الحزن عامل مشترك في اليمن مع تفاقم أزمة صحة نفسية بسبب الحرب
في اليمن الغارق في حرب طاحنة، تتفاقم ظاهرة الاضطرابات النفسية فيما يشهد القطاع الصحي انهيارا بسبب الاقتتال المتواصل منذ ثماني سنوات الذي أدخل يمنيين في اتون الاكتئاب ودفع آخرين إلى الانتحار.
وقد بلغ عدد الأطباء النفسيين في 2020 بحسب وزارة الصحة 59 طبيبا، ما يعني توافر طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون شخص. أمّا متوسط عدد العاملين الصحيين المتخصّصين في الصحة النفسية (أطباء وممرضون ومعالجون) فيُقدّر بحوالى 300 أي بمعدل متخصّص واحد لكل مئة ألف نسمة.
ولا يتجاوز عدد الأسرة المخصّصة للصحة النفسية في اليمن 990 سريرا، فيما تقدّر وزارة الصحة عدد مستشفيات الصحة النفسية العامة والخاصة بسبعة، أي بمعدل مستشفى لكل 4,25 ملايين يمني.
وبحسب "مؤسسة التنمية والارشاد الأسري" اليمنية المتخصصة في الارشاد النفسي، فإنّ حوالى 19,5 بالمئة من سكان اليمن كانوا يعانون من اضطرابات نفسية في 2017، بحسب دراسة نشرتها في ذاك العام.
لكن الامم المتحدة حذرت في تقارير نُشرت في العام الحالي من أن "هذا العدد قد يكون أعلى الآن بسبب الوباء (كوفيد-19) واستمرار الصراع". ولا توجد دراسات حديثة حول أعداد مرضى الاضطرابات النفسية.
يدور النزاع في اليمن منذ 2014 بين الحوثيين المدعومين من إيران وقوات الحكومة يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية.
وتسبّبت الحرب بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق تقرير للأمم المتحدة نهاية العام الماضي، أي أنهم قضوا إما في القصف والقتال وإما نتيجة التداعيات غير المباشرة مثل الجوع والمرض ونقص مياه الشرب.
وتواجه البلاد حاليا خطر تصاعد العنف بعد انهيار هدنة استمرت نصف عام هذا الشهر.
ووفقا لمؤسسة التنمية والارشاد، فإنّ أسباب الاضطرابات لدى السكان هي في الأساس نتيجة "انعدام الأمن الغذائي أو البطالة أو الكوليرا أو الاعتقال التعسفي أو التعذيب أو الهجمات العشوائية أو الغارات الجوية أو ضعف الخدمات العامة الأساسية".
في تعز (جنوب غرب اليمن )، إحدى أكثر المدن تأثّرا بالحرب، يتكدّس مرضى الصحة النفسية في مستشفى لم يعد قادرا على استقبال المزيد بسبب عجزه عن توفير الأدوية وتقديم الطعام والعلاج لجميع المرضى.
إلى جانب القتل والدمار، يعاني اليمن من أسوأ أزمة انسانية في العالم، حسبما تقول الامم المتحدة، إذ يعتمد نحو 80 بالمئة من سكان البلد المجاور لبعض من أغنى دول العالم، على المساعدات للانسانية للعيش.
وفي حجة شمال غرب صنعاء، تدير منظمة "أطباء بلا حدود "عيادة للأمراض النفسية تتعامل مع سكان يعانون من صدمات ناتجة عن تبعات الحرب.
لكن حتى مع تقديم العيادة خدماتها مجانا، يواجه بعض السكان صعوبة في الوصول إلى المركز أو في تقبّل فكرة الحصول على علاج نفسي.
وتتحدث وسائل إعلام يمنية عن انتحار شخص كل يومين، وهو عدد لا يمكن التأكد منه من جهات أخرى.