ثقافي

مهرجان العين للتنمية في المطوية يحاول رفع الغبن عن المناضل على جراد ويكشف ما لحقه من ظلم

 الهادي دحمان يكتب للشعب نيوز.

 اثث مهرجان العين للتنمية و الثقافة بالمطوية، أسبوعا من التنشيط المتنوع شمل كل أشكال الفنون و المهارات الإبداعية التي استقطبت الشباب أساسا... تحية دعم و تقدير إلى الهيئة و مديرها وإلى كل الجمعيات الأهلية من البلدية و الفضاءات الثقافية و التعليمية التي انخرطت في إنجاح المسار..

كانت لي فيه مساهمة، شرفتني بها هيئة المهرجان وثقة الرفيقة نايلة جراد عبر تكليفي بتقديم كتاب نجلة علي جراد، الصادر سنة 2019 بالفرنسية Ali Jrad, communiste tunisien entre mémoire et histoire.

جاء المؤلف في 550  صفحة و 4 أبواب و  23 فصلا.. إضافة إلى الرصيد الوثائقي الموشح لهذا الكتاب المرجعي عن المحتفى به شخصية مهرجان العين، وعن الحزب الشيوعي و اساسا عن فترة فارقة من تاريخ تونس شهدت نشأة الأحزاب و حركية المثقفين و النقابات... بدون تفصيل ببلوغرافيا علي جراد، الشخصية اللانمطية سواء من حيث التكوين و تفرع المساهمات و كذلك المسار التراجيدي..

ولد في 1911 بالمطوية و رحل عنها مبكرا للاستقرار بتونس أسوة بأبناء قريته التي و صفها بدقة المختص في الانتروبولوجيا و العلوم الاجتماعية.. زيتوني التعليم، نقابي المنشأ، دستوري ثوري كما أسمى نفسه و رفاقه من مطاوى المرجانية و ترنجة العاملين بالمهن الصعبة و المرهقة... تعلم و سافر إلى موسكو للتربص لمدة سنتين... اقترن برفيقة دربه و معتقلاته سوسان ميمون... كان له الدور الطلائعي التاريخي في الامانة العامة للحزب الشيوعي التونسي من 1939 إلى 1948..

رفت من هياكل الحزب سنة 1948 شهرا قبل انعقاد مؤتمر منزل بورقيبة Ferryville التي منع من دخولها و من قراءة التقرير الأدبي.. علل رفاقه الأسباب بالخيانة(!). Et une vie privée déréglée...   لحظة موصومة من الجميع إلى حد هذا اليوم... تقلب علي جراد في عديد المهن و الحرف و التزم بالابتعاد دفاعا عن وحدة الحزب الذي كان من باعثيه...

رجعت إلى مراجع كثيرة العدد لكنها شحيحة المعلومة ذلك أن الذاكرة تضع الذكرى ضمن المقدس.. لم يعد الحزب الشيوعي الاعتبار لعلي جراد، اكتفى بإرجاعه للقواعد سنة1957.. حتى مراجعات ما بعد ستالين لم تشمله، بقي منسيا و موصوما على غرار بوخارين و زينوفايف و تروتسكي... ما يمكن الدليل به من أسباب عزل علي جراد مؤشرات تاريخية هامة يستوجب تنزيلها في سياقها التاريخي، لقد تبنى موقفا من المسألة الوطنية و الاستقلال في مفارقة واضحة و جلية من قرارات الأممية الثالثة، و دافع عن الانفصال التنظيمي عن هيكلية الحزب الشيوعي الفرنسي بإقرار تونسة الحزب الشيوعي التونسي و تعريبه،

دفع نحو تجذير الحركة النقابية من محمد علي والڨناوي و خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل و دفاعا عن الوحدة النقابية، ثم تجاسر و وقف ضد قرار التقسيم بفلسطين ناعتا الصهيونية  بالرجعية و معاداة الشعوب في تقرير مصيرها.. وهو موقف معارض للقرار الذي تبنته الأممية الشيوعية و الاتحاد السوفياتي..و تعتبر هذه الأسباب كافية لأكثر من العزل... و رغم إنصاف التاريخ فإن علي جراد رحل سنة 1976 تاركا أسرارا لم تطلها بعد جسارة رفاق دربه... و انتهى الحزب الشيوعي بالصورة المعروفة و لعل للأخطاء جانب في التفسير...

اختتمت المداخلة بنقاش من المواكبين باختلاف المرجعيات و الاختصاص.. العبرة المستخلصة تهم تونس اليوم التي تعرف تخمة من الأحزاب و الجمعيات غير الفاعلة و المتغولة لنسبة منها و بروز وعاظ سياسيين على درجة من الهوس الفردي.

 الوضع يذكرني بمقولة (يا جبل وسلات وسع بالك ما جرى للحامة يجرالك) .. أمام تنامي التيارات الشعبوية، مصير الحزب الشيوعي يصبح شائعا... أولي الألباب... إلى موعد لاحق..،

ختاما كتاب  نائلة جراد دون لمرحلة تاريخية مفصلية ترابط فيها العمل النقابي بمقاومة النازية والفاشية والتحمت بوادرالصراع الطبقي بالنضال من اجل تقرير المصير الوطني ،،،،كما  تجلى دور المثقف العضوي  المناصر للطبقات صاحبة  الرسالة المستقبلية…ولعل عنوان كتاب نائلة جراد الأول  الصادر تحت عنوان  ذاكرة النسيانMemoire de l’oubli في 1976  يعبر  عن ذاتها في سيرة  ابيها و رفاقه  من محمد  علي  والقناوي والغنوشي وعلي حتيرة ومحمد  جراد والحداد على سبيل الذكر…

أما  اختزال  المسألة في الصراع بين  علي جراد  و موريس نزار فهو تجني على التاريخي وعدم اعتماد  مبدأ  النقد الذاتي في اللحظة الفارقة…وهي دعوة و عبرة تلهمنا  باستقراء الذاكرة الجمعية وتاريخ الشعوب و رموزها