قبل انطلاق الاستشارة الالكترونية حول اصلاح التعليم عبد الباسط بن حسن للشعب نيوز : لا يمكن محو ما سبق ونبدأ من ماساة الورقة البيضاء
الشعب نيوز / ناجح مبارك . تنطلق خلال قادم الايام الاستشارة الالكترونية حول اصلاح التعليم والتي أذن بها رئيس الجمهورية قيس سعيد وعهد لوزير التربية محمد علي البوغديري بالتنفيذ وهي استشارة تمكن من تجميع معطيات اولية لمادة الاصلاح مع تكوين لجنة متعددة الاطراف من وزارات معنية منها التكوين المهني والتشغيل واساتذة علم الإجتماع .
السنوات الاخيرة شهدت حوار وطني دعا اليه المعهد العربي لحقوق الانسان مع نقابات التربية والتعليم بالاتحاد العام التونسي للشغل ونظمت الجلسات واخذت بآراء الاساتذة والمعلمين والاولياء والتلاميذ واخذ الوزراء السابقين بمخرجاتها ولهذا وجهت الشعب نيوز الى الاستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان سؤالين : كيف ترى الدعوة إلى استشارة جديدة للتربية ؟ هل نبدأ من جديد أم نبني على ما سبق ؟
وكانت الاجابة كالآتي : " يتطلّب كل إصلاح منظومي للتعليم رؤية واستراتيجيات وبرامج وموارد ولكي تتحقّق جدوى الإصلاح ونجاعته ينبغي أن يبنى على ما سبق إنجازه من رؤى وأفكار وأن يستمدّ رؤاه والمستقبلية من تراكمات إصلاحية واجتهادات سابقة. يجب أن نخرج في محاولتنا لتغيير التعليم وتحويله وإصلاحه من عقلية محو السابق وتدميره والانطلاق من الفراغ ومن مأساة (الورقة البيضاء)."
لقد أكّد تقرير اللجنة الدولية حول مستقبل التعليم لليونسكو الصّادر أخيرا أنّ أي عملية تحويل للتعليم في أي بلد من البلدان لا يمكن أن تنطلق من فراغ. كما أكّد على أن عملية تغيير التعليم وتحويله وإصلاحه لا بد أن تطرح ثلاثة أسئلة أساسية: ما يجب أن نتخلّى عنه نهائيا؟ ما يجب أن نحافظ عليه؟ ما يجب أن نراجعه بشكل إبداعي؟
يجب أن يجمع الإصلاح بين النّقد العميق والتراكم والابداع وأن يؤكّد على مفهوم الاستدامة حتى لا تتحول مجهوداتنا إلى محو دائم لكل ما سبق.
الإصلاح جهد مستمر لا يمكن أن يهدأ وهو عمل جماعي يتطلّب مشاركة واسعة وتضامنا وتعاونا في بناء الرؤية وفي توفير المنهجيات والموارد وفي استدعاء كل التجارب الناجحة. فأزمات التعليم هي من الكثرة والتعقّد بحيث لا يمكن أن نجد لها الحلول بدون التعاون والاستفادة من كل الخبرات والقدرات والمعارف.
لقد كانت هاته المبادئ التي قادت عددا من المحاولات الإصلاحية السابقة نذكر من بينها مسار إصلاح 2015 الذي قادته وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل وشبكة عهد للثقافة المدنية ممثلة في المعهد العربي لحقوق الانسان. هاته التجربة أطلقت استشارة تشاركية واسعة وأعدّت تقريرا تأليفيا جامعا للمقترحات وكوّنت عددا كبيرا من اللجان الفنيّة.
كما يمكن أن نذكر تجربة حالية لاقتراح عقد اجتماعي للتعليم انطلقت بمجموعة من الاستشارات الجهوية جمعت عددا كبيرا من المشاركين والمشاركات من كل الأطراف المعنية بقضايا التربية والتعليم. وقد أعدّت هذه الاستشارات نصّا يحاول أن يبني رؤية جامعة كأفق مشترك للعمل على تحويل التعليم وإصلاحه. وقد كانت هاته البادرة نتيجة شراكة بين وزارة التربية والمعهد العربي لحقوق الإنسان واليونسكو واليونيسيف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
فالحوار المجتمعي وفكرة العقد الجديد للتعليم هي محطات أساسية بلورت رؤية جماعية حضارية لإصلاح التعليم واقترحت حلولا عملية يمكن في حال تطبيقها أن تقودنا إلى تعليم جيّد.
ولا يمكن أن يقع تجاهل هذه الأعمال لأنّها تمثّل في الحقيقة جهدا جماعيا لخبرات وطنية واستثمارا في ثقافة الإصلاح ومسارات وضعت فيها الدولة ومنظمات المجتمع المدني الجهد والأفكار والموارد.
هذه التجارب وغيرها هي أدوات يمكن أن نبني عليها وأن تستلهمها المسارات الإصلاحية فهي نتاج عمل جماعي تشاركي.