نظري.
ففي خصوص الشكل أنا متمسّك بما جاء في مرافعات الزملاء وفي الأصل أقول ما ورد في الحكمة الصينية «من لم يسمع شيئا ولم ير شيئا فإنّه لا يقول شيئا».