انتخابات تركيا أو عندما يكتفي " الفيراج التونسي " الهارب من الديمقراطية بـ"التنبير"
تحت عنوان " تركيا....الدرس الديمقراطي،" كتب الصديق مهدي عبدالجواد مقالا عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت الاحد 14 ماي في تركيا، نشره على صفحته الخاصة. واعتبارا لما لمسناه فيه من تحليل دقيق، ومقارنة بين ما جرى عندهم ويجري عندنا، رأينا من المفيد نشره، تعميما للفائدة.
يُتابع التونسيون/ات باهتمام نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية التركية. طبعا لكل واحد منهم نواياه ورغباته وأهدافه، وينقسم المتابعون إلى نفس جمهور "الفيراج السياسي" في تونس. ويُسقط جمهور كل "فيراج" أمانيه وميولاته على الانتخابات التركية.
وفي كل الحالات وبعيدا على "حركة الفيراج" ثمة دروس يمكن استخلاصها أهمها:
- قوة الديمقراطية في تركيا، والتي صارت لها حاضنة شعبية عكستها المشاركة القياسية الواسعة،
- تطور وعي النخب التركية، والتي رغم اختلافاتها العميقة، نجحت في إجراء حملات انتخابية في أجواء سلمية، كما نجحت في بناء جبهات قوية ساهمت في إنجاح الانتخابات وساعدت المواطن التركي على الاختيار، فقد تجمعت الأحزاب في "تحالف الشعب وتحالف الامة وتحالف الاجداد..." وهي تجمعات حزبية على قاعدة برامج وخيارات مشتركة،
- ترسخ آليات وأجهزة الإشراف على الانتخابات، فضلا على سرعة الإعلان على النتائج، مستغلة التطورات التكنولوجية،
- حيادية مؤسسات الدولة من أمن وجيش وعدم تدخلها في سير الانتخابات،
- تطور الخطاب الاعلامي التركي، حيث نجحت وكالة الأناضول وقناة TRT عربي في تغطية الانتخابات وتقديم صورة مشرفة على التجربة الديمقراطية التركية.
- طالب أغلب المرشحين من انصارهم، ملازمة صناديق الاقتراع، ومراقبة عمليات الفرز، لذلك كانت نتائج الانتخابات شفافة، بل جعل ذلك الأحزاب سباقة لمعرفتها،
- نجاح الديمقراطية مرهون ببناء أحزاب قوية ذات تنظيم ديمقراطي داخلي ورؤيا سياسية وخاصة مشروع اجتماعي يهتم بقضايا المواطنين البسيطة،
- أهمية تركيا في العالم، حيث صارت لها منزلة في "معركة الامم"، لذلك ينخرط جميع "الاتراك" في مشروع تركي حضاري، من أجل تركيا قوية ذات سيادة بل ومهيمنة على محيطها،
استمعت إلى الكثير من الشخصيات السياسية التي اجمعت كلها على ايمانها بأهمية الديمقراطية وشكرت بعضها البعض وباركت المشاركة الموسعة للشعب التركي.
ما أثار انتباهي فعلا هو تعليق احد المحللين على فوز حزب العدالة فقد قال إن الحزب أدار حملته باقتدار بالتركيز على مشاغل المواطنين، دون اهتمام بقضايا سياسية أوديبلوماسية، وهو ما جعله يحظى بثقة عالية لدى الناخبين.
اليوم "الفيراج التونسي" الهارب من الديمقراطية والذي يرفض بناء "مشروع حضاري تونسي مشترك" يكتفي ب"التنبير" على تركيا، وبدل استخلاص الدروس والنظر في ايجابيات الديمقراطية التركية يكتفي باظهار التبعية أو المعاداة للرئيس التركي ولحزبه. ولا يستوعب الدرس الأهم وهو كون "الديمقراطية" هي الحل الأنسب لكل الخلافات السياسية والانجع للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية. وفي انتظار "عودة الوعي" نكتفي بالفرجة في الشعوب التي تبني انبعاثها الحضاري، فطوبى لها.
* العنوان من وضع التحرير.