رغم هدنة عيد الفطر... القتال يتواصل صباح السبت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
الشعب نيوز / وكالات . دخلت المعارك أسبوعها الثاني في السودان وتواصل صباح السبت 22 أفريل 2023 ، ثاني أيام عيد الفطر، القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع على الرغم من هدنة تستمر ثلاثة أيام تزامنا مع عيد الفطر كان الطرفان قد أعلنا عنها في وقت سابق.
واستمر القصف المدفعي حتى ساعة متأخرة الجمعة 21 أفريل 2023 في الخرطوم وإن كان أقل حدة مما كان عليه في الأيام السابقة.
وحث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، المقاتلين على الالتزام بالهدنة، فيما تجري الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى استعدادات أو محاولات لإبعاد موظفيها بعد أن قالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة للسماح بإعادة فتح المطارات لإجلاء الرعايا الأجانب.
وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت المدينة في الأيام الأخيرة ليل الجمعة السبت بعد قبول الطرفين بهدنة لمناسبة عيد الفطر. وأعلن الجيش الجمعة أنه "وافق على وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام" بمناسبة عيد الفطر، كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا إليه قبل يوم واحد ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
واندلع العنف في 15 أفريل 2023 بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي والذي تحول إلى عدوه اللدود.
ومساء أمس الجمعة وعلى الرغم من الهدنة التي أعلن عنها الجانبان المتحاربان، تردد دوي قصف متقطع في العاصمة السودانية الخرطوم، في حين قالت قوات الدعم السريع التي تخوض قتالا ضد الجيش السوداني إنها مستعدة للسماح بإعادة فتح المطارات لإجلاء الرعايا الأجانب.
وقالت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وسويسرا وكوريا الجنوبية والسويد وإسبانيا إنها تجري استعدادات أو محاولات لإبعاد موظفيها بعد نحو أسبوع من العنف.
وبدأت قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع صراعا عنيفا على السلطة في مطلع الأسبوع. ولقي المئات حتفهم حتى الآن وبات السودان الذي يعتمد على المساعدات الغذائية على شفا كارثة إنسانية حسب وصف الأمم المتحدة.
وقال شاهد من رويترز إن القصف المدفعي استمر حتى ساعة متأخرة في الخرطوم وإن كان أقل حدة مما كان عليه في وقت سابق من اليوم. وقال جيش السودان وقوات الدعم السريع في بيانين منفصلين إنهما وافقا على هدنة لمدة ثلاثة أيام كي يستطيع شعب السودان الاحتفال بعيد الفطر.
وجاء في بيان الجيش "تأمل القوات المسلحة أن يلتزم المتمردون بكل متطلبات الهدنة ووقف أي تحركات عسكرية من شأنها عرقلتها". وحث وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، المقاتلين على الالتزام بالهدنة قائلا إن القيادة العسكرية والمدنية في السودان يتعين أن تبدأ على وجه السرعة في مفاوضات بشأن وقف إطلاق نار قادرعلى الصمود لمنع مزيد من الأضرار.
وقال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي في وقت مبكر اليوم السبت إنه تلقى مكالمة هاتفية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. وأضاف حميدتي في منشور على حسابه على فيس بوك "أكدنا على ضرورة الالتزام بالوقف الكامل لإطلاق النار وتوفير الحماية للعاملين في الحقل الإنساني والطبي لا سيما موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية".
وقالت قوات الدعم السريع في وقت متأخر أمس الجمعة إنها مستعدة لفتح جميع مطارات السودان بشكل جزئي حتى تتمكن الحكومات الأجنبية من إجلاء رعاياها. وأضافت في بيان أنها "ستتعاون وتنسق وتوفر جميع التسهيلات التي تمكن المغتربين والبعثات من مغادرة البلاد بسلام".
ولم يتضح إلى أي مدى تسيطر قوات الدعم السريع على المطارات في السودان. وتضرر مطار الخرطوم جراء القتال بين الجانبين وشوهدت طائرات تحترق على مدرج المطار كما أوقفت شركات طيران تجارية رحلاتها قبل عدة أيام.
وتبادل جنود الجيش ومسلحون من قوات الدعم السريع إطلاق النار في أحياء من العاصمة حتى أثناء صلاة العيد. واستمر دوي إطلاق النيران طوال أمس ولم يقطعه إلا ضجيج صوت المدفعية والضربات الجوية.
وفي الخرطوم، المدينة التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، قلب الصراع حياة المدنيين الذين احتموا يتملكهم الرعب داخل منازلهم من دون كهرباء في أجواء حرّ شديد. ويغامر عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية عاجلة أو للفرار من المدينة.
وشهدت الخرطوم معارك عنيفة جدا خلال الأيام الماضية، إذ شنت طائرات مقاتلة ضربات جوية على مواقع عدة، بينما تجوب دبابات الشوارع ويطلق الرصاص والمدفعية في مناطق مكتظة بالسكان. لكن العنف انفجر في جميع أنحاء البلاد أيضا.
وأظهرت لقطات بطائرات مسيرة بضعة أعمدة دخان في أنحاء الخرطوم والمدن القريبة الأخرى التي تمثل معا واحدة من أكبر المناطق الحضرية في أفريقيا. وأودت المواجهات بحياة المئات في العاصمة وفي غرب السودان أساسا وتدفع ثالث أكبر دولة في قارة أفريقيا إلى كارثة إنسانية في بلد يعتمد ربع سكانه بالفعل على المساعدات الغذائية.
- تعطل الإجلاء
لم تتمكن دول أجنبية من بينها الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وإسبانيا من إجلاء موظفي سفاراتها لأن المطار أصبح من بين ساحات القتال ولانعدام الأمن الجوي.
وفي واشنطن، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن مواطنا أمريكيا قُتل في السودان، من دون الاستطراد في تفاصيل. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل، إن المواطنين الأمريكيين في السودان يجب ألا يتوقعوا إجلاء منسقا من جانب الحكومة الأمريكية. وأضاف أنه يجب على المواطنين هناك اتخاذ ترتيباتهم الخاصة للبقاء في أمان. وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد بإجلاء موظفي السفارة الأمريكية جوا، لكن قوات أمريكية تتمركز بالقرب من السودان لتقديم المساعدة إذا لزم الأمر.
وقالت رويترز يوم الخميس إن الولايات المتحدة ترسل أعدادا كبيرة من القوات الإضافية إلى قاعدتها في جيبوتي في حال صدور الأمر بالإجلاء من السودان في نهاية المطاف. وأضاف أوستن في مؤتمر صحافي في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا "نشرنا بعض القوات في مسرح العمليات لضمان توفير أكبر عدد ممكن من الخيارات إذا طُلب منا التحرك. ولم تتم مطالبتنا بفعل أي شيء بعد... لم يُتخذ قرار بشأن أي شيء".
- نفاد الطعام والمياه
يفاقم القتال صعوبة مغادرة السكان لمنازلهم والانضمام لحشود المغادرين من الخرطوم. وكان محمد صابر ترابي (27 عاما)، وهو من سكان الخرطوم، يرغب في زيارة والديه على بعد 80 كيلومترا من المدينة بمناسبة العيد. وقال إنه في كل مرة يحاول فيها مغادرة المنزل تحدث اشتباكات. وأضاف أنه حدث قصف الليلة الماضية والآن أصبح هناك وجود لقوات الجيش على الأرض. وأظهر مقطع مصور نشره الجيش أمس الجمعة استقبالا ترحيبيا لجنود من الجيش يحملون بنادق نصف آلية. وتحققت رويترز من موقع المقطع بأنه التقط في شمال المدينة لكنها لم تستطع التحقق من وقت تصويره
وقال شهود لرويترز إن القتال امتد إلى شارع مدني وهو الطريق السريع الرئيسي الممتد من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة والذي يستخدمه الفارون في الوقت الذي تنسحب فيه قوات الدعم السريع فيما يبدو نحو القرى الواقعة على أطراف الخرطوم. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن "عددا متزايدا من الناس ينفد منهم الغذاء والمياه والكهرباء، من بينهم أشخاص في الخرطوم".
واندلعت معارك في إقليم دارفور في غرب السودان حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الفاشر إن الوضع "كارثي"، و"لا يتوفر عدد كاف من الأسرّة لاستيعاب عدد الجرحى الهائل"، وبينهم عدد كبير من الأطفال.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 413 شخصا قتلوا وأصيب 3551 بجروح في القتال في جميع أنحاء السودان، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي للقتلى أكبر من ذلك، إذ لم يتمكن عدد من الجرحى من الوصول إلى المستشفيات.
وقالت نقابة الأطباء إن أكثر من ثلثي المستشفيات في الخرطوم والولايات المجاورة "توقفت عن العمل" الآن. وتعرضت أخرى للنهب وقُصفت أربع مستشفيات على الأقل في ولاية شمال كردفان.
ويتاخم السودان سبع دول ويقع بين مصر والسعودية وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في أفريقيا. ويهدد القتال الدائر بتأجيج التوترات الإقليمية. واندلعت أعمال العنف بسبب خلاف على خطة مدعومة دوليا لتشكيل حكومة مدنية جديدة بعد أربع سنوات من سقوط عمر البشير في احتجاجات حاشدة، وبعد عامين من انقلاب عسكري.
ويتقاذف جانبا القتال الاتهام بإحباط الانتقال. ويخوض الجانبان أيضا قتالا في إقليم دارفور في الغرب حيث تم توقيع اتفاق سلام جزئي في عام 2020 في صراع طويل أدى إلى توجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد البشير.