وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (8):  أعجبه ترحيبي به لكنه تمنى ان لا اكون أستاذا

أتحدث مرة أخرى عن الزعيم سي الحبيب عاشور. فما ان رفع عنه الاستثناء واسترد منصب قيادة الاتحاد - رئيسا-  في نوفمبر 1981 حتي اخذ عقد "خصومه الداخليين" ينفرط بين سنتي 1982 و1983. فقذ انشق عنه سبعة من رفاق الامس واسسوا الاتحاد الوطني التونسي للشغل بزعامة المرحوم عبد العزيز بوراوي

وانضم إليهم من القصرين المرحوم محمد الكافي العامري الكاتب العام السابق لاتحاد القصرين الذي كان أحد اعضاده في أزمة جانفي 1978 والذي اطيح به من منصبه أثر انضمامه إلى الجبهة الوطنية "الانتخابية" التي اوصلته نائبا في البرلمان فأسس اتحاد النقابات المستقلة وجعل مقرها قرب قهوة العكريمي بالقصرين ثم انضم إلى الاتحاد الوطني التونسي للشغل المنشق عن المنظمة الام.

ولما اشتد عود المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وقد أصبحت به عضوا وأصبح كاتبه العام الاخ الحبيب القصوري أمد الله في انفاسه، اعددنا العدة لاقتبال سي الحبيب عاشور بالقصرين...

نزل في فندق سفيطلة بسبيطله ليقضي ليلته هناك وليحل بدار الاتحاد في الغد. قرانا حساب إفساد الاجتماع من قبل "الأخوة الاعداء".  بعضهم حاول التسلل إلى مدخل القاعة ورفعت هتافات مناوئة لنا وللزعيم سرعان ما غطتها هتافات الترحاب بالضيف الكريم والنشيد الوطني التونسي وحف به وهو يتأهب للنزول من سيارته في المدخل رجال غلاظ ذوو بأس من العمال الاوفياء وادخل القاعة تحت موجة عارمة من التصفيق رغم ان احد نعليه قد خلع من إحدى قدميه من فرط الزحام...

كان أحد العاثرين على النعل قد لوح به أمام الحاضرين والبسه اياه وهو جالس يتصدر المنصة...فعلق على ان العثور علي حذائه تم في وقت قصير على عكس حذاء بورقيبة الذي فقده في هجرته إلى الشرق عبر ليبيا والذي استغرق العثور عليه وقتا طويلا قبل أن يتعقبه محمد الصياح مدير الحزب الحاكم آنذاك. فصفق القوم له ولبورقيبة..

أسندت إليّ كلمة الترحيب به، فهاجت القاعة حماسا وأطلق أحد الحاضرين على المنشقين عن الاتحاد نعت "المبيوعين" فكررها سي الحبيب في خطابه الذي كان موجزا وبليغا أكد فيه خاصة على استقلالية الاتحاد والح على العناية بأوضاع العمال وخاصة عمال الفلاحة...

وقد أعجب بخطاب الافتتاح وسأل عني وعن عملي فقيل له انني استاذ فقال " تمنيت لو انه كان من العمال..." ولكنه اطمأن الي فيما بعد، حين عرفني عن كثب.

الحلقة القادمة: اول لقاء مباشر مع سي الحبيب عاشور في صفاقس.