وثائقي

محاكمات النقابيين/ سوسة 052 : ابحاث القضية لم تكن طبيعية واستنطاق المتهمين وقع تحت الاكراه

٭ الاستاذ منير بلعيد
قال اريد ان اركز بايجاز على ثلاث نقاط هي:
1) المفروض ان القضاء ينبغي ان يكون مستقلا استقلالا تاما عن اي اتجاه او اي شق كان.
2) اصبح من الثابت ان الابحاث التي اجريت في هذه القضية لم تكن طبيعية وان كل المتهمين تقريبا وقع استنطاقهم تحت الاكراه لدى الشرطة.
3) ان الظروف السياسية التي حفت بالقضية منذ الاول لا يجب أن تتأثر بها المحكمة التي يجب ان تتقيد بما هو موجود في الملف وعلى فرض ان المتهمين هم محالون لغايات سياسية فان لنا الثقة التامة ان هذه المحكمة ستحكم لهم او عليهم بالبراءة او بالادانة ولكن في حدود الملف.
وبعد ان تحدث المحامي في عدة جوانب قانونية تتعلق بالمتهم المنسوبة للمنوبين قال ان الاحالة ترمي الى الحكم بالادانة من اجل غاية واحدة (في نطاق الفصل 72).
اما ان تكون غاية المتهمين قلب النظام او تبديل هيئة الدولة
ـ واما ان تكون الغاية بث البلبلة والفزع في البلاد.
 فبخصوص الافتراض الاول اتضح من خلال الاسئلة التي القتها المحكمة على المنوبين والتي تتعلق بموقفهم من النظام انه افتراض غير صحيح لـ 3 اسباب هي:
٭ ان الاحالة نفسها لم تشمل ذلك
٭ ان الحكومة نفسها ارادت ان تبعد القضية من الصيغة السياسية بحيث ارادتها ان تكون قضية من قضايا الحق العام.
٭ ان هذا الافتراض لا يكون صحيحا الا اذا وقع ربط قضية سوسة بالقضية الام (قضية القيادة النقابية) التي مازال البحث لم يختم فيها وعلى فرض وجود شبهة في مؤامرة لقلب النظام فانه لا يجدر القول ان النقابيين المتهمين في سوسة يشاركون فيها فهم لم تقع مكافحتهم مع القيادة في تونس فضلا عن الاتصالات التي اثبتها البحث والتي كانت تقع بين الاثنين فان هذا امرا طبيعيا لان الاتحاد الجهوي بسوسة ماهو الا فرع جهوي للاتحاد العام في العاصمة وعلى هذا الاساس فلا اعتقد ان المحكمة تستطيع ان تصدر حكمها على اعتبار وجود تهمة قلب النظام.
واما بالنسبة للافتراض الثاني الذي يتضمن تهمة بث البلبلة والاضطرابات والفزع يقصد منها اقامة حرب اهلية في البلاد فان الثابت في القضية انه كانت هناك خلافات بين الاتحاد والحزب ولكن هل كان الاتحاد تجاوز الحل السلمي واختار القوة التي من شأنها ان تقيم الحرب الاهلية التي من اركانها القانونية ان يهاجم الناس بعضهم بعضا؟ الواضح في هذا الصدد ايضا ان اركان الحرب الاهلية لم تتوفر.
وبخصوص التحريض فانه بصرف النظر عن ان المحجوز لا تطنبق عليه النصوص القانونية (وقد تبحر الزملاء كثيرا في هذه الناحية) هناك امر ملح يطرح نفسه اذا كان المتهمون قد حرضوا فعلا اناسا على الهجوم بالسلاح فالمفروض انهم سلموا لهم الاسلحة وبالتالي ان هذه الاسلحة هي عند المحرضين (بفتح الراء) وليس بدار الاتحاد ولكن ما دام المحجوز موجودا امامنا وما دام لم يقع التحريض به فلا يمكن التسليم بوجود جريمة ومعنى هذا فالجريمة المنسوبة للمنوبين هي جريمة مستحيلة لانها لا تتوفر فيها الوسائل بخلاف الجريمة الخائبة التي تتوفر فيها هذه الوسائل ولكنها لم تتحقق لظروف خارجية بالنسبة للمجرم.
وبعد ان تحدث الاستاذ بلعيد عن الاركان المعنوية للجرائم المنسوبة للمنوبين واثبت انها غير متوفرة، اشار الى الظروف التي حفت باحداث جانفي الماضي وقال بالخصوص:  لقد اتضح قبل 26 جانفي ان هناك مناوشات كانت توجه للاتحاد منها التهديد باغتيال الامين العام والهجومات على مقرات الاتحاد في عدة مدن منها سوسة، وانه بالنظر الى حساسية العموم واجتنابا للفتنة كان من الانسب بالنسبة للهجوم الذي وقع على دار الاتحاد بسوسة (على سبيل المثال) ان يقع التحقيق فيه بسرعة مثل السرعة التي تم بها التحقيق في احداث قصر هلال ولذا فالنيابة العمومية التي من المفروض انها تتعهد بكل القضايا وقد قصرت فادى تقصيرها الى انها اعطت في اذهان العموم صورة غير الصورة التي يجب ان تكون عليها.
وامام هذه الحالة  وبعد ان وقع ما وقع نتيجة اخطاء فان التمادى في هذه الاخطاء سوف يؤدي بنا الى ماهو ادهى وامر، فماهو موقف المحكمـة يا ترى لتدارك الامر طبعا فهي لها حق موجود ومشروع هو حق التصدي للدعوى الجزائية اي ان من حقها  ان تثير من جديد دعوى وقع تركها واهملت (وفي قضية الحال الدعوى المتروكة  هي التي قدمت في شأن مهاجة دار الاتحاد من طرف مدنيين)..
وفي هذا المضمار اما ان تطالب المحكمة النيابة بمصير هذه الدعوى المتروكة واما ان تكلف احد اعضائها بالبحث فيها بنفسه وهذا اضمن بالرغم من انه لا يوجد قانون في تونس يصرح به،  الا انه لا يوجد ايضا قانون يمنعه.. وعلى اي حال فان الغاية من هذا الحق (حق التصدي) هي فرض نوع من الرقابة وعلى هذا الاساس فاني اطالب في نطاق هذا الحق ان تأذن المحكمة التحقيق في ما وقع في 20 جانفي.
ثم طالب الاستاذ بلعيد في ختام مرافعته بالحكم بعدم سماع الدعوى على منوبيه.