وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (9): اول لقاء مباشر مع سي الحبيب عاشور في صفاقس.

اشرف المرحوم حسين بن قدور عضو المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد، على مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين سنة 1984 حسب ما اذكر. كان يتوقع ان الكاتب العام سي الحبيب القصوري سيتم إعادة انتخابه على رأس الاتحاد لكن شغل الكواليس وطبيعة التحالفات ومنها ذات الطعم "العروشي" غلبت الكفة لغيره وهو كاتب هذه السطور.

غضب سي الحسين او تظاهر بذلك ولم يمض على بطاقة توزيع المسؤوليات ورجع إلى تونس فرحا غير مسرور.

كنا نعلم ان سي الحسين هو العضد الأيمن لسي الحبيب ولكن، في الباطن هناك صراع غير معلن عبر اكتساب المواقع والانصار وتعديل الموازين. لذلك، أسرعنا بتكوين وفد مختلط من أغلبية الأعضاء المنتخبين راعينا فيه العنصر "القبلي/ العروشي" من فراشيش وماجر وأولاد تليل ومن بعض المناضلين الذين كانوا أوقفوا في أحداث جانفي 1978 وخاصة المرحوم بلقاسم العيادي وهو ماجري من سبيطلة ومن قطاع السياحة وتربطه علاقة وطيدة بابراهيم  بعرون رحمه الله الكاتب العام لنقابة اعوان نزل اميلكار التابع للاتحاد آنذاك والمقرب لسي الحبيب عاشور وابنه ثامر عاشور مدير نزل اميلكار

* في الصورة العليا مجموعة من نقابيي القصرين ويظهر في الاعلى الاخ الحبيب القصوري وفي الصورتين المواليتين اجتماع للهيئة الادارية بحضور عاشور وبن قدور ثم عاشور وبن قدور وبينهما صلاح خلف ابو اياد نائب الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات

لم يستقبلنا سي الحبيب ولكن الرسالة بلغته فتحدث مع سي الحسين قدور رئيس المؤتمر الذي أعلمنا انه تحرى في بعض الشكليات التي حفت بالمؤتمر واقر بقانونيته وشرعيته معلقا بابتسامته التي لا تخلو من دهاء "انتم من انتخبتم سي القصوري وانتم من ازاحه من الكتابة العامة وتلك هي الديمقراطية." واوصانا بالوحدة وحب الوطن واجتناب العصبية.

الى ذلك، أعلمنا الكاتب الخاص لسي الحبيب ان مكتبا تنفيذا موسعا سينعقد على هامش أحياء ذكرى 4 اوت 1947 بصفاقس وان الكاتب العام لجهة القصرين مدعو لحضوره.

التقيت بسي الحبيب ليلة 4 اوت بنزل المبروك بصفاقس وتجاذبنا أطراف الحديث عن القصرين وعمال "الحلفاء" وذكرته بآخر زيارة له للجهة وقصة حذائه المخلوع. فكان يضحك ويقول للجماعة من حوله "هذا الكاتب العام الجديد للقصرين وهو استاذ يخطب مليح وما يدمغش على الخدامة".

حضرت الاجتماع من الغد وسمعت خطابه أمام العمال بدار الاتحاد الجهوي بصفاقس ومشيت في المسيرة إلى نصب الشهداء وانتقلت معهم إلى المقبرة حيث قرأت الفاتحة على ارواح الشهداء وفي طليعتهم المرحوم الهادي شاكر.

الحبيب عاشور هو بطل معركة اوت 1947 بصفاقس ضد حيف المستعمر وقد توفي وفي بدنه بقايا من رصاصة إصابته يومئذ.

الحلقة القادمة: تصفيق على المترجم وليس على الوثيقة.