ثقافي

بحلوِها... ومُرّها: ذاكرة امرأة من باب الأقواس(في سيرة المناضلة شريفة الدالي السعداوي)

تونس/ الهادي دانيال - صَدرَ حديثا عن دار الشنفرى للنشر والتوزيع بتونس وفي سلسلة "سيرة ذاتية" كتاب جديد للروائية التونسية الدكتورة " سعديّة بن سالم" بعنوان " بحلوِها... ومُرّها: ذاكرة امرأة من باب الأقواس(في سيرة المناضلة شريفة الدالي السعداوي)".
وكما هو واضح من العنوان فإنّ الكاتبة هنا لا تكتب سيرتها الذاتية هي، بل تكتب سيرة امرأة غيرها، ولكن بأسلوب سعديّة بن سالم ومهاراتها السرديّة.
الكتاب صدر في 92صفحة، قياس15/21سم، وبغلاف للفنان السوري "رامي شعبو".

المرأة مستقبل الوطن
تصدرت الكتاب مقدّمة كتبها الشاعر التونسي الدكتور محمّد الغزّي بعنوان "المرأة مستقبل الوطن أو في سيرتها شيء من سيرة هذا الوطن"، تلتها توطئة من الكاتبة بن سالم، لتتدفّق السيرة تحت العناوين التالية: لا تدري نفس بأيّ رحم تتخلّق، والدي المناضل، أبي...أيضا، المدرسة، طفولة، تجربة البحر، أحداث 9أفريل وتدريب مبكّر على الأمومة، الحرب العالميّة الثانية وأشهُر من الرعب، أختي الجميلة، "حسَن" والاسم القدَر، الزواج، التكوين السياسي والنقابي، الولادة الثالثة وعواقبها، السفَر والسفساري، العودة ولقاء الحفصيّة، نشاط الفروع، نحن والدساترة، نحن والمقاومة الجزائريّة، استشهاد حشّاد والإضراب العام، حلّ المنظّمة النقابيّة، العمل، لغز منطقة الأمن بالحفصيّة المتواصل، الاتحاد القومي النسائي، تجربة الفقد من جديد، الوشاية المغرضة ومصير رجل، إحياؤها تونس.. وختامها أمل.
ويمكن اقتناء هذا الكتاب بثمن 10دنانير تونسية من مكتبات العاصمة التونسية

قوّة الشكيمة وسماحة الخلق 
مما قاله الدكتور محمد الغزّي في مقدمته إنّ "هذا الكتاب احتفاء بـ "شريفة السعداوي"، المرأة التي أسهمت، دون ضجيج، في تحرير الوطن، وكابدت، في صمت، معاناة النّضال، وآثرت، بعد سنيّ النّفي والحصار، أن تحدّث الناس عن تجربة زوجها، غير عابئة بتجربتها، مسهبة في تصوير صموده، مهوّنة من شأن صمودها.. مجسّدة، بذلك، نمطا من المناضلين الذين جمعوا بين قوّة الشكيمة وسماحة الخلق جمع توافق وانسجام.. ثمّة في هذه المرأة بعض من صفاء المتصوّفة ونقاء سريرتهم، فقد اختارت أن تتوارى لكي يبرز زوجها، وتصمت لكي يتكلّم، وتبقى في الظل لكي يكون أيقونة من أيقونات الحركة الوطنيّة التونسيّة.
وقيمة هذا الكتاب تتمثّل في إنصاف هذه المرأة، "شريفة السعداوي"، التي انكفأت على نفسها ترفّعا وتعفّفا.. واستدراجها للخروج من صمتها وسرد سيرتها، ففي سيرتها شيء من سيرة هذا الوطن، وشيء من سيرة نسائه، على وجه الخصوص.

ترميم الذاكرة،

هذه المرأة وهي تروي قصة نضالها إنما تعمد إلى ترميم الذاكرة، تنقذ صفحات من التاريخ من خطر النسيان، تسلّط الضوء على ما كان معتما، وتوضّح ما كان ملتبسا.. هذه صفحات لن تقرأها في كتب التاريخ المتداولة، صفحات لم تكتبها، أعني لم تسردها هذه المرأة بموضوعية باردة، ورصانة علميّة مفتعلة وإنّما سردتها بكلّ جوارحها، أي بكل انفعالاتها.. فالمناضلة "شريفة السّعداوي" لا تريد هنا أن تنقل إلينا الأحداث فحسب وإنّما تريد أن تنقل إلينا طرق تفاعلها مع تلك الأحداث أيضا".