آخر ساعة

جبهة المساواة وحقوق النساء في عيد المرأة : تساؤلات عن تراجع الحقوق وتنامي العنف اليومي والقتل في" شاحنات الموت"

الشعب نيوز / ناجح مبارك - 

* ارتفعت حالات القتل المتعمد للنساء الى 19 منذ بداية 2023

بمناسبة عيد المرأة الذي تحتفل به نساء تونس و رجالها اليوم الاحد 13اوت اصدرت جمعيات ناشطة ضمن جبهة المساواة وحقوق النساء بيانا تساءلت فيه عن حقوق النساء مع التوقف عند تراجع المكاسب السياسية والانتخابية في ظل الدستور الجديد والتركيز على البعد الاجتماعي والحقوق المهضومة في السنوات الاخيرة في خصوص العاملات الفلاحيات اللاتي يقتلن يوميا بشاحنات الموت ،هذا مع تواصل العنف المسلط على النساء ويصل العنف حد القتل مع تسجيل 19 حالة قتل متعمد مع الاشهر الاولى لسنة 2023.

ومن الجمعيات الممضية على البيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وجمعية النساء الديمقراطيات والنقابة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وجمعية توحيدة بن الشيخ.... ومساندة شخصيات مثل درة محفوظ ونجاة العرعاري ...وجاء في البيان : تحيي تونس اليوم الذكرى 67 لصدور مجلة الأحوال الشخصية، وهي أحد أهمّ المكاسب التي ناضلت من أجلها منذ بداية القرن العشرين أجيال من النخب التنويرية و النسويات والمدافعات والمدافعين عن حقوق النساء. يأتي عيد المرأة التونسية ككل سنة ملونا بدماء النساء من تم تقتيلهن بأساليب مختلفة وببشاعة تتفاقم يوما بعد يوم ومن فقدن حيواتهن بسبب شاحنات الموت على مرأى ومسمع مؤسسات الدولة، وسط تطبيع عميق ومعلن مع العنف المبني على النوع الاجتماعي والذي يتغذى من نظام بطريركي وهيمنة ذكورية وخطاب رجعي وتقليدي بالإضافة الى منظومة قانونية لا تستجيب الى حاجيات النساء اليوم. نساء يعشن في جهنم العنف.

* ارقام مفزعة

 ارتفع عدد جريمة تقتيل النساء بمعدل يزيد عن حالة قتل شهريا حيث بلغ عدد الحالات 15 جريمة سنة 2022 و تزايدت منذ بداية 2023 فبلغ العدد 19 ويقابل هذه الجرائم غياب إرادة فعلية في تطبيق القانون و بالتالي تعزيز الإفلات من العقاب .

تبين العديد من الاحصائيات والدراسات بالإضافة الى العمل اليومي للجمعيات ان اكثر من نصف نساء تونس هن ضحايا عنف بنسبة 53 بالمئة وتبين الدراسة الوطنية حول العنف المسلط على النساء في الفضاء العام ان ثلثي 2/3 نساء تونس تعرضن ولو لمرة واحدة لشكل من أشكال العنف سواء ان كان لفظي ، نفسي ، جسدي و جنسي، تصاعدت نسبة العنف المسلط ضد المرأة بجميع أنواعه حيث أن الأرقام التي نشرتها مؤخرا وزارة الأسرة والمرأة والطفل وكبار السن تُعدُّ مفزعة حيث بلغت عدد الاشعارات حول العنف المسلط ضد المرأة في شهر جويلية فقط، 216 إشعارا.

اما بالنسبة للعنف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه نساء تونس يترجم بالأساس في التهميش والاقصاء والهشاشة التي تعيشها حيث بلغت نسبة بطالة النساء 23.8% ، أما بالنسبة لوضعية صاحبات الشهادات الجامعية فهي اكثر تأزما حيث أن أكثر من 4/10 أي بمعدل 40.7% عاطلات عن العمل مقابل 17.6% من الرجال مما يدفعنه للعمل الهش والغير مهيكل ومما أدى الى ظاهرة ما يسمى بتأنيث البطالة.

أما بالنسبة للأوساط الريفية فإن التمييز ضد النساء يترجم بكل أشكاله، حيث تمثل النساء 76% من القوة العاملة الزراعية (المعدل العالمي يمثل 50%) وكثيرا ما يتقاضين نصف أجر الرجل، بالإضافة الى أعباء العمل غير المأجور (الاعانة العائلية والمنزلية) الذي يتجاوز العمل الإجمالي نسبة ال 40% من ساعات العمل التي تصل إلى معدل 16 ساعة في اليوم مقارنة بالرجال ، تصنف تونس في مراتب الدول الأخيرة حسب التقرير العالمي للمساواة بين الجنسين في تحقيق المساواة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، فهي تحتل المرتبة 126 على 156 دولة بالنسبة لكيفية توزيع الموارد وتكافئ الفرص بين النساء والرجال ، كما صُنّفتْ في المرتبة 144 فيما يتعلّقُ بالمشاركة والفرص الاقتصادية.

كما طال العنف السياسي والمؤسساتي ناشطات الحركة النسوية والشبابية والمجتمع المدني والسياسي بالإضافة الى الصحفيات اللاتي تعرضن الى التشويه والسحل الالكتروني بالإضافة الى انتهاك جملة من حقوقهن مثل الحق في التقاضي العادل والحق في التنقل والسفر.

يجدر بنا الإشارة الى الفئات الهشة من النساء اللواتي تتعرض الى عدة اشكال تمييز وعنف متقاطعة ومضاعفة، فأمام تنامي مظاهر التّمييز العنصري مؤخرا، تم استهداف المهاجرات المنحدرات من جنوب الصحراء بعد ترحيلهن القصري دون الاخذ بيعن الاعتبار خصوصيتهن كنساء.

وتنسحب وضعية التمييز والاضطهاد على أصناف أخرى من النساء منهن ذوات الإعاقة و السجينات ، حيث تخضعن علاوة على الوصم الاجتماعي الى تخلي الدولة على مسؤوليتها في تأمين حقوقهن في التأهيل والادماج الاجتماعية وتوفير الحماية والاحاطة بهن كصاحبات حق وليس كحالات اجتماعية.

منظومة قانونية مهترئة ولا تستجيب لتطلعات النساء ولحماية حقوقهن: على الرغم من أهميتها في ضمان جملة من الحقوق الا أن مجلة الأحوال الشخصية اليوم لم تعد في مستوى انتظارات الحركة النسوية في تونس ولا تتلائم مع تطور واقع النساء وخروجهن للعمل ومساهمتهن في بناء المجتمع وتطوره، فقد كرست مع الوقت نموذج العائلة الابوية و عدم المساواة و التمييز، بالمحافظة على مؤسسة المهر و على رئاسة العائلة للزوج وانفراد الأب بالولاية على الأطفال إضافة الى عدم المساواة في الميراث الذي أدى الى تكريس تأنيث الفقر في تونس وعدم تمكين النساء من الثروة وبالتالي تكريس الهوة بين الجنسين وتعزيز الهيمنة التي تغذي تفشي العنف بمختل أشكاله و زيادة تفشي العنف على النساء والأطفال.

أما بالنسبة لمجلة الشغل والمجلة الجزائية ومجلة الجنسية ومجموعة القوانين الوطنية لا تزال مستمدة مرجعياتها من منظومة معيارية اجتماعية وثقافية بطريركية ولا تتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان وحقوق النساء بشكل خاص وبالتالي تترجم هذه المنظومة التشريعية محدوديتها في تعزيز المساواة بين المواطنات والمواطنين المنصوص عليها في الدستور بالإضافة الى محدوديتها في حماية حقوق النساء والاخذ بعين الاعتبار خصوصيتهن.