دولي

أكثر من 50 جمعية و منظمة فرنسية تدين المعاملة المهينة واللاإنسانية للافارقة في تونس

الشعب نيوز / صبري الزغيدي - عبرت أكثر من 50 جمعية و منظمة فرنسية عن رفضها الضغوطات الأوروبية التي تمارس على تونس لفرض سياسة أمنية متشددة ضد المهاجرين وأعربت  عن قلقها واستيائها من تدهور الأوضاع في تونس ، خاصة ما حصل في الأيام الأخيرة في مدينة صفاقس.

وبينت المنظمات في بيان مشترك لها أنه وبعد وفاة مواطن تونسي إثر شجار يوم 3 جويلية 2023 ، اصبحت هذه المدينة مسرحا لمواجهات بين بعض المتساكنين ، أججت مشاعر الكراهية لديهم وحملات على مواقع التواصل الاجتماعي و أصبح  المهاجرين و المهاجرات من افريقيا جنوب الصحراء، والمستقرين بهذه المدينة ، هدفا للعنف ، هذا بالاضافة الى الاحداث الخطيرة التي عرفتها البلاد في مارس والتي أدت في ذروتها الى وفاة ثلاثة اشخاص من أفارقة جنوب الصحراء.

و أكدت المنظمات ان خطاب الرئيس قيس سعيد العنصري والمفعم بالكراهية و"المحرض على ارتكاب الجرائم"  كان بمثابة الضوء الاخضر لارتكاب الانتهاكات الخطيرة التي استهدفت المهاجرين و المهاجرات الافارقة، محملة  السلطات المحلية والوطنية المسؤولية في ترد الأوضاع .

وبينت أن الخطاب كان سببا في إطلاق العنان للمعلومات المضللة الموجودة على الشبكات الاجتماعية ، و أيضًا لعنف مجموعات اخرى ،على غرار الشرطة والأمن او من بعض السكان  لمهاجمة المهاجرين و المهاجرات السود، الذين تعرضوا للعنف الشديد وسوء المعاملة، صاحبه افلات كامل من العقاب. 

فالعديد من الشهادات ، لا سيما من أول المستهدفين و المستهدفات بالعنف، وكذلك من جمعيات المجتمع المدني في تونس ولكن أيضًا من وسائل الإعلام الأجنبية ، تشير إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تجاه الافارقة من جنوب الصحراء : اعتقالات تعسفية عنيفة ، القاء من النوافذ، اعتداءات بالسلاح الابيض...

وقد ادان هؤلاء الشهود "المطاردات الفعلية للمهاجرين" والاعتقالات التي تبعتها إعادة قسرية لحوالي الف شخص إلى الحدود مع ليبيا أو الجزائر.

البيان لفت الى ان هدف السلطات التونسية من ذلك هو جمع المهاجرين و المهاجرات وتركهم هناك دون أية مساعدة أو وسيلة للعيش ، حتى طالبي و طالبات اللجوء منهم  فضلا عن تسجيل مداهمات وعمليات إخلاء تعسفي من المنازل ، وتدمير أو سرقة الممتلكات ، ومعاملات مهينة ولا انسانية ، فضلاً عن العنف الجسدي الذي إستهدف هؤلاء ، انتهاكات ارتكبتها القوات العامة  أو ميليشيات خاصة ،وهي موثقة على نطاق واسع ، و لا تزال متواصلة ،دون إدانة مرتكبيها من قبل المحاكم أو سلطات الدولة.

المنظمات أكدت ان هذا يحدث في سياق أزمة غير مسبوقة في تونس ،ازمة تطال جميع المجالات  الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمؤسسية والمالية ... وقد فاقمتها ضغوط ومساومات الاتحاد الأوروبي الذي ينوي ،عبر " تعزيز" شراكة غير متكافئة في خصوص الهجرة ، فرض تصدير مراقبة حدوده ومعالجة هذه القضية الى تونس.

 و تتضمن هذه السياسة القمعية طرد جميع المهاجرين و المهاجرات من الدول الأوروبية الممنوعين من حق الاقامة الذين مروا عبر تونس ، التي ، عكس ليبيا ، تم تصنيفها على انها "بلد آمن"، مما يعني جعل تونس حرس حدود الاتحاد الأوروبي ، والمسؤولة عن احتواء الهجرة "غير المرغوب فيها" وإبعاد المهاجرين و  المهاجرات قدر الامكان عن الأراضي الأوروبية ، مقابل الحصول على مساعدة مالية مهمة تاتي في الوقت المناسب ( 900 ألف يورو  ، على الاقل).

المنظمات بينت ايضا ان هذا يحصل على الرغم من المخاوف التي أثارها الانحراف الاستبدادي الملحوظ في تونس ودون اعتبار لسيادة القانون والحقوق الأساسية للأشخاص المهجرين في تونس، مشيرة الى ان  للازمة ابعاد اخرى ، حيث فاقمها ايضا الغموض الذي تتوخاه السلطات الجزائرية التي تستغل قضية الهجرة لغايات سياسية من خلال تحويل الأشخاص من أصول جنوب الصحراء عن حدودها  وهي التي لها حدود برية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء  نحو تونس.

الجمعيات والمنظمات الفرنسية اعربت عن تضامنها مع جميع ضحايا العنف مهما كانت جنسيتهم ، وادانت هذا العنف العنصري، مهما كان مأتاه ، كما اعربت  عن استيائها  من صمت السلطات التونسية المطبق و المتواطئ .

وحثت المنظمات والجمعيات تونس على تحمل مسؤولياتها من خلال حماية المهاجرات و المهاجرين على أراضيها من اية انتهاكات ، من خلال وضع حد لهذا العنف العنصري وعمليات الإعادة القسرية الى الحدود التونسية التي تتم بشكل غير قانوني ، داعية  الى الامتثال للقانون الدولي.

كما نددت بالضغط الذي مارسه الاتحاد الأوروبي على تونس والذي جاء في إطار شراكة غير متكافئة وتحت ضغوط المساومة، بهدف فرض سياسات مبنية على تدابير امنية متشددة على هذا البلد المتوسطي وذلك في ما يتعلق بالهجرة وحق اللجوء، في ازدراء تام للقانون الدولي وحقوق المهاجرين و المهاجرات .