وثائقي

محاكمات النقابيين/ سوسة 50 : الا يكفي العدد الذي سبق اعدامه حتى تطالب النيابة باعدام النقابيين ؟

تحدث المحامي البشير خواجه في اطار مرافعته دفاعا عن النقابيين عن احالة منوبيه وقال ان النيابة العمومية طالبت بالاعدام في شأنهم افلا يكفي العدد الذي سبق اعدامه، ألا يكفي عدد الذين ماتوا، انكم سيدي الرئيس لو وافقتم على طلب النيابة لاصبحت الطامة الكبرى لأنّ التهمة خطيرة جدا.
من الناحية القضائية لقد صدر الاذن بالاضراب العام ورابط هؤلاء بدارهم فجاءت الشرطة والقت عليهم القبض ان القانون واضح وقد كان من المفروض أن يتحول حاكم التحقيق مباشرة الى د ار الاتحاد ويقوم  بغلقها بغلق دار الاتحاد ومعاينة كل ماهو موجود فيها لكن مع الاسف هذا لم يقع بل إنّ ما وقع غير قانوني اذ كان من المفروض ان يتوجه حاكم التحقيق يوم 26 جانفي للقيام بعمليات الحجز لكن هذا لم يحصل.
اما في خصوص قرار ختم البحث فيبدو لي ان  حاكم التحقيق رأى ان هؤلاء المتهمين لما قاموا بالاضراب قال ان الحكومة اتخذت قرارا تحذرهم فيه من الاضراب غير الشرعي وانا لم اجد هذا التحذير وهذا القرار ونحن نعرف ان رجال الحكومة يعرفون القانون جيدا قلت رأى حاكم التحقيق ان ما قاموا به يشكل جريمة تستوجب الاعدام.
هذا من جهة ومن جهة اخرى صرح المتهمون بان جماعة من الميليشيا هاجموهم وضربوهم وكسروا دار الاتحاد فلماذا سكت حاكم التحقيق عن افعالهم ولم يقم باستنطاقهم، هل لهم حصانة ما لقد كان من الواجب ان نسمعهم والقانون والعدالة فيصل بين الجميع.
وليست هي اول مرة يحاكم فيها النقابيون في سوسة ففي سنة 1947 حوكم نقابيون في سوسة وربما في نفس هذه القاعة وكان المرحوم حشاد على علم بها بطبيعة الحال فبعث برسالة الى محام يقول له فيها بان المسألة لا تهم القضاء الفرنسي المنتصب في البلاد انذاك انها قضية تهم النقابيين وحدهم وكذلك الشأن بالنسبة لهذه القضية حيث ارى ان لا دخل للقضاء فيها وان القضاء يجب ان يكون بعيدا عنها.
فمنوبي منيرة جمال الدين وعلي المحظي والعجمي المثلوثي ورشيد ثابت اساتذة في التعليم الثانوي انضموا الى النقابة بحثا عن تحسين ظروف عيشهم ودفاعا عن كرامتهم قصد الحصول على حقوقهم فاضافة الى الحقوق المادية كانوا يريدون من الحكومة ومن  وزارة التربية ان تأخذ اراءهم بعين الاعتبار خاصة في اعداد البرامج لانهم هم الذين يتحملون المسؤولية العظمى في تربية الاجيال وذلك حتى لا تكون الامور نازلة من فوق.
واريد ان اشير الى ناحية اخرى هامة جدا في نظري وتتعلق بالمعلومات الاجتماعية الخاصة بكل متهم فلقد حضرت في فرنسا اشغال قضية جنائية اشتملت على ما يسمى بالملف الاجتماعي وفي هذا ضمان لحقوق المتهم وتمكين للمحكمة  من الالمام بمختلف ظروف المتهم وصيانة لكرامته، اما ملف قضية الحال فانه مبتور ولا يحتوي من هذه المعلومات الاجتماعية الا على الاسم واللقب والمهنة والعمر والسوابق العدلية، فلقد كان من الواجب ان يكلف حاكم التحقيق مرشدين اجتماعيين ـ وهذا الاطار موجود عندنا ــ  بتجميع ما امكن من المعلومات الاجتماعية عن المتهم، عن ظروف عيشه وتربيته وتعليمه وسيرته في المعهد والكلية ونتائجه وسيرته في العمل واعداده الصناعية و غير ذلك من المعلومات اللازمة التي تعكس صورة واضحة عن المتهم.
وامر للحديث عن العنف الذي تعرض له المنوبون واكتفي بالقول بان استعمال العنف دليل لا مزيد عليه عن الضعف.
وفي الختام اتمنى ان لا يدخل القضاء وان لا يحضر في غير ما اعد له واعتقد جازما انه يجب ضم قضية سوسة الى القضية الام التي ستقع في تونس وانهى مرافعتي بالمطالبة بتبرئة ساحة منوبي وعدم سماع الدعوى في شأنهم وترك سبيلهم.