دولي

أنابيب غاز أفريقيا إلى أوروبا في مواجهة الدب الروسي

بينما تتزايد اكتشافات الغاز في العديد من دول أفريقيا، وصفقات تصدير لإنقاذ أوروبا من الظلام، تسعى روسيا للحيلولة دون تنفيذ ذلك.

وأظهرت الحرب في أوكرانيا مدى اعتماد أوروبا على الغاز الروسي في توليد الكهرباء؛ إذ وفرت موسكو قبل اندلاع حربها على أوكرانيا في فيفري من العام الجاري (2022)، ما يصل إلى 40% من احتياجات أوروبا من الغاز.

ومع تصاعد حدة التوتر بين الطرفين، تتدافع الدول الأوروبية لإبرام صفقات لاستيراد الغاز من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، في ظل ارتفاعات قياسية في الأسعار مع خفض روسيا للإمدادات، وفقًا لموقع إنرجي فويس.

ووسط تزايد وتيرة المعارك في أوكرانيا، وخطط الاتحاد الأوروبي للاستغناء عن الغاز الروسي، وفي بحثه عن مصادر بديلة، يجري الحديث بقوة عن تزايد الاستفادة من أفريقيا، وهو ما تم ترجمته عبر مذكرات تفاهم مع عدة بلدان .

وبما تذخر به من احتياطيات وفيرة من النفط والغاز، فإن القارة الأفريقية قد تكون بديلا لتعويض الغاز الروسي، إذ أفادت تقارير سابقة بامتلاك أفريقيا احتياطيات مؤكدة من الغاز تصل إلى 148,6 تريليون متر مكعب ما يمثل أكثر من 7 بالمائة من الاحتياطيات العالمية من الغاز.

يشار إلى أنه في عام 2019 ، استورد الاتحاد الأوروبي حوالي 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من أفريقيا خاصة من نيجيريا التي قامت بتزويد التكتل الأوروبي بأكثر من 12 مليار متر مكعب.

وتعتزم السنغال تصدير الغاز المسال إلى أوروبا بحلول عام 2024؛ حيث تسعى بقوة لتعويض غياب الإمدادات الروسية عن القارة العجوز.

وجاءت نيجيريا في المرتبة الأولى في أفريقيا عام 2019 في حجم صادرات النفط الخام من القارة السمراء بمعدل بلغ أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط في السوق العالمية.

ووفق بيانات، سجلت منطقة غرب أفريقيا عددًا من اكتشافات النفط والغاز الضخمة، خلال السنوات الأخيرة، ما دفع العديد من كبريات شركات الطاقة العالمية لتضعها في مقدمة أولوياتها للاستثمار.

وتُعدّ منطقة غرب أفريقيا، أكبر مساهم في مستقبل القارة من النفط والغاز، إذ استحوذت على نحو 60% من الاحتياطيات المكتشفة مؤخرًا من حيث الحجم.

وتكللت اكتشافات النفط والغاز في غرب أفريقيا، بإعلان اكتشاف أكثر من 50 تريليون قدم مكعبة من الغاز في المنطقة. وفق معلومات رصدتها منصة "attaqa."

وأُعلِن مؤخرًا أكبر 3 احتياطيات في منطقة غرب أفريقيا، وهي: حقل – ياكار-تيرانغا في السنغال، وحقل أوركا في موريتانيا، وحقل بالين في كوت ديفوار ، التي تحتوي نحو 3.6 مليار برميل من النفط المكافئ فيما بينها.

في هذا الإطار، ذكرت مجلة ”جون أفريك“ الفرنسية قبل أيام، أن روسيا تتدخل في أبرز مشروعين يجري الإعداد لهما لمد خطوط أنابيب الغاز غرب أفريقيا، في محاولة لتضييق الخناق على الأوروبيين الباحثين عن بديل لغازها.

وقال تقرير ”جون أفريك“، إنه ”تم تسريع مشروعي خط أنابيب الغاز العملاقين في القارة الأفريقية بالتزامن مع الطلب القوي على هذه المادة جراء ارتفاع الأسعار ورغبة أوروبا في التحرر من الغاز الروسي“.

وأضافت المجلة ”على الورق تشارك نيجيريا ،أكبر احتياطي للغاز في أفريقيا، في هذين المشروعين مع منافسين رئيسيين في القارة هما المغرب والجزائر، التي تمثل أول مصدّر أفريقي للغاز“

وتضيف، المشكلة تكمن في ”المشاركة المحتملة لموسكو في مشروع من المفترض أن يقلل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي“.

وأوضح التقرير أن ”دخول روسيا على الخط له أسبابه ومنها أنّ العمل في مثل هذا الخط سيستغرق 25 عامًا على الأقل“.

وتابع ”خط أنابيب الغاز سيمر عبر العديد من دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، حيث تسعى روسيا إلى بسط نفوذها هناك“.

وأوضحت المجلة أن ”المساعي الروسية لبسط النفوذ على نشاط نقل النفط والغاز في المنطقة ليست جديدة“.

وبينت أن ”شركة غازبروم تستخدم، سواء في نيجيريا أو الجزائر، ما أسمته ثعبان البحر ـ الذي يتيحه خط أنابيب الغاز عبر الصحراء ـ للوصول إلى حقول الغاز“.

وتابعت ”في عام 2006 وقعت الشركة الروسية اتفاقا مع شركة النفط والغاز الجزائرية العملاقة سوناطراك“.

وفي العام ذاته ”حاول الروس تنفيذ المخطط نفسه في نيجيريا بتوقيع اتفاقية، ثم إنشاء مشروع مشترك في عام 2009“.

وقال التقرير إنه بعد ذلك ”عرضت غازبروم على النيجيريين بناء قسم أول من خط الأنابيب من جنوب إلى شمال البلاد والحصول بالمقابل على استغلال عدة حقول غاز لكن دون جدوى“.

وتتواجد شركة غازبروم الروسية المملوكة للدولة بقو في أفريقيا،و العام الماضي، وقعت غاز بروك اتفاقية مع شركة الطاقة في جنوب أفريقيا،"ساسول" التي تعد من أكبر وأهم شركات الطاقة في العالم التي تعمل في مجال الطاقة عبر استخدام الفحم الحجري.

ومنذ بدء روسيا غزو أوكرانيا، أبدت الجزائر التي تعد أكبر دولة أفريقية مصدرة للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، استعدادها لزيادة صادرات الغاز الطبيعي والغاز المسال.

وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد خطوط الأنابيب المباشرة لنقل الغاز من أفريقيا إلى أوروبا، أربعة خطوط، لكن جميعها في بلدان شمال أفريقيا. فيما يكمن التحدي الأبرز في بناء بنية تحتية جديدة في منطقة جنوب الصحراء لربطها مع خطوط أنابيب منطقة شمال أفريقيا.

يرى خبراء أن تردد البلدان الأفريقية في الالتزام بضخ المزيد من النفط والغاز قد يكون مرجعه ضعف البنية التحتية في مجال النفط والطاقة، لاسيما خطوط نقل الغاز والنفط إلى أوروبا.

وأشارت إحصاءات صادرة عن فرع شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" للتدقيق والإستشارات في جنوب أفريقيا، إلى أن أزمة ضعف البنية التحتية في قطاع النفط أدت إلى انخفاض إنتاج النفط في القارة بنسبة 19 بالمائة عام 2019 ما يمثل 7,8 بالمائة من الناتج العالمي. كذلك، شهد إنتاج الغاز في أفريقيا انخفاضا طفيفا بلغ 5 بالمائة خلال الفترة ذاتها.

وشدد خبراء على ضرورة أن تعمل الدول الأفريقية المنتجة للنفط يتعين عليها القيام بإجراءات لجذب استثمارات أجنبية في هذا القطاع الحيوي.