وثائقي

محاكمات النقابيين/ سوسة 46: اثارة حماس العناصر النقابية للقيام باعمال تخريبية لبث الفوضى والاضطراب

 في الجزء الثاني من مرافعة ممثل النيابة العمومية أمام المحكمة التي تعهدت بالنظر في قضية النقابيين المتهمين بالمسؤولية عن أحداث 26 جانفي 1978، نتعرف على قراءته للأحداث وتأويله لها على ضوء الأبحاث الابتدائية التي قامت بها الشرطة السياسية. يقول:
 انعقد يوم 20 جانفي 1978 بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة اجتماع بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد تحت اشراف خير الدين الصالحي عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل وافتتحه المتهم مخلوف ويدعى الحبيب بن عاشور بكلمة طغى عليها الحماس والتأثر بلغ درجة البكاء تعرض فيها بالخصوص الى الحوادث التي سبقت الاجتماع حسب زعمه ناسبا وقوع مهاجمة مقر الاتحاد من بعض عناصر موالية للحزب وكان قصدهم من ذلك اثارة حماس العناصر النقابية للقيام باعمال تخريبية لبث الفوضى والاضطراب في نفوس المواطنين وتلاه خير الدين الصالحي المذكور في الخطابة متعرضا هو الاخر الى ما اشار له الحبيب بن عاشور المذكور من الاعمال الاستفزازية التي نسبها الى عناصر من رجالات الحزب داعيا بدوره إلى تسخير كل القوى الحية للوقوف امام ما يرمي اليه الحزب من اعمال قد تضر بمصلحة الطبقة الشغيلة على حد تعبيره مطمئنا من حضر ذلك الاجتماع بان جميع المنظمات شرقيها وغربيها ستكون الى جانب الاتحاد العام وشد ازره وان هيئة الاتحاد الادارية ستنعقد بتونس لاتخاذ التدابير الكفيلة وقد تدخل العديد من ممثلي النقابات الجهوية اثناء الاجتماع من بينهم علي بن صالح الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الابتدائي بسوسة فندد بكل اشكال الاضطهاد والتعسف والقمع المسلط على النقابيين حسب زعمه ودعا الى الدفاع بكل حزم على حرمة الاتحاد الى اقصى حد.
قرار الاضراب العام
وفي مساء يوم الغد تحول المتهم مخلوف ويدعى الحبيب بن عاشور الى تونس العاصمة للمشاركة في اجتماع الهيئة الادارية للاتحاد العام التونسي للشغل وعاد يوم 23 من نفس الشهر الى مدينة سوسة وعلم ان الهيئة الادارية العليا للاتحاد قررت الاضراب العام وعهدت الى المكتب التنفيذي للاتحاد العام تعيين تاريخه وقد جلب معه بعض النسخ من اللائحة المنبثقة عن الهيئة الادارية وكشف المتهم المذكور اتصاله بالاطارات النقابية استعدادا ليوم الاضراب المنتظر داعيا اياهم الى المرابطة بمقر الاتحاد.
وفي مساء يوم 25 جانفي الآنف الذكر اشرف خير الدين الصالحي المذكور رفقة زميله حسين بن قدور على اجتماع عام بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة حضره الكاتب العام الجهوي المتهم الحبيب بن عاشور وزملاؤه المسؤولون بالمكتب الجهوي وهم المسمون حافظ قمعون والمنصف قمر والصادق قديسة ومحمد بوراوي  وغيرهم من المتهمين اكد فيه خير الدين الصالحي المذكور بان الاضراب العام تقرر ليوم الخميس 26 جانفي سنة 1978 وفي الوقت نفسه كلف الكاتب العام الجهوي المتهم مخلوف يدعى الحبيب بن عاشور المتهم على المحضي بتحرير بيان بمعية المتهمين علي بن صالح والمنصف قمر ومحمد بوراوي يدعو الى الاضراب العام على ضوء ما جاء في لائحة  الهيئة الادارية للاتحاد نتيجة لتدهور الوضع المادي والاجتماعي للشغالين وردا على العناصر من رجالات الحزب وكانت لهجته شديدة وحادة تشير الى نعوت واوصاف موجهة الى المسؤولين في الدولة والاجهزة التابعة لها خاصة وسائل الاعلام.
ماء الفرق والبنزين والحجارة ومضخم الصوت 
واخيرا اتفق المتهمون على التظاهر بالطريق العام والتوجه الى المؤسسات العمالية وغيرها لدعوة العمال الى الاضراب والتظاهر لكن دعوتهم باءت بالفشل صباح يوم الخميس المقرر للإضراب اذ اشتغل الناس بأعمالهم وعدم الامتثال لأقوالهم فأثرت هاته البادرة في نفوس المسؤولين عن الاتحاد فقرروا العزم على التجمع بالطريق العام وفي هذا الصدد عمد الحبيب بن عاشور  حوالي الساعة التاسعة صباحا الى ارسال بعض العناصر وتوزيعها بالمدينة للتحريض على الاضراب فوقع التفطن اليهم من طرف اعوان القوة العامة التي القت القبض على البعض منهم عندها التجأ المعني بالأمر بمعية ما لا يقل عن المائة والخمسين نفرا من بينهم عدد من النسوة الى استعمال مضخم الصوت بغاية تحريض المواطنين على بعث الشغب وبث البلبلة كما عمدوا ايضا الى قذف اعوان القوة العامة بقوارير من ماء الفرق وبالبنزين والياجور من مقر الاتحاد وعندها حصلت تجمعات من المشاغبين شرعوا في قذف القوة العامة والمحلات التجارية بالحجارة نتج عنها اضرار مادية وبدنية وقد وقع التصدي لهم من قبل القوة العامة كما وقع التصدي ايضا الى جمع من الشبان يقدر عددهم بمائة وخمسين الذين حاولوا اقتحام معمل صنع السيارات ليجبروا العملة على الانقطاع عن نشاطهم والقيام بمسيرة الى مقر الاتحاد فتم تشتيتهم من طرف القوة العامة التي بادرت بكل ما لديها من القوة الموضوعة على ذمتها من ساحة حشاد القريبة من مقر  الاتحاد وشارع بورقيبة وبطحاء الاستقلال من جهة الميناء الذي هو الاخر يجاور مقر الاتحاد.
تمركز وحدات من الجيش
 وحوالي الساعة 30و11 وخشية من تجميد كافة قوة الامن بهذه المناطق التي اجريت بها العمليات الانفة الذكر ولكي تكون على استعداد تام للتداخل بمناطق شغب اخرى محتملا احداثها من المعتدين بادر الجيش التونسي بتركيز البعض من وحداته بالمناطق المتعرض اليها انفا باضافة محطة الارتال ومحطة حافلات النقل بسيدي يحيى الشيء الذي سمح عندئذ الى القوة العامة لاعوان الامن بتطهير المدينة بمختلف انحائها من عناصر الشغب الذين احيلوا على المحاكمة حسب القضية الجناحية عدد 94966 لدى المجلس الجناحي بسوسة بينما رابط بمقر الاتحاد جمع من المشاغبين يتركب من مائة وخمسين  شخصا كانوا مقرين العزم على تسخين الاجواء وتوجيه المظاهرات ولصد هذا التجمع سخر العدد اللازم من القوة العامة للتداخل في الابان.