وطني

جدل واسع أعقب زيارة رئيسة الوزراء الايطالية جيورجيا ميلوني: الـ700 مليون يورو، أوروبية أم ايطالية ؟

الشعب نيوز/ متابعات - جدل واسع أعقب زيارة رئيسة الوزراء الايطالية جيورجيا ميلوني الثلاثاء 6 جوان الى تونس بدعوة من الرئيس قيس سعيد. فقد اختلف المراقبون والمعلقون حول نتائج الزيارة وحول الارقام التي ورد ذكرها وخاصة منها ألـ700 مليون يورو وعما اذا كان الرقم يهم اعتمادات جملية بدأ العمل بصرف جزء منها ام انه يهم اعتمادات جديدة. ثم هل هي اعتمادات ايطالية ام اوروبية. 

الى جانب هذا، لم تتبدد حيرة الجميع حول طريقة فض او احتواء تدفقات المهاجرين غير النظاميين والوسائل الواجب توظيفها للغرض حيث مازالت الاسئلة الكبرى مطروحة وربما ياتي اللقاء الجديد المتوقع حصوله في روما بين الرئيس قيس سعيد ورئيسة الحكومة الايطالية جيورجيا ميلوني بالاجوبة اللازمة على كل التساؤلات، بما من شأنه ان يساهم في توضيح ملف الهجرة غير النظامية الشائك على اكثر من صعيد.

 محطات تاريخية دالة على التقارب بين الشعبين

لدى استقباله لرئيسة مجلس الوزراء الإيطالية، استعرض الرئيس قيس سعيد، علاقات الصداقة والتعاون الوطيدة بين البلدين واستذكر جملة من المحطات التاريخية الدالة على التقارب بين الشعبين حتى في مستوى بعض المصطلحات التي انتقلت من تونس إلى ايطاليا أو العكس.

وتناول اللقاء العديد من المواضيع ومن بينها ملفّ الهجرة التي توصف بأنها غير شرعية أو غير نظامية وهي في الواقع هجرة غير إنسانية. وأوضح رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، أن تونس تتحمل أعباء كثيرة لأنها لم تعد فقط نقطة عبور بل أيضا وجهة لعديد المهاجرين للاستقرار بها بصفة غير قانونية وتقوم مجموعات منهم بإحداث مدارس ومحاضن خاصة خارج أي إطار قانوني وهو أمر لا يمكن القبول به، فالدولة وحدها تحتكر التشريع وتحتكر تنفيذه، وهذا التشريع هو الذي يسري على الجميع دون استثناء.

حل مشترك في إطار قمة تضمّ كل الدول المعنية

وأكد رئيس الدولة أن هذه الظاهرة التي تتفاقم يوما بعد يوم لا يمكن مقاربتها إلا بصفة جماعية لذلك دعا إلى حل مشترك في إطار قمة تضمّ كل الدول المعنية سواء جنوب البحر الأبيض المتوسط وجنوب الصحراء أو شمال المتوسط، فكل الطرق لم تعد تؤدي إلى روما فقط بل صارت أيضا تؤدي إلى تونس وهي ظاهرة غير طبيعية لا بالنسبة إلى تونس ولا بالنسبة إلى الدول التي يتدفق إليها هؤلاء المهاجرون. وأشار رئيس الجمهورية إلى وجود شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وبالأعضاء سواء في الدول الإفريقية أو في دول شمال المتوسط داعيا إلى العمل سويا من أجل القضاء على التنظيمات التي تعتبر هؤلاء المهاجرين بضاعة تتقاذفها الأمواج في البحر أو رمال الصحاري قبل أن يصلوا إلى المناطق التي يريدون الاستقرار بها.

وشدّد رئيس الجمهورية على أن الحل لا يمكن أن يكون أمنيا لأن الأمن موكول له محاربة الجرائم بكل أنواعها ولكنه ليس الأداة للقضاء على البؤس والفاقة والحرمان، مجدّدا التأكيد على ضرورة معالجة الأسباب بصفة جماعية لزرع الأمل في نفوس المهاجرين حتى لا يغادروا أوطانهم وذلك بعمل اقتصادي واجتماعي مكثف يقضي على اليأس ويزرع مكانه الأمل.

ضرورة معالجة الأسباب بصفة جماعية لزرع الأمل في نفوس المهاجرين

أما عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فقد جدد رئيس الجمهورية رفضه لأي إملاءات مشيرا إلى أن الذين يقدمون الوصفات الجاهزة أشبه بالطبيب الذي يكتب وصفة دواء قبل أن يُشخّص المرض، فالمرض في الطبيب الذي يقدّم أدوية لا تُرجى منها عافية ولا يتحقق بواسطتها شفاء بل على العكس تماما ستتفجر الأوضاع التي لن تمس بالسلم الأهلية في تونس فحسب بل ستطال آثارها المنطقة كلها دون استثناء.

وأثار رئيس الجمهورية، خلال هذا اللقاء، موضوع إلغاء الديون التي تثقل كاهل الدولة التونسية وتحويلها إلى مشاريع تنموية خاصة وأن الكثير من هذه الديون تم الاستيلاء عليها بشهادة غير قليل من المؤسسات الدولية.

ايطاليا تدفع في اتجاه التوصل لاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي

من جهتها، قالت رئيسة مجلس الوزراء بالجمهورية الإيطالية جورجيا ميلوني، "إن ايطاليا تدفع في اتجاه التوصل لاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي لتونس".

وأكدت ميلوني في تصريح عقب لقائها مع رئيس الدولة بقصر قرطاج، نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية، أنها كانت أثارت هذه المسألة في اللقاء الذي جمع الدول السبع الكبار في هيروشيما (اليابان) في ماي الماضي، وكذلك في اجتماعات الاتحاد الاوروبي ببروكسال، مشددة على ضرورة ان تكون المقاربة "برغماتية وواقعية" حتى تتمكن تونس من الحصول على فرص تمويل من الاتحاد الاوروبي، الذي قالت "إنه بصدد الاعداد لها في الوقت الحالي".

ضخ 700 مليون يورو (حوالي 2310 مليون دينار) لتونس

وأفادت بأن ايطاليا تدفع في اتجاه معاضدة الجهود التونسية لحل الازمة الاقتصادية والاجتماعية، من خلال فتح خط تمويلات، معلنة أنه سيتم ضخ 700 مليون يورو (حوالي 2310 مليون دينار) لتونس، لدعم القطاعات الحياتية ذات الاولوية مثل الصحة والخدمات في كنف الاحترام الكامل للسيادة التونسية.

وأبرزت أهمية التعاون القائم بين تونس وايطاليا "اللذين تربطهما علاقة تاريخية وطالما كانا متعاونين"، مؤكدة حرص بلادها على الدفع دائما في اتجاه نمو تونس وتطورها واستقرارها في كنف الديمقراطية، وايجاد حلول واقعية عبر خلق فرص العمل، من أجل ارساء مستوى عيش يليق بالتونسيين، وفق تعبيرها.

واستعرضت ميلوني التعاون التونسي الايطالي القائم منذ عقود، مشيرة الى تمركز اكثر من 900 مؤسسة ايطالية في تونس اليوم، فضلا عن التعاون الجديد القائم في مجال الطاقة، من خلال مشروع ELMED الذي يربط بين ضفتي المتوسط.

"تواصل لتعاون طويل الامد" في مجال التشغيل والحد من الهجرة غير النظامية.

وشددت على أن التعاون التونسي الايطالي يهدف الى تقوية المقاربة الشاملة، والذي هو "تواصل لتعاون طويل الامد" في مجال التشغيل والحد من الهجرة غير النظامية.

وأعربت في هذا السياق، عن تقدير ايطاليا للجهود التي تبذلها تونس من اجل مواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية، التي قالت "إنها تنطلق اساسا من جهة صفاقس"، معلنة عن عقد مؤتمر دولي قريبا بروما لمعالجة هذه الظاهرة، من خلال اقرار "مقاربة غير تقليدية" في هذا الاتجاه، ومؤكدة ان هذا المؤتمر سيشكل فرصة لتقريب وجهات النظر بين تونس وصندوق النقد الدولي.

يشار الى أن رئيس الدولة، أكد خلال لقائه مع ميلوني اليوم الثاثاء "رفضه لأية إملاءات قد تفجر الأوضاع التي لن تمس بالسلم الأهلية في تونس فحسب، بل ستطال آثارها المنطقة كلها دون استثناء"، وفق تعبيره.