وثائقي

الهادي الغضباني يكتب عن "وجوه ومواقف نقابية في الذاكرة" (17): بيل جوردان وعملنا الدولي.

هو الأمين العام السابق للاتحاد الدولي للنقابات الحرة c.i.s.l . او icftu بلغة شكسبير، وهو المعروف اليوم بالاتحاد الدولي النقابي (c.s.i). تولى هذا المنصب الرفيع من 1995 إلى 2002.

عرفته عندما كنت مكلفا بالعلاقات الخارجية للاتحاد العام التونسي للشغل في عهد الأمين العام السابق إسماعيل السحباني.

هو رجل انيق تذكرني اناقته بالمستر "بين" الممثل الفكاهي الإنكليزي الشهير. وهو متخصص في الهندسة والاقتصاد وكان رئسيا لاتحاد المهندسين الموحد ببريطانيا ..وهو من حزب العمال البريطاني وعضو مؤتمر اتحاد النقابات البريطاني tuc(trade union congress. ). وله مؤلفات عن الاقتصاد الاجتماعي.

في عهد ولايته استرجع الاتحاد مكانته التي فقدها قبل مؤتمره الاستثنائي سنة 1989.حيث كان الاتحاد مر بأزمة منذ 1985 انفرجت بمجيء المرحوم بن علي واعتلائه سدة الحكم سنة 1987  وادت جهود الاتحاد انذاك إلى أن يأخذ منصب نائب رئس للاتحاد الدولي للنقابات الحرة وفيما بعد عضوا أصيلا في مجلس إدارة المنظمة الدولية للشغل( oit) ومقرها جونيف(سويسرا).

الأمين العام للسيزل له نفوذ وثقل كبيران فيما يتخذ من قرارات تهم عالم الشغل...وله وزن وراي مسموع في كل اللجان المتفرعة عن مؤتمر العمل الدولي الذي ينعقد في شهر جوان من كل سنة، وخاصة لجنة الحريات التي تعالج مدى احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان والحريات النقابية وما يطرأ عليها من خروقات.

كانت تقدم شكايات في خرق الحقوق النقابية والحريات الفردية والعامة ضد تونس ايامئذ وكان وفد الاتحاد بالتعاون مع وفد الاعراف ووفد الحكومة ينسق الجهد لتلميع صورة النظام. كان الأخ محسن الشيباني الذي كان طالبا في جونييف وتدخل الاتحاد لتوظيفه في السيزل، يقدم للأمين العام كل ما يتعلق بالتقارير الواردة على السيزل فيما يتعلق بهذا الشأن ويربط عرى الصلة مع بيل جوردان..

وسألني بيل جوردان ذات مرة عن استقلالية الاتحاد عن النظام فأجبته ان نظام بن علي وفر للاتحاد ما لم يوفره غيره من قبله. وأننا ننجز الاضرابات بحرية ونحقق مكاسب للعمال التونسيين بالتفاوض واحترام مواثيق العمل. فقال لي."العمال يحاسبوننا على النتائج ولا يحاسبوننا على المواقف. ولكن يجب التوقي من تغول السلطة.."..وكان للاتحاد ولبيل جوردان الأمين العام للسيزل و للمسؤول الاول عن المكتب الدولي للشغل (Bit) دور في استضافه الرئيس بن علي إلى جونييف ليكون الضيف الشرفي للمنظمة العالمية للشغل سنة 1995 ..ليكون من كبار الضيوف مثل "شيراك "رئيس فرنسا وبطرس بطرس غالي وزير خارجية مصر وأمين عام الأمم المتحدة وأمين منظمة الفرنكفورنية فيما بعد ..

غادر بيل جوردان السيزل ثم اصبح عضوا في مجلس اللوردات ببريطانيا.

وإذ ذكرت وفد الاتحاد العام التونسي للشغل ومواقفه انذاك فلست فيما اسرده واقفا على الربوة. بل كنت مشاركا مسؤولا واعيا فاعلا ليس بنادم.. وكان زملائي من المكتب التنفيذي الوطني يضربون معي على نفس الوتر خدمة للبلد الا ما لا يعلمه إلا الله. والله أعلم.

الحلقة القادمة: الشيخ الحسين بن قدور.