ثقافي

عبد الواحد المكني  العميد / المؤرخ / المثقف

الشعب نيوز/ متابعات - بمناسبة عرض الكتاب الاخير للاستاذ عبد الواح المكني " زمان الالوان " في العاصمة، كتب غسان المختومي تعليقا بليغا ضمنه تحيته للعميد والمؤرخ والمثقف وابرز جهده في كتابة تاريخ تونس وبحثه المتواصل من اجل كشف العديد من الحقائق.
  
سندباد التاريخ

ليس أمرا سهلا ان تبحر في بحر التاريخ الهائج غير المستقر، لكن عبد الواحد المكني نجح في أن يصير سندبادا في بحر التاريخ مثله مثل عبد الجليل بوقرة و عبد اللطيف الحناشي و علي المحجوبي و الهادي التيمومي و هشام جعيط و رضا بن رجب و منصف التايب و عبد السلام البغوري و فتحي العباسي و خالد كشير و عبد السلام بن حميدة  و خميس العرفاوي  و عميرة علية الصغير وغيرهم ممن تحويهم قائمة من اختص في التاريخ - الطويلة - في ربوع عقل الوطن حين يفكرون تاريخا. 
يمسك عبد الواحد المكني  كتاب التاريخ بيمناه و بخارطته و فهرسه و أفكاره بيسراه ليقود سفينة النبش و الحفر التاريخي" فوكويا " و يتعمق أكثر و أكثر بالجدلية و المادية التاريخية.

مناور جيد
أطل عبد الواحد المكني يوم الاحد 25 ديسمبر مع الاعلامي حمزة البلومي في برنامجه الاسبوعي على اذاعة موزاييك ليتكلم و ينطق بالتاريخ و الى التاريخ عائدا ليفكك الوضع و المناخ السياسي و الاجتماعي و ليقدم المقاربات التي يجد فيها أجوبة لتساؤلات الإنسان بشتى أنواع درجاته المجتمعية و الطبقية و الثقافية و السياسية الاجتماعية 
مناور جيد هو عبد الواحد المكني فالمؤرخ هو سياسي احتياطي خطير وفق عبارة نابليون بونابرت و هو الاقتصادي السياسي وفق عبارة هوبزباوم العظيم 
عبد الواحد احتفى مؤخرا بمؤلفه "زمان الألوان " بحضور أجمل مثقفي البلد و مفكريه و مبدعيه لكن أروع مؤلفاته التاريخية الأكاديمية بالنسبة لي "النخب  الإجتماعية التونسية زمن الإستعمار الفرنسي " و هو في نفس حجم ما كتبه مسعود ظاهر و حنا بطاطو في النخب الإجتماعية العراقية و المشرقية زمن الحكم العثماني المتأخر و بداية الانتداب الفرنسي و الاحتلال البريطاني .

متمكن جيد
عبد الواحد المكني غول تاريخي و أقولها دون حياء له عقل تاريخي يسبح و يتنفس بالتاريخ و انطلاقا منه نحو باقي العلوم من علم الإجتماع الى الفلسفة الى علم النفس الى الاقتصاد السياسي 
حضوره اليوم و حواره و مجادلته و الاستماع اليه و كيف كان يجيد تنظيم حججه التاريخية و يربطها وفق تسلسل منتظم يدل على أن الرجل متمكن جيد من ميدانه و من ألغام  الميادين الأخرى  و أساسا السياسية و الإجتماعية و الثقافية 
ما شدني فيه اليوم هو تلك النزعة و ذلك التيار التاريخي التحليلي لديه و هو تيار التحليلية الماركسية للتاريخ التي كان اول بُناتها و واضعها المؤرخ الماركسي البريطاني" ادوارد سبنسر بيزلي" ثم تطورت و صارت تيارا بحثيا و اختصاصيا مع" البير سوبول" و" البير ماتياز " و" ادوارد بي طومسون " وهو تيار تبناه المؤرخون العرب و اساسا مع حنا بطاطو و مسعود ظاهر و الوردي و قسنطين زريق في علاقة بفهم التاريخ العربي المعاصر و الحديث انطلاقا من تجربة النهضة و التحديث ليولد معها تيار الماركسيين العرب فكان عبد الواحد شارحا و مفككا لتلك التجربة ماركسيا عربيا في أقصاه.

تحية خاصة

وفي خاتمة تدوينته، وجه غسان المختومي الذي يمضي تحت اسم الموريسكي المغدورتحية خاصة الى الاستاذ عبد الواحد المكني ضمنها حبه له كاستاذ وكباحث ورفيقا لوالده الراحل عبدالحفيظ المختومي وتمنى له الدوام كمؤرخ كبير من مؤرخي الوطن الكبار.