مسرحية "التلفاز" أو عندما تصل التلڤزة لخلق عالم مواز متساكن مع العالم الحقيقي وأحيانآ بديلآ عنه
الشعب نيوز/ "حسني عبد الرحيم"- على مسرح الريو مساء 30 ماي كان هذا العرض المسرحي المُبتكر والذي يطرح أسئلة عميقة في جوهرالوجود الإنساني المعُاش اليوم وغدآ وعلاقته مع السيول الإعلامية الدائمة التى تصب داخل جمجمته في كل لحظة.
من قبل كانت خطب المنابر وعروض الإستعراضات الشعبية في الإحتفالات والموالد هى الوسيلة المعممة لإنتقال الإتصالات بين جمهرة الناس ثم توافدت على العالم الصحف والإذاعات والسينما وكانت كلها تسعى للوصول لأكبر عدد من الجماهير لإيصال افكار ومواقف تعبر عن القائمين عليها !
لكن الثورة الحقيقية في وسائل الإتصال الجماهيري كانت ومازلت التلڤزة وهي أداة ليس فقط لتوصيل المواقف والأفكار وتوجيه الرأي العام وخلق دوافع إستهلاكية وإنما في ظل الإنعزال الإجتماعي الحالي تصل التلڤزة لخلق عالم مواز متساكن مع العالم الحقيقي وأحيانآ بديلآ عنه. ومؤخرآ ظهرت مؤشرات تليڤزة تفاعلية يمكن للمشاهد التدخل في الحوارات التي تدور على الشاشة.
في عزلتها على الرُكح تجلس إمرأة أربعينية (سيدة التلڤزة) بدينة (يقوم بدورها رجل) على فوتاي المشاهدة الوثير أمام شاشة تليڤزيون. و الشاشة بإتساع الغرفة ولا تخرج منها فقط الأصوات بل المشاعر والمواقف والثياب. تتلقي المرأة رسائل الحب الشخصية بصوت "عبد الحليم حافظ" وتصير فرحة وممتنة من إختيارها هي بألذات لتلك المحبة الخيالية والتي تخرج شخصياتها من الشاشة لتراقصها وتعنقها وتتحول حياتها لنتاج تلڤزي تأكل وتشرب وترتدي ثيابها التي يعطيها لها أشخاص يخرجون من الشاشة ليجلسوا بجوارها !
تتحول المشاهدة المستديمة للإندماج في حياة بديلة - كاملة الأوصاف - يصبح عالم التلڤزة الوهمي في العزلة بديلآ عن العالم الحقيقي والواقعي. يخرج الممثلون من الشاسة ليجلسوا بجانبها تحبهم وتتحاور معهم وتأكل ما يقدمونه من طعام وترتدي الثياب التى يضعونها على جسدها وربما تدخل هي أيضآ داخل الجهاز لكي تقوم بأدوار أو تلقي نشرة أخبار الثامنة مساءآ، وهكذا يتحول العالم لتلڤزة كبيرة ومهمة.
"حول احداث حقيقية لم يرها أحد"
هي تسمية المخرج لهذا العمل المُبتكر. وفي الحقيقة هى أحداث رآها ويراها معظم الناس، المهم في هذا العرض هو الخروج عن علاقات المسرح التقليدي بإدماج مستويات الدخول والخروج من شاشة التلڤزة في تكوين درامي متشابك ، كذلك إظهار التقنيين للجمهور ودخولهم في أدوار تمثيلية لكسر الإيهام و نزعة المسرح القديم للإندماج !الممثلون يشعرونك بأنهم يمثلون في كل مشهد.
ليس محض تخيلات فنية ما يحدث من تفاعل البشر مع الشاشة فنحن نراه واقعيآ خلال مشاهدة مباريات كرة القدم حيث يتدخل النظارة في أحداث المباريات وكأنهم مدربين أو لاعبين يهاجمون ويدافعون وهم جالسين في المقهى ، ويوجهون النقد للمدربين واللاعبين وكأنهم ضمن الفريق. التليڤزيون التفاعلي ليس مجرد خيال علمي ولكنه يحدث بألفعل الآن وهو ليس وعدآ جميلآ وربما هو تعبير صارخ عن العزلة المجتمعية وعن قدرة وسائل الإعلام المخيفة على توجيه الناس ليس فقط في أمور سياسية ولكن في توجهات عاطفية وإستهلاكية.
في المجال العام والخاص لاتفاچئ عندما يتصرف الآخرون كما لوكانوا نسخة من شخصية تلڤزيونية وتعتمد الإشهارات التجارية على تحويل رسالتها لعمل شبه درامي وبشخصيات مشهورة في مجالات متعددة حتى يندمج المشاهدون و يحاكون اشخاص الشاشة في الحياة الواقعية . ليس هذا فقط بل كثيرآ ما يتحولون لنسخ يومية من شخصيات ومشاهدات التلڤزة
"المسرح الجديد" المنتج لهذه المسرحية يستعمل للتمثيل الذي تحول لمحاكاة تعبير "المحاكاة السينمائية" وقام بألأدوارعلى الرُكح كل من "هيثم قويعة" و"حاتم سعيد" و"صادق عيداني" و"عبده الشريف". كتابة ركحية ل"صادق عيداني"و"عبدالرحمن الشريف" ملابس "سلمى وحيدة" منتج "بلد وبليدة "أغراض ركحية "عبد الشريف "و "هيثم قريعة" الإنتاج لشركة المسرح الموحد وهي شركة مستقلة تم تأسيسها منذ سنوات قريبة من الفنانيين المشاركين بألعمل وهذا انتاجها الأول.