بيان غرة ماي :نضال لا يفتر ضدّ صنوف الحيف الاجتماعي والقهر الطبقي ومن توق دائم إلى فرض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية
الشعب نيوز/ متابعات - وفاء منه لتقليد دأب عليه منذ عشرات السنين، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيان العيد العالمي للعمال - غرة ماي 2023 - الذي وقع طبعه كما جرت العادة وتوزيعه على الهياكل النقابية حتى بدورها تعميمه على أوسع عدد ممكن من العمال والعاملات.
ووصف البيان في مقدمته غرة ماي بكونه "حدثا ملتصقا بما تخوضه الطبقة العاملة من صراع لا ينقطع ضدّ جميع أشكال الاستغلال ومن نضال لا يفتر ضدّ صنوف الحيف الاجتماعي والقهر الطبقي ومن توق دائم إلى فرض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية من أجل تحقيق الحرّية والمساواة والعدالة الاجتماعية." كما عاد على الاطوار التاريخية للحدث الجلل والمكاسب التي ترتبت لجميع عمال العالم.
واستعرض البيان علاقة الاتحاد العام التونسي للشّغل بعيد العمّال العالمي، ومبادئ الحركة النقابية العالمية التي انبنت على مبادئ التضامن العمّالي والانتصار لمصالح الشغّالين وعموم الشعب في كلّ أصقاع المعمورة بغضّ النظر عن العرق والجنس واللون والمعتقد ومنها مشاركة نقابيين من تونس في عديد التظاهرات العمّالية في بلدان مختلفة ومشاركة نقابيين أصدقاء من بلدان متعدّدة في دعم الاتحاد وإسناده ضدّ العسف المسلّط على النقابيات والنقابيين في بلادنا ليجابهوا من السلطة القائمة بالترحيل ومن بعض مدّعي الديمقراطية بالجحود والنكران.
تضارب بين الرئاستين
على صعيد محلي، أكد البيان أن " كلّ المؤشّرات تبرز أنّ بلادنا تعيش على حافة كارثة اقتصادية عجزت الحكومات المتعاقبة عن الخروج منها ولم تجد لها من حلول غير مزيد التداين وإثقال كاهل عموم الشعب بالضرائب وبرفع الدعم من أجل سدّ عجز ميزانية الدولة، فغابت السياسات الإصلاحية للمؤسّسات وللهياكل الاقتصادية وللقطاعات وخاصّة منها الاستراتيجية وحلّ محلّها الارتجال والارتهان إلى صناديق الإقراض العالمية التي تتصيّد مثل هذه الفرص لإملاء شروطها والهيمنة على اقتصاديات البلدان التي تعيش أزمات كالتي تعيشها بلادنا، وبدل البحث عن الموارد الذّاتية وابتكار الحلول بما يتلاءم مع متطلّبات واقعنا، عمدت الحكومة الحالية إلى أسهل الطرق لسدّ فراغات ميزانيتها التي عمّقتها لسنتين متتاليتين، وراحت تفاوض سرّا صندوق النقد الدولي على برنامج لا يعلم فحواه غير فريق مغلق تعوّد على اعتماد الوصفات الجاهزة واتباع الإجراءات التقنية غير المجدية في غياب كلّي للشفافية والتشاركية ووضوح الأهداف وفي تغييب غير مسبوق للشّعب، وهو تفاوض لم يفض إلاّ إلى مزيد رفع سقف شروط الجهات المانحة وربط اقتصادنا كلّيا بخيارات تملى خارجيا وبسياسات غير قادرة على إخراج تونس من الأزمة خاصّة في ظلّ التضارب الصارخ بين الموقف المعلن لرئاسة الدولة والسياسة التفاوضية السرّية للحكومة."
خيارات يرفضها الاتحاد
واشار البيان الى ان الاتحاد العام التونسي للشّغل" رفض الخيارات الليبيرالية التي تنتهجها السلطة الحاكمة فرفض رفع الدّعم وعرّى الشعارات البرّاقة التي تدّعي السعي إلى توجيه الدعم إلى مستحقّيه وهي في الحقيقة تعمل على مزيد تفقير الشعب، إذ لا أحد يستطيع اليوم أن يقنعنا بأنّ رفع الدعم هو خيار مناسب والحال أنّ أجور الشغّالين في تونس هي من أضعف الأجور في المنطقة وأنّ الأزمة المخيمة على البلاد لا يمكن أن تسمح بتحميل الأجراء سوء الخيارات الليبيرالية وأنّ إجراء كهذا لا يمكن أن يمرّ، وعلى النحو الذي وضعته الحكومة في غرفها المظلمة،ّ مادام لا يخضع إلى التشاور والتشاركية مع ضمان معايير الشفافية ومصالح الفئات الاجتماعية المتضرّرة."
"كما رفض الاتحاد سياسة التفويت في المؤسّسات العمومية وانتقد تحايل الحكومة ومغالطاتها واعتبر أنّ مردّ أزمة هذه المؤسّسات عائد إلى ما تنتهجه الحكومة، كسابقاتها، من سياسات خاطئة وخيارات تستهدف القطاعات جميعها بما فيها القطاعات الاستراتيجية خضوعا لضغوطات اللوبيات ومراكز القوى والإملاءات الخارجية، وقد برز ذلك خاصّة في منظومات القوانين المختلفة ومنها ما يسمّى بالشراكة بين القطاع العام والخاص ومجلّتي الاستثمارات والمياه وملفّات الطاقة والفلاحة وخاصّة منها المتعلّقة بالأراضي الدولية وبالدواوين العمومية التي كان من المفروض أن تضمن أمننا الغذائي ومستقبل الأجيال القادمة." وانه لم يفتأ يؤكّد على وجوب فتح ملفّات الإصلاحات في العديد من القطاعات والمنظومات.
وجرد البيان الاجراءات التعسفية التي انجرت للنقابيين جراء مواقف الاتحاد والتي جابهتها السلطة بسياسة معادية للحوار الاجتماعي وللعمل النقابي والنقابيين. كما سرد مطالب المنظمة ومنها تطبيق ما تمّ الاتفاق فيه حول تنفيذ الاتفاقيات القطاعية المبرمة وضرورة الإسراع في عقد الجلسة التقييمية للوضعين الاقتصادي والاجتماعي ومتابعة مؤشّرات التضخّم والغلاء والنمو وازدياد الفقر لمراجعة الأجور على ضوئها للتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية للشغّالين وفتح تفاوض جدّي ومسؤول حول ملفّ الدّعم ووقف السياسات الجائرة التي تنتهجها الحكومة في الرفع الجزئي والتدريجي للدّعم بمغالطة تدّعي توجيهه لمستحقّيه. وفي نفس الوقت مراجعة الجوانب الترتيبية عبر إنهاء تنقيح النظامين الأساسين للوظيفة العمومية والدواوين والمنشئات العمومية ومن ثمّة الشروع في تنقيح الأنظمة الأساسية القطاعية، الى دانب مطالب أخرى خصوصية.
الى عمال وشعوب العالم
وتطرق البيان الى عدد من المسائل الدولية وفي مقدمتها ان الاتحاد يجدد وقوفه الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني وقواه العاملة ودعمه لصموده في وجه الاحتلال الغاشم العنصري ويعبّر عن إسناده للنّضال البطولي من أجل الحقّ الفلسطيني وهي مناسبة لدعوة كلّ قوى الحرّية والتقدّم في الوطن العربي وفي العالم وفي مقدّمتها الحركة النقابية إلى تكثيف دعمها لكفاحه المشروع والضغط على دولها من أجل وقف العدوان الصهيوني وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال حتّى يستعيد شعبنا في فلسطين جميع حقوقه الوطنية المسلوبة وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف ويجدّد الاتحاد مطالبته، التي طال أمد انتظارها، بسنّ قانون تونسي يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري رغم الوعود الانتخابية الفضفاضة في شأنها.
وفي الإطار نفسه، "ثمن الاتحاد عودة العلاقات بين تونس وسوريا ويراها استجابة للإرادة الشعبية وللدعوات المتكرّرة التي أطلقتها القوى الوطنية وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشّغل منذ 2012 ويعتبرها خطوة أساسية لتمتين الروابط بين الشعبين والدولتين وفرصة لكشف حقيقة موجات التسفير التي دفعت بآلاف الشباب من تونس إلى الإرهاب وإلى ارتكاب أفظع الجرائم في حقّ الشعب السوري وتمكّن بلا شك من إضاءة جانب من حقيقة التحركات الارهابية في تونس ومنها الاغتيالات السياسية التي طالت الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي وعدد من الأمنيين والعسكريين والمدنيين في بلادنا،"
كما عبّر عن تنديده بالاقتتال الذي أشعل فتيله جنرالات الجيش في السودان ويدعو إلى وقفه. واعتبرفي غرة ماي فرصة لتجسيد التضامن العمّالي العالمي كما عبّر عن مساندته المطلقة لنضالات الطبقة العاملة في فرنسا التي تواجه عسف رأس المال وغطرسته وقمعه ببطولة نادرة.