تصاعد التأييد لفلسطين في الغرب لماذا لا ينعكس على سياسات الدول؟
الشعب نيوز / وكالات - بعد 75 عامًا على النكبة الفلسطينية ، ترتفع الأصوات في الغرب المنتقدة للكيان الصهيوني وسياساتها ضد الفلسطينيين، حتى باتت توصف تلك الدولة بالعنصرية.
فقد بات العالم يلاحظ ميولًا في الرأي العام الغربي يناهض الكيان الصهيوني ، وينظر إليها بشكل سلبي، بمقابل ارتفاع التأييد للفلسطينيين وقضيتهم في مقاومة الكيان الصهيوني بوصفها دولة احتلال.
ولعل استطلاعات الرأي تعطي صورة أوضح عن المواقف المتغيرة، والتبدلات الحاصلة في مجتمعات كانت داعمة للكيان الصهيوني بحكم الدعاية التاريخية والسردية الصهيونية المحملة بالمظلومية لليهود.
ففي ماي 2022 ، أظهرت دراسة أميركية تأييدًا متناميًا للفلسطينيين في أوساط الشبان الأميركيين بنسبة 61% مقابل 56% تأييدًا للكيان الصهيوني وذلك بين الفئات العمرية التي تتراوح بين 18 و30 عامًا.
الدراسة نشرتها مؤسسة "بيو" للأبحاث تحت عنوان "ارتفاع طفيف في وجهات النظر تجاه الصهاينة والفلسطينيين"، علمًا أن المؤسسة تعتبر واحدة من أكثر مؤسسات الأبحاث مصداقية في الولايات المتحدة، بما يخص استطلاعات الرأي العام.
واستبين الاستطلاع المتضمن في الدراسة فئات اجتماعية أكثر تسيسًا بانتماء حزبي واضح وصريح، فقد وجدت الدراسة أن 64% من الديمقراطيين لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه الشعب الفلسطيني بمقابل 60% للصهاينة .
وتلتقي هذه الأرقام مع ما خلصت إليه إحدى المؤسسات اليهودية المعروفة باسم رابطة "مكافحة التشهير"، فقد وجدت أن 40% من الأميركيين يعتقدون أن الكيان الصهيوني تعامل الفلسطينيين معاملة النازيين.
واللافت أن كلا الاستطلاعين أظهرا زيادة في المشاعر المناهضة للكيان الصهيوني بين الفئات العمرية الشابة، بينما ما زالت الأجيال الأكبر سنًا تدعم مواقف الكيان الصهيوني .
وتنسحب هذه النتائج على الدول الأوروبية أيضًا التي يعد سكانها أكثر اطلاعًا ومتابعة وقربًا من السياسات الدولية من نظرائهم الأميركيين، إذ يبدي الكثير من الأوروبيين تضامنًا مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لانتهاكات مستمرة من قبل سلطات الاحتلال.
فعلى سبيل المثال، استطاع النشطاء البريطانيون حشد حملة شعبية لمقاطعة الكيان الصهيوني في 2021، وفرضوا على مجلس العموم مناقشة السياسات الصهيونية في الأراضي المحتلة.
في ذلك الوقت، استطاعت الحملة جمع أكثر من 380 ألف توقيع على عريضة، تطالب بفرض عقوبات اقتصادية على الكيان الصهيوني ، كما وقع أكثر من 600 فنان من بريطانيا وأوروبا على عريضة تعهدوا فيها بمقاطعة الصهاينة ووقف التعامل معها.
هذا التحول في الرأي العام الغربي ليس جديدًا، لكنه يكتسب زخمًا أكبر بمرور الوقت، وبدأ يشكل عاملًا ضاغطًا على صانعي السياسات وأصحاب القرار في العواصم الغربية.
- تبدل واضح في وجهة النظر الغربية
إلى ذلك، مع تكرار استطلاعات الرأي التي تظهر تبدلًا واضحًا في وجهة النظر الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وإبداء الإيجابية تجاه الفلسطينيين، تبرز تساؤلات بشأن رسوخ هذا الرأي، وتجذره في الوعي العام، وما إذا كان يمكن أن يشكل عامل ضغط لدى صناع القرار في تلك الدول لاتخاذ مواقف أكثر فاعلية لدعم الحقوق الفلسطينية.
وقد يبدو ذلك التغير عامل ضغط في الديمقراطيات الغربية، على اعتبار أن هذا الرأي لم يعد يعبر عن مزاج فردي، بل بات يشمل القواعد الحزبية والشخصيات المسيسة المنخرطة في صياغة السياسات العامة في الدول الغربية.
فشخصيات مثل السياسي العمالي جيرمي كوربن يظهر كأحد أبرز الشخصيات السياسية المتضامنة مع فلسطين، والمنتقدة لسياسات الفصل العنصري التي ينتهجها الكيان الصهيوني ، ومن الداعمين لحق الفلسطينيين في المقاومة، ونظر داعموه إلى ترؤسه حزب العمال عام 2015 كنقطة تحول كبيرة فيما لو نجح في الانتخابات البريطانية، ووصل إلى مركز القرار في مختلف المستويات، ومنها السياسة الخارجية.
وفي الولايات المتحدة، يبرز السناتور الأميركي بيرني ساندرز صاحب المواقف المتقدمة في فضح الممارسات الصهيونية التعسفية في الأراضي المحتلة، وهو من الشخصيات المؤثرة في خطاباته ومقالاته الداعية إلى مساءلة الصهاينة وعدم الانجرار وراء حروبها العنيفة ضد الفلسطينيين.
- مواقف متوازنة تجاه الصراع العربي الصهيوني
مع ذلك، وبالرغم من عدم وصول هذه الشخصيات إلى موقع القرار في بلدانهم، فقد استطاعت حملات المناصرة والتضامن أن تفرض مواقف متوازنة تجاه الصراع العربي الصهيوني على صنّاع القرار أنفسهم، منها تبني الرئيس الأميركي موقفًا متقدمًا من أحداث حي الشيخ جراح في القدس، والضغط على الحكومة الصهيونية لوقف التصعيد ضد الفلسطينيين.
لكن وبالنظر إلى الفعالية السياسية في دعم الحقوق السياسية للفلسطينيين، فلم يترجم هذا الرأي العام إلى تبني سياسات واضحة ببرامج عملية، بل لم يتعد ذلك مسايرة المزاج العام المستاء من الممارسات الصهيونية .
فحتى لو كان الرأي العام ضاغطًا للميل إلى الحقوق الفلسطينية، إلا أن الرواية الصهيونية لا تزال تفعل فعلها في وسائل الإعلام والثقافة الغربية المتبنية لسرديات المظلومية على مدار عقود، هذا إلى جانب التأثير السياسي المباشر لمجموعات الضغط واللوبيات التي تتدخل في صنع السياسات.
وفي ظل محدودية الموارد السياسية للفلسطينيين وغياب إستراتيجية موحدة للتأثير في الرأي العام العالمي، تتحمل المنظمات المدنية والمبادرات الشعبية مهمة التعريف بالقضية وفضح الانتهاكات الصهيونية في فلسطين.
لمزيد من الأخبار حمّلوا تطبيقنا Echaabnews عبر AppGallery و فعّلوا زر الإشعارات ( Notifications) كي يصلكم كل جديدنا .