وطني

الطبوبي في مؤتمر الصحفيين: تضامن الاتحاد مع الصحفيين ونقابتهم، المطالبة بإلغاء المرسوم 54 وضرورة الحوار لإنقاذ القطاع

تونس / الشعب نيوز - ألقى الأخ نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد على منبر المؤتمر السادس للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين المنعقد اليوم 6 أكتوبر بالعاصمة كلمة مطولة أتى فيها على عدة نقاط. وقد استهل كلمته بالتعبير عن سعادته بالدعوة المتجددة للاتحاد ليكون بين الصحفيين ناقلا لهؤلاء" مشاعر تضامن الشغّالين التونسيين مع إخوتهم الصحفيين التونسيين، فرسان الكلمة الحرّة وأبطال حرية التعبير المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين."

 واستغل الأخ الأمين العام المناسبة "لاستحضار الروابط التاريخية التي تجمع تنظيمينا النقابيين وللتأكيد على ما نتقاسمه من مبادئ مشتركة وما يربط بيننا من أهداف والتزامات تُجاه شعبنا ووطننا في الدفاع عن المهنة وعن حرية الرأي والصحافة والتعبير وعن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيات والصحفيين."

تضحيات صحفيي الاتحاد

" لقد وصفتكم في بداية كلمتي - ولم أجاملكم في ذلك - بأنّكم فرسان الكلمة الحرّة، لأنّنا لا يجب أن ننسى التضحيات التي بذلها صحافيو الاتحاد عندما تعرّضت المنظّمة النقابية للاعتداء والتهجم عليها لإخضاعها وتدجينها.. كان صحافيو الاتحاد من بين الذين شملهم القمع والاعتقال والطرد من العمل. أذكر على سبيل المثال محمّد ڨلبي والناجي الرمّادي والناجي الشعري ومحمد العروسي بن صالح وفتحي العياري والمختار بوبكر وأحمد حاذق العرف والمرحوم عبد الحميد عاشور وغيرهم ممّن لم استحضر اسمه الآن. ذكرت هذه الأسماء للتعبير عن تقديري لنضالهم وللتأكيد على الدور الريادي للإعلام النقابي في مقاومة الاستبداد والاضطهاد والذود عن الإعلام المستقل والتصدّي لقمع حرية الصحافة والتعبير.

الدور الريادي لجريدة الشعب

والقدماء منكم خاصّة يتذكّرون ولا شكّ الدور الذي اضطلعت به جريدة الشعب الجريدة المركزية للاتحاد العام التونسي للشغل في السبعينات والثمانينات في كسر الحصار الذي كان مضروبا على الصحافة الحرّة وكيف تحوّلت هذه الصحيفة إلى رمز للصراع بين السلطة من جهة والقوى الوطنية التقدمية المتطلعة للديمقراطية والدفاع عن الحريات وعن العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. وفي هذا الصدد لم يقتصر دور جريدة الشعب في ذلك الوقت على التعبير عن مواقف الاتحاد والانتصار للقضايا الاجتماعية فحسب بل تحوّلت إلى منبر مفتوح لكلّ الأقلام الحرّة ولكلّ الأفكار التقدمية ولكلّ ثقافة مناضلة بديلة. كانت جريدة الشعب وستظلّ صوت لكلّ المقموعين والمضطهدين فكريا وسياسيا واجتماعيا وهو ما أصبح يقضّ مضجع السلطة ويشعرها بالخطر الكبير على وجودها لإدراكها أهمية أن يكون للقوى الديمقراطية والتقدمية منبر للتحاور فيما بينها وأداة لمخاطبة الشعب وطرح برامجها ورُؤاها عليه. ولذلك عمد الاستبداد إلى إسكات جريدة الشعب وترهيب صحافييها كلّما استقرّت خياراته على تصفية العمل النقابي وضرب الاتحاد العام التونسي للشغل. ففي كلّ مواجهة بين الاتحاد والسلطة كانت الخطوة الأولى لهذه الأخيرة في مسلسل تدجين العمل النقابي وتنظيم المحاكمات واعتقال النقابيين هو مصادرة جريدة الشعب والتنكيل بصحفيّيها وكلّ العاملين بها في محاولة لإخماد جذوة الصراع من أجل الديمقراطية والحريات من خلال إسكات صوت النقابيين ومنبر حلفائهم من القوى المدنية والسياسية التقدمية."

أهمية الصحافة الحرة

وخلص الأخ نورالدين الطبوبي للتأكيد على ان "هذه التجارب تؤكّد مرّة أخرى أنّ الأنظمة السياسية ومهما تغيّرت السياقات التاريخية واختلفت الجغرافيا تعي جيّدا دور الإعلام في التحوّلات الكبرى للمجتمعات وتدرك أهمية الصحافة الحرّة في انجاز الثورات وانتقال المجتمعات إلى الديمقراطية كما هي على وعي تامّ بما تحدثه حرية الرأي والتعبير في عملية تحرير الإنسان من قيود الكبت والخوف والجهل بحقوقه وبالتالي الدفع بالشعوب لرفض الظلم والاستبداد والثورة عليهما. ولذلك لا تتورّع قوى الرجعية والاستبداد وعصابات المصالح ولوبيات الفساد أينما وجدت إلى استهداف الصحفيين سواء بالإغراء أو بالاعتقال أو بالقتل من أجل اغتيال حرية التعبير ومنع الإعلام الحرّ من تأدية رسالته تجاه بلده وشعبه.

أوضاع تونس

من جهة أخرى، تطرق الأخ الأمين العام الى الاوضاع السائدة في تونس حيث أشار أن "هذا المؤتمر ينعقد وتونس تمرّ بإحدى أعسر الفترات في تاريخها جرّاء اشتداد الأزمة التي تخترق مظاهرُها كلَّ مجالات حياتنا. إنّها أزمة اقتصادية واجتماعية تعمّق كلّ يوم من معاناة التونسيات والتونسيين الذين تتراجع طاقتهم الشرائية وتتدهور أوضاعهم المعيشية باستمرار جرّاء تضخّم يلامس الرقمين وارتفاع غير مسبوق للأسعار وندرة متواصلة للمواد الغذائية الأساسية واختفاء للعديد من الأدوية في ظلّ اختلال متفاقم للتوازنات المالية للبلاد وما انجرّ عنه من تراجع خطير للدور التعديلي للدولة. كما يتوجّب الإشارة في هذا المجال إلى بقاء نسب البطالة دون تحسّن أو تراجع والتحاق شرائح كثيرة من الطبقة الوسطى بصفوف الفقراء والمعوزين".

غياب الحوار المجتمعي

وأضاف أنه "لعلّ ما يزيد هذه الأوضاع تعقيدا هو عدم وضوح الرؤية وضبابية الآفاق للتجاوز وذلك لغياب أيّ حوار مجتمعي حول أسباب الأزمة وسبل التجاوز وإيجاد الحلول الحقيقية لمشاكل شعبنا ولطبقاته الكادحة. إنّ تعطّل الحوار سواء الاجتماعي منه أو السياسي لن يؤدّي إلاّ لمزيد التمزّق والانقسام ولن يزيد أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية إلاّ سوءا وتدهورا إضافة إلى ما يمكن أن ينجرّ عن هذا الوضع الداخلي من خطر استغلالِه من قبل القوى الأجنبية وأعداء الوطن والمتربّصين به للتدخّل في شؤوننا وفرض مصالحهم على حسابنا".

" إنّ الإجابات الحقيقية لمشاغل الشعوب وضبط السياسات العملية لتحقيق التنمية العادلة وبناء تضامن وطني حقيقي للتعويل على قوّتنا الذاتية والتغلب على المصاعب لن تتأتّى إلاّ من خلال حوار واسع وشامل منفتح على كلّ الشرائح الاجتماعية وعلى القوى الوطنية والديمقراطية وعلى كلّ الكفاءات التونسية. فمهما كانت النوايا حسنة ومهما كانت كفاءة الفرد فإنّ الحلول الحقيقية هي تلك التي تنبع من الإرادة الجماعية ومن التوافق الحقيقي حول ما تستوجبه اللحظة من تقاسم للتضحيات ولثمرات هذه التضحيات".

 أوضاع الإعلاميين ومؤسساتهم

من جهة أخرى تطرق الأخ نورالدين الطبوبي الى أوضاع الإعلاميين والوضعيات السائدة في بعض المؤسسات حيث نوه "بدور الإعلام الحرّ في إثراء الحياة السياسية وتطوير الحوار بين مكوّنات الشعب ودفعه باتّجاه تحقيق أهدافه. فهذا الدور مسلّم به بل هو مطلوب أيضا بل لقد كان من أكثر المكاسب التي تحقّقت بعد ثورة الحرية والكرامة ولم يكن مِنّةً من أحد ولذلك لن نفرّط فيه، ولكن الصحافي لا يتسنّى له إنجاز هذه المهام إلاّ إذا كان متحرّرا من مكبّلات الحاجة والخوف من القمع ومن قطع الرزق. كما يجب أن يكون متحرّرا كذلك من ضغوطات الوضع الاجتماعي المتردّي للإعلاميين ومن إغراءات المال الفاسد وشراء الذمم مثلما حصل في حالات عديدة وأن يكون في منأى من منع محاصرة وسائل الإعلام وتجويع صحافييها كما يحدث بالنسبة للمؤسّسات الإعلامية المصادرة وفي مقدّمة ضحايا هذه السياسة إذاعة شمس أف.أم ودار الصباح وشركة كاكتيس برود، ونفس الأمر يقال عن المؤسّسات الإعلامية العمومية التي تختنق من جرّاء ضعف التمويل وغياب رؤية إصلاحية شاملة."

ولذلك يقول الأخ الأمين العام "فإنّ الاتحاد العام التونسي للشغل طالب وما يزال بإلغاء المرسوم 54 والانطلاق في حوار جدّي من أجل تنظيم جديد للقطاع يتعاطى مع التطوّرات المتسارعة التي يشهدها القطاع والحدّ من كلّ تجاوز أو سوء استخدام للتقنيات المستحدثة مع حماية الحقّ في التعبير وتعزيز مكاسب شعبنا في مجال الحريات وفي مقدّمتها حرية الإعلام واحترام حقّ شعبنا في استقاء الأنباء والأفكار وتلقّيها ونشرها والحقّ في المعلومة باعتبار أنّ ذلك هو جزء لا يتجزّأ من حقوق الإنسان وفي نفس الوقت تطوير التشريعات الشغلية لضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للإعلاميين وللصحفيين تقيهم الحاجة والاستغلال والابتزاز."

تضامن كامل ومبدئي

وأضاف "أغتنم هذه المناسبة لأؤكّد لكم التضامن الكامل والمبدئي للاتحاد مع النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ويضمّ الاتحاد صوته إلى صوتكم وأصوات كلّ مناضلي الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية من أجل المطالبة بوقف العمل بالمنشور 54 وإطلاق سراح الصحفي خليفة القاسمي ووقف كلّ الملاحقات والضغوطات المسلّطة على الصحافيين والإعلاميين بسبب ممارستهم لمهنتهم.

وفي الأخير، ومن خلال مؤتمركم، أتوجّه بالتحية والتقدير إلى الصحافيين الأحرار في جميع أنحاء العالم وخاصّة منهم الذين يتعرّضون إلى الاعتقال والاغتيال وتحيّة إلى روح الصحافية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وما زلنا ننتظر محاكمة دولية للكيان الصهيوني على جرائم الحرب التي يقترفها ومنها الجرائم ضدّ الصحافيين."

 وختم الأخ نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد كلمته أمام مؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتعبير عن تمنياته بنجاح المؤتمر.