ثقافي

جواهر من الشعر الصيني" لعثمان الجلاصي الشريف: فتح نافذة على متون مبدعين بأوزان وقوافي بعيدة"

الشعب نيوز / ناجح مبارك - 

* إهتمام جيل جديد من الباحثين بالترجمة من الصينية وإليها 

يسافر المترجم والباحث والاديب عثمان الجلاصي الشريف في ثنايا الادب الصيني عامة ليقتطف منه شذرات من نصوص خالدة حيث مكنته مجلة الادب الصيني الناطقة باللغة الفرنسية وطيلة عقود وهو المواضب على مطالعتها من التمعن في انواع الكتابات الادبية الصينية من شعر وقصة وحكاية ورواية ودراسة وهذه النصوص تجمع حسب المولف بين الجمالية والشعرية والبعد الانساني وهو الخيط الرابط في التواصل بين الشعوب والثقافات حيث ان النصوص الصينية الكونية بطبعها ورغم غرقها احيانا في المحلي وخصوصية مشاغل كتابها ومبدعيها فان معين لا ينضب من التبشير بالتسامح والبذل والعطاء والاجتهاد والذود عن الوطن .

* نصوص و أوزان 

هذا على مستوى المضمون اما الشكل فإنه يتخذ عدة ألوان حيث ان للشعر الصيني عدة اوزان خاصة به كما ان للقصة والحكاية بنيتها وقد تمعن الباحث المجتهد عثمان الجلاصي الشريف في خصوصية الكتابة الشعرية الصينية بين القديم والمعاصر والتقليدي والحداثي والنسائي والرجالي والموزون والحر ومن النصوص الشعرية التي اشتغل عليها الباحث ماهو قديم ومؤسس للاسطورة الادبية في بلاد المليار  و نصف ساكن.

يقول النص الشعري القديم : " إجمع ازهار اللوتس في مياه النهر

مستنقع السحلبيات تملاه الاعشاب العطرة

هي ايضا اجمعها لكن لمن اهديها

اذا كانت حبيبتي بعيدة عني

التفتيش وانظر صوب بلادي

الطريق اليها يمتد الى مالا نهاية

قلوب موحدة ،منازل منفصلة

نحن نشيخ في الحزن"

 

رحلة الاديب الباحث عثمان الجلاصي الشريف قادته في الزمن الى القرن السادس ميلادي مع الشاعر شان زي يانغ وهي زهي زهانق وهذا الاخير من المبدعين الثمانية الخالدين حسب المؤرخين الصينيين وذكر في سجلاته انه دخل في غيبوبة ولما استيقظ صرح انه زار الجنة يقول  لزهي زهانق :

"عدت الى موطني الذي غادرته منذ زمن بعيد

حافظت على لهجتي الاصلية

وإبيض شعري : ابنائي نظروا الي وما عرفونني

سألوني ضاحكين : من أين جئت ايها المعلم الشيخ ؟ "

ولا يخلو الشعر الصيني وعبر مدونة مفتوحة من الرومنسية والتغني بالطبيعة في فضاءات فلاحية شاسعة ومفتوحة قبل ان تصعقها صواعق التمدن والتحضر العمراني والانفتاح السكاني مما كان له الاثر على الشعر الحر الحديث حسب النقاد والمبدعين المهتمين بتاريخ الادب في البلاد التي لا تغرب عنها الشمس وفي باب التغني بالطبيعة ومفاتنها ورومنسيتها الليلية يقول الشاعر مانغ هاوران المولع بالطبيعة والذي توفي سنة 740 ميلادي : 

" ما اجمل ان تنام عند الفجر

لماذا تنوح العصافير

بالامس احدثت الامطار و الرياح صخبا

كم زهرة سقطت اثناء الليل "

* عن الآلام وصروف الدهر

وعن صروف الدهر وآلام الحياة في تقلباتها يتوقف الكاتب عثمان الجلاصي الشريف عند الشاعر لي باي مع الاشارة الى ان المؤلف قد حاول التوقف عند ترجمة مسار وسيرة حياة الشعراء الذين ترجم لهم وهذا في اغلب النصوص ولكنه قد لايعثر على ترجمة لشعراء فيترجم النصوص دون التوقف عند اصحابها ومن ذلك الشاعر "لي باي"الذي يقول في نص بعنوان "شيب":

" شعري الابيض بطول

ثلاث مائة قدم

لكنه لا يضاهي طول احزاني

وانا انظر الى المرآة

لا اقدر على تجاهل

ان الجليد يغطيه باستمرار "

هكذا فان كتاب الباحث المتميز عثمان الجلاصي الشريف المعنون بجواهر من الشعر الصيني والصادر من مطبعة فن الطباعة والصادر في 121 صفحة ضمن اكثر من ثلاثين قصيدة تمعن الكاتب في اصولها ونسبتها وهو ما يفتح الباب امام الباحثين التونسيين للمزيد من الاشتغال على الادب الصيني ورده هوة الجهل بفنون هذا البلد .

ويذكر ان عثمان الجلاصي الشريف قد ترجم من قبل وقدم للمكتبة التونسية عدة اعمال تدخل في باب الترجمة والاطلاع على الثقافات الاخرى ومن ذلك ترجمة بعنوان "شيء من الحياة" كمختارات من الشعر العالمي .