العاملون بوكالة تونس إفريقيا للأنباء يحتجون ويلوحون بالتصعيد
أثار تعيين كمال بن يونس على رأس الادارة العامة لوكالة تونس افريقيا للأنباء ( وات)، رفضا واسعا من طرف العاملين في الوكالة حيث انطلق منذ أربعة أيام ويتواصل اعتصام مفتوح بمقرها يدعو الى التراجع عن هذا التعييين الحزبي والسياسي .
وفي أولى ردود الفعل الرافضة لتعيين بن يونس على رأس الوكالة، أصدرت النقابة الأساسية بوكالة تونس افريقيا،بيانا ، عبرت فيه عن رفضها للتعيينات السياسية على رأس المؤسسة، مؤكدة، تمسكها بأن تكون التعيينات على أساس البرامج. ودعت النقابة الحكومة إلى التراجع عن هذا التعيين، مطالبة باعتماد مقاييس واضحة في التناظر تنأى بالمرفق الاعلامي العمومي عن المحاصصات الحزبية.
وذكرت النقابة أن صحفييها وكامل طاقمها العامل من موظفين وأعوان التزموا منذ ثورة 2011 بأداء مهامهم المهنية في كنف المسؤولية والحياد من كل الأطراف السياسية والاجتماعية.
كما وجددت النقابة التزام عموم منظوريها بمضاعفة العمل والجهد من أجل ضمان مشهد إعلامي وصحفي متوازن يحفظ حق جميع المواطنين في الوصول إلى المعلومة. وحذرت من أن تعيين أي شخص له ارتباطات ومحسوب على كيانات سياسية وحزبية في إطار المحاصصة سيلقى الرفض من طرف عموم أبناء وبنات وكالة تونس افريقيا للأنباء.
ودعت النقابة كل القوى الحية والرئاسات الثلاث إلى صون مقام الوكالة وعدم الاضرار بصورتها والمس بحيادها، مشددة على تعهدها بضمان الموضوعية في نشر كافة الأعمال الصحفية.
وتجدر الاشارة الى ان العاملين في (وات)، كانوا قد قرروا الدخول في اعتصام مفتوح عقب تعيين كمال بن يونس على رأس مؤسستهم في خطة رئيس مدير عام للمؤسسة وهو تعيين وصفه المحتجّون ب "السياسي والحزبي المفضوح ". وأكد المحتجون رفضهم القاطع التعامل مع بن يونس " لما في سجله الشخصي، قبل الثورة، من انتهاكات لحرية الصحافة والتعبير والعمل النقابي الحرّ، وامتهان للدعاية للدكتاتورية، ومحاولات لضرب استقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومواصلته، بعد الثورة، خدمة أجندات سياسية مفضوحة"، طبقا لما جاء في بيان مشترك أصدرته النقابة الأساسية للاتحاد العام التونسي للشغل وفرع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين .
وطالب صحفيو الوكالة وأعوانها، رئيس الحكومة، هشام المشيشي بـ "التراجع الفوري عن هذا التعيين السياسي الحزبي المفضوح والخطير، والنأي بالوكالة عن كل محاولات التدجين والتوظيف السياسي "، محمّلين إياه " مسؤولية ما قد ينجر عنه من تبعات ".
وبحسب مصادر نقابية متطابقة، فان نية اتخاذ أشكال نضالية تصعيدية يبدو أمرا واردا، في صورة عدم الاستجابة لمطلبهم بمراجعة تعيين بن يونس، بما في ذلك اللجوء الى الاضراب عن العمل في خطوة تصعيدية تهدف الى الدفاع عن استقلالية مؤسستهم.
قرارات تصعيدية
ومن المنتظر أن يعقد السبت اجتماع عام للتشاور مع العاملين من الوكالة والنظر في اتخاذ قرارات تصعيدية من أجل التصدي لتعيين كمال بن يونس، وستشرف كل من النقابة الأساسية بوكالة تونس افريقيا للأنباء وفرع النقابة الوطنية بالوكالة على هذا الاجتماع.
وفي وقت كان من المفترض، أن يتسلم كمال بن يونس مهامه، الخميس الفارط، على رأس المؤسّسة، ارجئ موكب تنصيبه الى غاية الاثنين المقبل بسبب عدم امكانية تنظيم أي موكب للتسليم وسط حالة من الاحتقان تعيشها الوكالة وفي ظل حالة من الرفض غير المسبوق من طرف أعوان الوكالة الذين نددوا بسياسة رئاسة الحكومة انتهاج سياسة المرور بقوة في فرض التعيين في ممارسة تخالف حياد المؤسسة واستقلاليتها الوظيفية باعتبارها مرفقا اعلاميا عموميا.
وتوجّه العاملون، بنداء لكافة مكوّنات المجتمع المدني وكل القوى الحيّة المؤمنة بحرية الصحافة والتعبير وحق المواطن في إعلام حر ومستقلّ، للوقوف إلى جانب وكالة الأنباء الوطنية لضمان ديمومتها كمرفق إعلامي عمومي حرّ ومستقل في خدمة المواطن.
سامي الظاهري.. تسميات غير اخلاقية
من جانبه، وصف الناطق باسم الاتحاد العام التونسي للشغل الأخ سامي الطاهري ، ''التسميات على رأس المؤسسات الاعلامية العمومية ب"غير الأخلاقية والتي تتفوح منها رائحة سياسية واضحة''، وذلك في تعليقه عقب تعيين كمال بن يونس رئيسا مديرا بوكالة تونس افريقيا .
وتابع الطاهري ''لا يمكن قبول تسميات بهذا الشكل هي إهانة للإعلام العمومي ومحاولة لإعادته إلى مربع الإعلام الحكومي''، معتبرا، أن من يقوم بهذه التعيينات اليوم هو ''حزام الحكومة'، مضيفا ''وكالة تونس للأنباء وإذاعة شمس تحتاجان متصرفا لا صحفيا''.
في سياق آخر، اعتبرت 38 جمعية تونسية أن اتصال رئاسة الحكومة، عبر الهاتف في 5 افريل الجاري، بالرئيسة المديرة العامة لوكالة تونس افريقيا للأنباء لإعلامها بانتهاء مهامّها، دون أي تقييم موضوعي لأدائها منذ تعيينها في جوان 2020 على رأس هذه المؤسسة الاعلامية العمومية،يندرج ضمن خُطة لفرض سيطرة الأحزاب الحاكمة على الإعلام العمومي.
بيان مشترك
وعبّرت الجمعيات في بيان مشترك لها يوم 8 أفريل الجاري، عن تضامنها مع العاملين والعاملات بوكالة تونس افرقيا للأنباء، في "رفضهم القاطع التعامل" مع الصحفي كمال بن يونس، الذي عيّنه رئيس الحكومة هشام المشيشي خلفا للصحفية مُنى مطيبع.
ودعت رئيس الحكومة الى التراجع عن قراره والكف عن مكافأة الأحزاب الدّاعمة له بتمكينها من الهيمنة على الإعلام العمومي وبقية مُؤسسات الدولة، وعن إيثار المُوالين لها على الكفاءات العالية، والمُستقلّة عن مُختلف الأحزاب ومراكز النفوذ المالية ، مشددة على ضرورة حماية المرفق الاعلامي العموميي من كل التجاذبات السياسية.
وضمت قائمة الموقعين على البيان كلا من الاتحاد التونسي للإعلام الجمعيات و اتحاد التونسيين للعمل المواطني و الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الاعدام و آفاق العامل التونسي وجمعية التضامن المدني تونس وجمعية التلاقي للحرية والمساواة والجمعية التونسية للحراك الثقافي و الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية.
كما شملت القائمة، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية و الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و الجمعية التونسية للوقاية الايجابية والجمعية التونسية لمساندة الأقليات و جمعية الشارع فن....
بدوره عبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن دعمه لتحركات العاملين بوكالة تونس افريقيا للأنباء في رفضهم تعيين كمال بن يونس رئيسا مديرا عاما للوكالة.
وأكد المنتدى في برقية مساندة وجهها ، الى فرع النقابة الوطنية للصحفيين والنقابة الأساسية ب"وات"عن مساندته لهما في موقفهما الرافض تعيين " من تورط في انتهاكات لحرية الصحافة والتعبير والعمل النقابي الحرّ، وضرب المنظمات الوطنية قبل الثورة".
وعبر المنتدى عن دعمه لصحفيي وصحفيات "وات" في رفض اي تعيين مسقط لا يستند إلى معايير الكفاءة والمهنية في إدارة المؤسسة والنأي بهذا المكسب الوطني عن التجاذبات والمحاصصة.
ووسط حالة من الاجماع على رفض هذا التعيين أكدها العاملون بالوكالة، تسود حالة من القلق في تونس حول ملف التعيينات في مؤسسات الاعلام العمومي، في وقت توجه أصابع الاتهام الى الحكومة بانتهاج المحاصصة في قطاع الاعلام الذي يعد مجالا حساسا للتأثير في الرأي العام والناخبين، لكن وحدة العاملين تمثل آخر ملاذ لاحباط أية تستهدف السيطرة على حرية الصحافة.