رمضان بن عمر للشعب نيوز: مذكّرة التفاهم مع الاتحاد الاوروبي انتكاسة لتونس
الشعب نيوز/ حوار صبري الزغيدي - كشف السيد رمضان بن عمر الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن مذكّرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الاوروبي لم تكن نتاجا لنقاش مجتمعي بل كانت في ظروف غير ديمقراطية، ومضامينها كرّست لتكون بلادنا حارسا للحدود الاوربية ومركزا للتوطين خلافا لما يدّعيه الخطاب الرسمي، وهذا ما يجعل هذه المذكّرة انتكاسة لتونس.
وبيّن رمضان بن عمر، في حوار خصّ به "الشعب نيوز" ان المساعدات المالية واللوجستية التي وعد بها الاتحاد الاوروبي لتونس موجّهة لمنع المهاجرين غير النظاميين من الوصول للفضاء الاوروبي ثم حجزهم في تونس في مراكز احتجاز في انتظار ترحيلهم، لافتا الى ان هذه العملية تتطلب اتفاقيات مع دول المهاجرين واجراءات طويلة تجعل من تونس سجّانا للمهاجرين.
وبخصوص المهاجرين غير النظاميين التونسيين الموجودين بالفضاء الاوربي، اكد السيد رمضان بن عمر ان مذكرة التفاهم جعلتهم عرضة لمعاملة تمييزية تنتهك حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم وتجعلهم فريسة للطرد الجماعي على الهوية التونسية، فضلا على ان عمليات الترحيل سواء للمهاجرين التونسيين او غيرهم لن تكون محترمة للكرامة. رمضان بن عمر طالب بتشريك منظمات المجتمع المدني والمنظمات النقابية في كل النقاشات والحوارات وبمزيد من الشفافية في كل مسارات العلاقة مع الاتحاد الاوروبي، مؤكدا ان على المجتمع المدني ممارسة مزيد من الضغط ومن المناصرة من اجل ان تكون الاتفاقيات التي ستلي مذكّرة التفاهم ضامنة للحقوق والحريات وان تتضمن توازنا عادلا وتحمي كرامة التونسيات والتونسيين في فضاء شنغن بصرف النظر عن وضعيتهم الادارية، وتعمل على ايقاف عمليات الترحيل والطرد الجماعي للمهاجرين غير النظاميين التونسيين.
بن عمر اكد ايضا مواصلة المناصرة والدفاع عن حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين والمهاجرين في كل مكان لأن ذلك في قلب قيم الثورة التونسية التي من الواجب تكريسها على ارض الواقع بصرف النظر عن الموقف من اي نظام سياسي في تونس ومهما كان شكله ومهما كان من يحكم.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
ماهي انتقاداتكم بخصوص مذكرة التفاهم الموقعة بين تونس والاتحاد الاوروبي؟
اولا من حيث الشكل، كنا نتوقع أن تونس ستستغل فرصة تاريخية لتصحيح مسار العلاقة مع الاتحاد الاوروبي ودوله ككل، لأن مسار هذه العلاقة منذ توقيع الاتفاقية الشراكة سنة 1995 نعتبره في مصلحة جهة واحدة الا وهو الطرف الاوروبي، بل وخلق تداعيات اقتصادية واجتماعية سلبية على تونس ساهمت في تعميق الازمة التي تمر بها البلاد حاليا، وهي أزمة تشمل جميع القطاعات.
مسارالعلاقة بين تونس والاتحاد الاوروبي جاء في مصلحة جهة واحدة
وللأسف عندما شهدت تونس الثورة، كنا نعتقد انها ستكون فرصة لتصحيح مسار هذه العلاقات، ونتذكر ان الاتحاد الوروبي ارتبك في الايام الاولى من تلك الفترة وقدم خطابا يعترف بأنه أخطأ في التعامل مع البلاد في عهد بن علي واكد انه سيتم تصحيح العلاقات لكن للأسف بعد ستة اشهر هذا الخطاب تغير على اساس خلق فرص جديدة لفرض مزيد الضغوطات على تونس.
ان مذكرة التفاهم الاخيرة مع الاتحاد الاوروبي هي اعلان نوايا عام ليتبعه فيما بعد مجموعة من الاتفاقيات، وبالنسبة الينا هذا الاعلان كان من المهم ان يتضمن مبادئ عديدة ومهمة.
أولا هذا الاعلان وجب ان يسبقه نقاش عام ومجتمعي مع المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابات والتي لها اراء ومقاربات حول هذا الملف، لكن للاسف هذا النقاش المجتمعي لم يحدث، ولم نر مسؤولين تونسيين يتحدثون عن رؤيتهم بشأن المذكرة ولم نر تواصلا مع المنظمات المهنية والنقابية، وبالتالي فإن هذه المذكرة تمت في مناخ غير ديمقراطي بمعنى المشاركة السياسية والمواطنية والمدنية، وهو عكس ما حدث في مستوى الاتحاد الاوروبي عبر النقاشات في البرلمان الاوروبي وفي برلمانات دول الاتحاد الاوروبي وتصريحات من مسؤولين وندوات صحفية مطولة حول الموضوع، وفي المقابل فعلى مستوى الجانب التونسي سجلنا تعتيما واضحا وكاملا على الموضوع وعدم تقديم المعطيات وانتهاك حق المواطن التونسي في المعلومة حول موضوع خطير واتفاق تاريخي.
هذه المذكرة لم تنص على مبدئي المساواة والتكافؤ في العلاقات بين البلدين
اما من حيث المحتوى، فمذكرة التفاهم تضمنت عناوين كبرى، وعادة ما تحتوي هذه العناوين الكبرى تركيزا على القيم والمبادئ التي تجمع العلاقات بيننا وبين الاتحاد الاوروبي.
وكنا نعتقد ان اهم قيمة في هذه العلاقات هي المساواة والتكافؤ بين الطرفين وبين حقوق مواطني الطرفين، وللاسف فإن هذه المذكرة لم تنص على مبدئي المساواة والتكافؤ في العلاقات بين البلدين وفي حقوق مواطنيهم .
وعندما نتحدث عن التكافؤ فبالضرورة سيحيلنا ذلك الى مسألة الحقوق والحريات، فاليوم الحقوق مضمونة لمواطني الاتحاد الاوروبي الموجودين في تونس أو الذين يتنقلون اليها، ولا نتحدث ايضا عن المواطنين الاوروبيين فحسب، بل السلع الاوروبية والمرابيح ورؤوس الاموال، فكلها تتمتع بكل الضمانات القانونية وتتمتع ايضا بحرية التنقل .
هذا للاسف غير متوفر للمواطنات والمواطنين التونسيين، فهذه المذكرة كرست حرمانهم من عديد الحقوق والحريات، ومنها الحق في التنقل الذي اضحى حقا الا لدى الضفة الشمالية وحرمان التونسيين من مبدإ موجود في القانون الدولي ألا وهو عدم الاعادة القسرية من خلال الحديث على اعادة القبول .
اضافة انه في مستوى الشكل هناك عناوين عامة تكررت في عديد الاتفاقيات السابقة أو في محاضر جلسات وتصريخات سابقة منذ سنة 1995 كعناوين الانتقال الطاقي والايكولوجي والتكنولوجي .
كيف سيتم التعامل مع المهاجرين غير النظاميين التونسيين الموجودين في الفضاء الاوربي استنادا لهذه المذكّرة؟
مذكرة التفاهم كرست ايضا تهديدا خطيرا للمواطنات والمواطنين التونسيين الموجودين في الفضاء الاوروبي خلافا للمواطنين الاوروبيين الموجودين في الفضاء التونسي او الذي يتنقلون اليه .
التونسيون في الفضاء الاوروبي محلّ تهديد بحجة وجودهم في وضعية غير نظامية، ونعلم ان الوضعية النظامية وغير النظامية مرتبطة بأسباب عديدة ومن بينها القوانين المحلية للدول الاوروبية التي تنتهك احيانا حقوق وكرامة المهاجرين او انها لا تتيح امكانية الولوج او الحصول على الاقامة او انها لا تتيح عملية تجيد الاقامة بطريقة سهلة .
ونعلم ان الاتحاد الاوروبي في السنوات الاخيرة منحاز يمينا في كل القوانين لمزيد التضييق على المهاجرين، وهذا ما يجعل وضعية الالاف من المهاجرين الموجودين في فضاء شنغن تحت تهديد كبيربسبب هذه الاتفاقية، المتمثل في ان يصبحوا في وضعية غير نظامية وبالتالي يصبحون تحت طائلة مبدإ ما يسمونه اعادة القبول، وهو ما نعتبره نحن مبدأ الطرد الجماعي على الهوية .
وهذا يعني ان كل مواطن تونسي متواجد في فضاء شنغن وضعيته غير نظامية سواء وصل بوضعية غير نظامية او انه لم يتمكن من تجديد اقامته فإنه سيكون محلّ تهديد بالترحيل بصرف النظر عن وضعيته.
مذكرة التفاهم مسوغة لأي منظومة سياسية معادية أكثر للمهاجرين
ولنا تخوفات من وصول اطراف اكثر يمينية في اوروبا لأنه سيجعل هذا الخطر يتضاعف وسيجعل من مذكرة التفاهم هذه مسوغة لأي منظومة سياسية معادية أكثر للمهاجرين حتى تستعملها لعمليات طرد، نعتبرها نحن، طرد على الهوية.
صحيح أن مسألة الترحيل القسري ليست بالجديدة في هذه المذكرة، لكنها كانت موجودة في اتفاقيات ثنائية مع ايطاليا منذ سنة 1998 ومع فرنسا في 2008 ومع المانيا منذ سنة 2017، لكن هذه الاتفاقيات تبقى ثنائية وكانت فيها محددة بعدد من المرحّلين رغم ان الحكومات المتعاقبة ضاعفت عدد المرحّلين وتعاملت في مجال الترحيل القسري من خلال التصاريح القنصلية.
لكن في هذه المذكرة، ستشمل هذه العملية كامل فضاء شنغن ليس فقط 3 دول كالسابق، فكل الدول في هذا الفضاء بامكانها الاعتماد على هذه المذكرة حتى تفرض اتفاقيات متعلقة باستقبال المهاجرين التونسيين المرحّلين قسرا، وهذا ما سيجعل الجنسية التونسية في فضاء شنغن وكأنها جنسية مستهدفة دون الجنسيات الاخرى، وسيصبح كل تونسي غير نظامي يقع ايقافه في فضاء شنغن سيكون عرضة لمعاملة خاصة، ليست معاملة تمييزية ايجابية بقدر ما سيكون عرضة لمعاملة انتهاكات وعرضة لاجراءات سيجد نفسه من خلالها مرحّلا الى مطار طبرقة، وهذا خطر كبير يهدد الاف التونسيين، وهو الامر الذي لا نقبله لأن ذلك مخالف للاتفاقيات الاوروبية لحقوق الانسان، فمبدإ الاعادة القسرية الجماعية مرفوض وهو ما نعتبره اعادة وطرد على الهوية التونسية.
وأود ان اذكّر، ان عمليات الترحيل الجماعي القسري للتونسيين تدعّمت خلال الحكومات المتعاقبة، فبعد ان كان الترحيل مع ايطاليا يصل الى 20 مهاجرا اصبح العدد الان يبلغ 160 مهاجرا في الاسبوع، وبامكان هذا العدد ان يتضاعف او ان لا يكون له سقف معين.
وبعد ان كانت عمليات الترحيل الجماعي مع ايطاليا فقط، التحقت المانيا سنة 2017 ، وفي السنة الفارطة استقبلت تونس 11 طائرة لمرحّلين تونسيين من المانيا في رحلات غير معلنة، لتلتحق بعد ذلك فرنسا بعد الضغوطات التي مارستها على تونس بعد حادثة نيس وللاسف خضعت تونس لتلك الضغوطات.
هذا ما يجعل المهاجر التونسي محروما من الحقوق في فضاء شنغن، لأن دولته تتعاون في التعرف على الهويات ثم الترحيل بعد ذلك، وبالتالي فإن هذه المذكّرة ستخلق خطرا على المهاجرين التونسيين في الفضاء الاوربي ككل وليس في دولة او اثنتين كالسابق، وستستغله الانظمة الحاكمة في ذلك الفضاء للمطالبة بترحيل المهاجرين التونسيين ويجعلهم ايضا محل مطاردة.
مذكرة التفاهم نصت على ان تونس لن تكون ارض توطين او حارسا للحدود الاوروبية، ما حقيقة ذلك؟
بالفعل، المذكرة تضمنت فقرة تكررت في تصريحات رئيس الجمهورية في مناسبات عدة حول ان تونس لن تكون ارض توطين او حارسا للحدود الاوروبية، وطبعا لا يمكن الاختلاف بشأن هذه الفقرة، ولكن المشكل الدائم مع المنظومة السياسية الحالية هو ان تعلن شيئا لكن الواقع مناقض تماما للمعلن وللمصرح به.
تونس تحولت للاسف الى رأس حربة في المقاربة الامنية للبحر الابيض المتوسط
نحن نعلم ان مسألة حراسة الحدود الاوروبية ان تونس تحولت للاسف الى رأس حربة في المقاربة الامنية للبحر الابيض المتوسط ، اي ان تونس تقوم بعمليات اعتراض لقوارب المهاجرين غير النظاميين حتى في مسافات كبيرة في المتوسط وتنقلهم الى تونس.
ففي السنة الفارطة منعت تونس أكثر من 38 الف مهاجر غير نظامي من الوصول الى السواحل الاوروبية، وخلال 6 اشهر من السنة الجارية منعت تونس أكثر من 34 الف مهاجر غير نظامي من الوصول الى السواحل الاوربية، اضافة الى ان الاتحاد الاوربي في السنوات الاخيرة مكّن تونس من معدات كبيرة من خافرات وسيارات رباعية الدفع ومنظومات رادارية، الى جانب ابرام اتفاقيات لصيانة خافرات ولتدريب وحدات الحرس البحري.
وهذا كله يكذّب أو ينفي الوقائع و الكلام حول ان تونس لن تكون حارسا للحدود الاوروبية، فضلا ان الاتحاد الاوروبي يشرف على مشاريع عديدة لتدعيم المراقبة على الحدود، ليس فقط الحدود البحرية بل ايضا الحدود البرية، ونعلم ان مراقبة الحدود مع ليبيا مثلا تمت بتمويل امريكي في 2015 والقسط الثاني تم بتمويل الماني، ويشرف الان الاتحاد الاوروبي على تركيز منظومة مراقبة على الحدود مع الجزائر وسيتم تركيز مركز للتدريب في نفطة بتمويلات اوروبية ايضا، وتم تجديد مركز التدريب بواد الزرقاء اضافة الى ان الاتحاد الاوروبي سيمكّن تونس من اموال لانشاء مراكز للتنسيق حول عمليات الانقاذ البحري، وسيمكّن تونس عن طريق المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة معدات رادارية لخفر السواحل وطائرات بلا طيار، بالتالي فهده المشاريع تؤكد ان تونس تقوم بدور حارس حدود الاتحاد الاوروبي.
اذن، كيف سيتم التعامل مع المهاجرين غير النظاميين المتواجدين في تونس وفق هذه المذكّرة؟
بالنسبة لمسألة وضعية المهاجرين غير النظاميين في تونس ومسألة التوطين، فقد تضمنت المذكرة معطيات تفصيلية فقط في علاقة بقضية الهجرة، فقد اكدت المذكرة ان الاتحاد الاوروبي سيتعاون وسيقوم بتغطية مصاريف وتكلفة اعادة المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس.
وفي هذا المستوى وجب توضيح نقطة للرأي العام، ان عملية ترحيل المهاجرين غير النظاميين يجب ان تكون في اطار اتفاقية بين الدول، ووجب التعرف على الهويات كمرحلة اولى ثم القيام بعملية الترحيل.
فإذا كانت تونس تريد ترحيل المهاجرين غير النظاميين الموجودين على ارضها، عليها اولا التعرف على الهويات، وحتى تقوم بذلك يجب ان تكون هناك قبل كل شيء اتفاقيات مع دول المهاجرين ولديها تواصل على المستوى الامني معها.
ونعلم ان الكثير من المهاجرين غير النظاميين اثناء رحلتهم يفقدون وثائقهم او يقومون بتغييرها، وبالتالي ستظهر صعوبة كبيرة في التعرف على هويات المهاجرين، وفي الوقت نفسه وفي انتظار عمليات الترحيل لابد تركيز مراكز لتجميع المهاجرين حتى لا يفر المهاجرون، وبالتالي ستكون تلك المراكز مراكز احتجاز، يمعنى ان تونس بفضل هذه المذكرة ستركز مراكز احتجاز للمهاجرين تحتجزهم فيها في انتظار التعرف على هوياتهم والاتصال بسفاراتهم، واذا تعاونت هذه الاخيرة وقدمت بطاقات العبور القنصلية وقتها فقط تتم عملية الترحيل .
المذكرة ستعطي الشرعية لاقامة مراكز احتجاز للمهاجرين غير النظاميين
من خلال ذلك، طبيعي جدا ان تطول مختلف تلك الاجراءات، وعدد المهاجرين آخد في التكاثر، ومركز احتجاز واحد لن يكفي، اي ان تونس ستضطر لتركيز مراكز اخرى على مختلف الحدود، بطريقة تبيّن اننا قبلنا ما رفضناه سنة 2017 عندما اقترح الاتحاد الاوروبي على دول الجنوب انها تقيم مراكز لفرز المهاجرين، وهكذا فهذه المذكرة ستعطي الشرعية لاقامة مراكز احتجاز للمهاجرين غير النظاميين، سيما وان قوانيننا وتشريعاتنا لا تقبل ان تستقبل وتحتجز المهاجرين الى وقت غير محدد، كأننا ايضا قبلنا ان نلكون لاعبين لدور السجان.
بالتالي فعكس ما يقال، وعند تدقيقنا مع التفاصيل يمكن القول ان المذكرة شرّعت للتوطين ولانشاء مراكز الاحتجاز.
من ناحية أخرى، تحدثت الاتفاقية على احترام الحقوق والكرامة اثناء عمليات الترحيل، وهذا مجانب للواقع، فوجب التذكير انه في 30 مارس 2023 اصدرت المحكمة الاوربية لحقوق الانسان قرار بادانة الحكومة الايطالية على خلفية قضية رفعها المنتدى بمساندة جمعيات ايطالية في حق 4 مهاجرين غير تظاميين تونسيين وصلوا الى ايطاليا سنة 2017، ادانوا الحكومة الايطالية بانها انتهكت حقهم في الامن وفي التنقل وارتكبت عملية الترحيل القسري الجماعي، ووقتها عجزت الحكومة الايطالية على القيام بعملية الاستئناف، واقرّت المحكمة بالتعويض الى اولائك المهاجرين.
هؤلاء المهاجرين كانوا جزءا من عينة اشتغل عليها المنتدى في 2017، وللاسف بقية العينة لم تكن لديهم الوثائق التي تثبت وجودهم ، لكن طلبنا من الحكومة التونسية ان تبني على قرار المحكمة بهدف ايقاف عمليات الترحيل القسري لأنها لا تحترم التراتيب الجاري بها العمل، لأن الترحيل هو قرار يشمل الفرد ولا يمكن ان يكون بطريقة جماعية، لكن للاسف تضمنت المذكّرة بعض العبارات الفضفاضة لتجميل هذه المذكّرة من الناحية الحقوقية، لتجعل منها بالتالي انتكاسة لتونس.
ماهي مقاربتكم لتكون المذكّرة ضامنة لكرامة الانسان ومحافظة على السيادة الوطنية؟
مقاربتنا في علاقة بالاتحاد الاوروبي وبقضايا الهجرة تعتمد اولا على حفظ الحقوق وانقاذ الارواح، ولابد من اعادة التأسيس لعلاقات جديدة مع الاتحاد الاوروبي قائمة على قيم الحرية والحقوق والكرامة المتبادلة.
فاليوم العلاقة مع الاتحاد الاوروبي غير متوازنة، وهو الذي لا يتحمل المسؤولية في البحر الابيض المتوسط الاوسط في انقاذ الارواح باعتباره تخلى عن هذا الدور وجعله عبئا على دول الجنوب وخاصة ليبيا وتونس في السنوات الاخيرة.
كما لا يمكن ان نؤسس لعلاقات متوازنة مع الاتحاد الاوروبي والمواطن التونسي مبتور الحقوق وممنوع من حقه في التنقل، فعلى الاتحاد ان يعي بأنه لا يمكن ان تكون علاقات متوازنة بلا حرية التنقل للتونسيين داخل فضاء شنغن .
ايضا العلاقة يجب ان تنبني على ايقاف كل تعاون لا يحترم الالتزامات الدولية خاصة في مستوى التعرف على هويات المهاجرين والايقاف الفوري لعمليات الطرد الجماعي للمهاجرين غير النظاميين التونسيين التي تحدث من قبل دول الاتحاد الاوروبي .
ونحن نطالب بتشريك منظمات المجتمع المدني والمنظمات النقابية في كل النقاشات والحوارات وبمزيد من الشفافية في كل مسارات العلاقة مع الاتحاد الاوروبي، ونريد ان نعلم في ماذا تُصرف الاموال التي خصصها الاتحاد الاوروبي في المجال الامني خاصة في مسألة الهجرة.
امام كل هذه الانتقادات، كيف ترى دور المجتمع المدني لمراجعة او تعديل مذكّرة التفاهم؟
هذه المذكّرة تبقى دائما اطارا عاما وهي مقدمة لمجموعة من الاتفاقيات، لذلك يتنزل الان وهنا دور المجتمع المدني التونسي لممارسة مزيد من الضغط ومن المناصرة من اجل ان تكون هذه الاتفاقيات ضامنة للحقوق والحريات وان تتضمن توازنا عادلا وتحمي كرامة التونسيات والتونسيين في فضاء شنغن بصرف النظر عن وضعيتهم الادارية، وتعمل على ايقاف عمليات الترحيل والطرد الجماعي للمهاجرين غير النظاميين التونسيين.
ورغم كل شيء، سنواصل المناصرة والدفاع عن حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين والمهاجرين في كل مكان لأن ذلك قلب قيم الثورة التونسية التي ناضلنا من اجلها منذ سنوات، ولابد اليوم من تكريسها على ارض الواقع بصرف النظر عن موقفنا من اي نظام سياسي في تونس ومهما كان شكله ومهما كان من يحكم.