في اليوم العالمي لمناهضتها، الإمبريالية تجدد نفسها
الشعب نيوز / صبري الرابحي - في اليوم العالمي لمناهضة الإمبريالية تتواصل مساعي القوى الكبرى لتأبيد سيطرتها وتأثيرها على الدول وتداوم على مصادرة حق الشعوب في تقرير مصيرها.
هذه المساعي أخذت في التوسع شيئاً فشيء وزاد في نهمها الركود الاقتصادي العالمي وتبعات جائحة كوفيد 19 وخاصة النزاع الروسي الاوكراني.
إن المد الإمبريالي اليوم والذي يستفيد من النزاعات المسلحة في العالم، فإنه يمتد أيضاً إلى التخفي في أثواب أخرى مغايرة متداخلة مع الشأنين الثقافي والحضاري وأحياناً المساعدات الإقتصادية لإفقاد الشعوب هويتها وسلبها سيادتها وقرارها المستقل.
وبالتالي تنوعت أشكال الامتدادات الاستعمارية للدول سواء في مستعمراتها القديمة أو في مستعمرات جديدة مستحدثة وجدت فيها موضعاً للقدم بسبب أزماتها الداخلية أو تأثرها بالأزمات العالمية بموجب العولمة.
* خلال جائحة كورونا:
خلال جائحة كورونا تسابقت الدول الاستعمارية الى الظفر بالتلاقيح اللازمة لتمارس بها نوعاً جديداً من الابتزاز العالمي المحتكم الى التحالفات والمصالح لذلك انتشرت اللقاحات الروسية والصينية والامريكية في العالم حسب خريطة معلومة مرتبطة رأسا بتحالفات الدول التي اثبتت الرغبة في امتلاك اللقاح عدم انحيازها.
من ناحية اخرى كان لبراءة الاختراع الاثر الأكبر في تحديد الطفرة العلمية والصناعية التي تتنافس داخل دائرتها هذه الدول والتي ستحدد مستقبلها ومكانتها واستطاعت ان تحول حالة الطوارئ الصحية إلى حالة طوارئ استعمارية من خلال بحثها المحموم على مجالات أوسع للانتشار والتموقع واعادة رسم خريطة العالم.
* خلال الحرب الروسية الاوكرانية:
لم يعد ينطلي على احد أن الانحياز لطرف دون الاخر ينبني على أسس موضوعية صادقة في تجنيب الانسانية احدى الحروب المعاصرة التي اثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي خاصة بتزامنها مع بداية تعافي الاقتصاديات من تبعات ازمة الكوفيد 19.لكن هذه الحرب بالذات جعلت من الاطماع الامبريالية مكشوفة اكثر من اي وقت مضى باعتبار ان الحلف الروسي يبحث عن مجالات اوسع نحو الغرب الغني والحلف الاوكراني يبحث عن تحجيم دور روسيا وايقاف غزوها الاقتصادي الذي اصبحت تدافع عنه بقوة السلاح.
* التكتلات الاقتصادية الناشئة:
ظهرت العديد من التكتلات الاقتصادية التي تتحدث كثيراً عن أقطاب جديدة تهدف الى اعادة انتاج نظام عالمي جديد.
هذا النظام لا يبشر بالعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وحفظ وحدة الدول واستقلاليتها بقدر ما يبحث عن اقطاب مضادة للقوى الامبريالية الكبرى ليس لتفكيكها وتخليص العالم من قبضتها وانما لاعادة انتاجها في وجه جديد سيكلف الانسانية والشعوب فقدانها لحقها في تقرير مصيرها ويعيدها الى دائرة التبعية و تحكم اقتصاد السوق في مصائرها بواسطة قوى جديدة ناشئة تبحث عن اعادة توزيع المستعمرات أو على الأقل تقسيمها بطريقة تراها عادلة.
* القضية الفلسطينية:
عودة الى أعدل القضايا الانسانية، القضية الفلسطينية والتي ما زالت ترزح تحت هيمنة هذه القوى ومندوبيها من الأنظمة المتخاذلة والرجعية والتي أخذت في لعب أدوار مشبوهة لإفراغ القضية من مضمونها المركزي "الأرض، كل الأرض" عبر ممارسات عدة تجاوزت مجرد الاذعان والرضا بالأمر الواقع الى التخاذل في الانتصار لهذا الحق.
أصبحت اليوم هذه الأنظمة تعتمد جدياً على بوابة التطبيع التي تشكل الوجه الناعم للإمبريالية التي يتسرب من خلالها المشروع الاستيطاني للكيان الصهيوني ويجد بالتالي غطاءا واسعا من الشرعية لممارساته.
لقد تحولت مناهضة الامبريالية من متابعة ممارسات القوى الاستعمارية الى الانتباه الى ما تنتجه هذه القوى من بدائل ناعمة تهدف الى التسلل الى كل المجالات وتفرض على الانسانية نوعا من العبودية الجديدة التي لا يمكن التصدي لها الا بالدفاع عن استقلالية القرار الوطني والحفاظ على الأرض من الشعوب وحكامها أكثر من أي وقت مضى.
لمزيد من الأخبار حمّلوا تطبيقنا Echaabnews عبر AppGallery و فعّلوا زر الإشعارات ( Notifications) كي يصلكم كل جديدنا