آراء حرة

قراءة في حركة 25 جويلية التصحيحية (5) ـ كيف تعاطت المحاور الإقليمية والدول النافذة مع حركة التصحيح؟

بقلم سالم الحداد باحث ومؤرخ 

كانت تونس وما زالت وستبقى محل اهتمام العالم فموقعها الاستراتيجي وحيوية شعبها التي تجلت خاصة في ثورة الربيع العربي: ثورة الحرية والكرامة جعلاها تحت الأضواء الكاشفة. فقد كانت ــ منذ انطلاقها ــ محل تجاذب بل وصراع بين المحاور الإقليمية والدول النافذة، فبقدر ما رحّب بها المحور القطري التركي باعتبارها انجازا للإسلام السياسي، فقد اعترضت عليها السعودية والإمارات لأنها ستدعم هذا المحور وتوسع نفوذه. وبقدر ما دعمتها أمريكا فقد احترزت عليها فرنسا. نفس الموقف تقريبا من حركة التصحيح لكن في المعاكس أين يبدو ذلك؟

أولا ــ حركة التصحيح والمحاور الإقليمية

بمجرد أن أعلن قيس سعيد عن الإجراءات الاستثنائية التي أزاح فيها الإسلام السياسي بادر المحور السعودي الإماراتي والمصري  إلى مد الجسور مع رئيس الدولة وتقديم الدعم لتونس سياسيا وماليا وصحيا ، وكان المحور القطري التركي الرسمي محترزا  حذرا في التعامل معها ،لكن إعلامه كان يتعاطف مع الإسلاميين ويندد بالانقلابيين وهو يعكس التوجه الحقيقي لهذا المحور.

 على مستوى  المغرب العربي لم تكن الجزائر مرتاحة لإزاحة الإسلاميين  ويبدو أن فريق عبد المجيد تبون اختار توجها جديدا مناقضا لتوجهات الدولة الجزائرية في الثمانينات وهي المعروفة بالعشرية السوداء التي تولى فيها الجيش تصفية الجبهة الإسلامية للإنقاذ وسقط خلالها آلاف الضحايا، فقد نسج علاقات جديدة مع الإسلاميين في الداخل ومع المحور القطري التركي بل مع حكومة السراج في ليبيا ومظلتها تركيا ، وهو بذلك يسعى لتأمين سلامة الحدود الجزائرية الليبية من تسلل الإرهاب .

أدركت الدولة الجزائرية منذ أمد بعيد  أن ثرواتها البترولية  تٌسيل لعاب  القوى الاستعمارية وأنها صارت مستهدفة ، وتعتبر تونس خاصرة رخوة يتسلل منها الخطر وما لبثت تقدم الدعم لها في كل أزماتها الاقتصادية والصحية بالرغم من أنها لم تكن في وضع مريح ،وكانت مطمئنة على الجانب التونسي الذي يرعاه الإسلام السياسي بقيادة الشيخ راشد الذي نسج علاقات مع بعض القيادات الجزائرية، غير أن إزاحته من السلطة أثارت مخاوفها .هذا القلق الجزائري التقطته الإدارة  الأمريكية الحليبفة الموضوعية للإسلام السياسي ، فأسرعت بالتنسيق معها حتى لا يذهب قيس سعيد بعيدا في إخراج الإسلاميين من الساحة.

 بعد تواصل مكثف بين المسؤولين في البلدين ومتابعة ميدانية أدركت  الجزائر  العمق الشعبي لحركة التصحيح واطمأنت لسلامة الوضع في تونس، فصرح تبـــون قائلا<<: إن تونس قادرة على حل أزماتها "بمفردها"،و أن بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية لتونس، لكن يد المساعدة ممدودة"ولن تقبل بأن تمارس جهات خارجية ضغوط على السلطات التونسية وان قيس سعيد أبلغني أمورا لا يمكنني البوح بها >>. وبذلك حسم عبد المجيد تبون في تردد الحكومة الجزائرية وفي تعاونها مع الأمريكان فما حدث هو شان داخلي وتونس أخت مستقلة ولا مجال للضغط عليها .

  ثانيا ــ الدول النافذة وحركة التصحيح

مع الثورة تقلص نفوذ الدولة الفرنسية الداعمة لمنظومة الاستبداد والفساد فقد صار الإسلام السياسي المعروف بولائه لأمريكا هو الذي يدير اللعبة السياسية ويختار الأولويات الاقتصادية والسياسية. وهذا ما جعل الولايات الأمريكية مطمئنه إليه.

من الطبيعي جدا ان ينتابها القلق من دخول هذا الفاعل الجديد الذي ينادي بسيادة الدولة والقرار الوطني المستقل وتخوين المطبعين.من هنا جاء التواصل بين الحكومة الجزائرية والإدارة الأمريكية بالمحافظة على المسار الديمقراطي وهو العنوان الخادع للتغطية على المطلب الحقيقي وهو إعادة تمكين الإسلاميين من لعب دور فاعل في الحياة السياسية. وهذا ما رفضه قيس سعيد الذي ما لبث يؤكد أن عقارب الساعة لا تعود  إلى الوراء .ويبدو ان الإدارة الأمريكية صارت مقتنعة سواء من خلال متابعتها  للحراك الشعبي او تواصلها مع الجزائر ان حركة 25 جويلية  لم تكن حركة انقلابية عسكرية بل عملية إنقاذ من نزيف ما لبثت رقعته تتوسع ، فعدلت موقفها ولم تستجب لدعوة رضوان المصمودي ــ رئيس مركز الإسلام والديمقراطية  ــ بتوقيف الدعم لتونس وستواصل متابعتها للإحداث ولكنها لن تتخلى عن اعتبار الإسلام السياسي الحليف الاستراتيجي للأمريكان وستعمل في تونس على الضغط على قيس سعيد  لتعديل موقفه من النهضة لكن بطريقة دبلوماسية.ففي البيان الذي أصدره الوفد الأمريكي الذي زار قيس سعيد بتاريخ 13 أوت 2021 وسلّـــمه رسالـة من بايدن << حث على "العودة السريعة إلى مسار الديمقراطية البرلمانية في تونس >>.

هذه الإشارة تختزل موقف الولايات المتحدة الرافض  للسير نحو نظام رئاسي تتوحد فيه السلطة التنفيذية فيكون أكثر نجاعة في الأداء السياسي.

. X ـــ هل انتهى النظام البرلماني بانتهاء حكم النهضة؟

لم يكن اختيار النظام البرلماني ــ مع بداية الثورة  ــ منحصرا في النهضة بل جاء استجابة لرغبة كل الأحزاب ،فكان ردة فعل على النظام الرئاسي الذي استمر 55 سنة واحتكر السلطة وأقصى كل الفعاليات الوطنية، لكن المستفيد الأول من النظام البرلماني كانت حركة النهضة التي  التي صارت مركز الثقل محوري ثابت تستقطب من يسايرها في أهدافها وتقصي من يتناقض معها وبذلك تحولت إلى سلطة مركزية شبيهة بسلطة النظام الرئاسي.

 أولا ــ الأخطاء القاتلة

لست من  أصحاب مقولة " إذا سقط الجمل يكثر الناحرون "ولا من الذين يعتقدون  أن النهضة ستخرج من الساحة السياسية بعد 25 جويلية فحاضنتها الاجتماعية المحافظة موجودة وسيتواصل حضورها سواء مع النهضة  أو في صيغة أخرى كما وقع في الجزائر مع سقوط جبهة الإنقاذ الإسلامية فظهرت حركة مجتمع السلم ، لكن من الأكيد أن التنظيم الحالي برموزه وأشكاله استُهلك وسيتقلص وجوده لأنه ممارساته أساءت له وللشعب التونسي و للعقيدة الإسلامية نفسها ،فمأساة النهضة وبالتحديد الشيخ راشد هي مأساة أغلب الزعامات التاريخية في تونس وفي الوطن العربي وحتى في العالم ، لا يخرجون من الأبواب العريضة ولا تسقطهم إلا الضربة  القاضية.

هكذا سقط بورقيبة وابن علي  والغنوشي ويكون لسقوطهم تداعيات سلبية على شعوبهم لا تتعافى منها بسهولة ،فهؤلاء يرفضون القيام بمراجعات لسياستهم  ولا يسمحون لغيرهم بنقدهم ،وكثيرا  ما يتهمونه بالعجز والتقصير وسأشير فقط لبعض أخطاء النهضة وشيخها التي كانت وراء إزاحتهما وإن كنت أدرك أن عملية  التقييم مازالت مبكرة.

ثانيا ــ حفر في الذاكرة الإسلامية: تحكيم القرآن

إن من أبرز معضلات أنصار الإسلام السياسي أنهم  لا يقرؤون التاريخ وإذا قرؤوه فإنهم  لا يتّعظون به ولا يتشبّثون إلا بما يتماشى مع أهدافهم الآنية. هذا مصدر خطئهم في احتكار قراءة الدستور وهو خطأ تاريخي نبّه إليه علي بن أبي طالب لما رفع عمرو بن العاص المصاحف على أسنة الرماح طلبا للصلح والاحتكام للقرآن، ألم يقل الرسول "إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا" أدرك علي  أنها خدعة   وقال قولته المشهورة <<إن القرآن كلام الله حقيقة بين دِفَتَي المُصحف.. لا يَنطق ولكن ينطق به الرِجَال>>. انخدع أنصار علي وتفرقوا وانتصر معاوية الماكر، كانت هذه الحادثة أول عملية لتوظيف للدين في السياسة. فالقران نص يُقرأ حسب المكان والزمان والظروف. هكذا قرأت الأطراف المتصارعة الدستور في يومنا الحاضر.

تلك هي خطيئة الإسلام السياسي عموما والنهضة خصوصا فالدين صارت له وظيفة سياسية حيث كانت تسوّق في حملتها" لمن يخشى الله" . فقد وقع توظيف المقدس في خدمة المدنّس فأساءت للدين ولنفسها وللشعب.

ثالثا   ـــ النرجسية البغيضة

إن أغلبية الأحزاب منذ الاستقلال  قامت على  الشخصية الكارزمية التي تلتفّ حولها الجماهير داخل الحزب وخارجه وهي  لا تنظر في البرامج  والمشاريع وغالبا ما يستغل الزعيم  شعبيته ليدعم نفوذه من خلال  إبعاد خصومه واحتضان مؤيديه .كان ذلك بداية من بورقيبة فابن علي  وعجز ألباجي أن يفعل ذلك رغم نزعته الفردانية ولكن الشيخ راشد  سوّق لنفسه كزعيم وكإمام وأحاط نفسه بفريق من المنتفعين والمريدين ، مما دفع الآخرين إلى الاستكانة أو الاستقالة ويمكن أن نلحظ ذلك في :

  1ــ خروج الشيخ راشد من منطقة الظل(مونبليزير) ــ حيث كان يدير اللعبة السياسية من وراء الستار ولم يقتنع بالحكمة العربية" في بيته يُؤتى الحكم ــ إلى الأضواء الساطعة بقصر باردو أين تولى رئاسة مجلس نواب الشعب بعد تحالف مع أنصار العنف والفساد وتحول إلى سلطة موازية لرئاسة الجمهورية في قصر قرطاج وأحيانا على حسابه. وقد اعتبرتها العديد من الفعاليات عامل استفزاز لها ،فالسيد الغنوشي هو رمز للإسلام السياسي المسؤول عن الكثير من المآسي في تونس وفي الوطن العربي وفي العالم ، بقطع النظر عن مسؤوليته الشخصية. وقد نبّه إلى ذلك بعض أبناء الحركة لكن لا رأي لمن يُطاع . رأى الشيخ راشد في رئاسة البرلمان منصة للنفوذ في الداخل وعقد الصفقات والتواصل مع الدول النافذة في الخارج وحوّل باردو إلى مقر دبلوماسي للتواصل مع الدول النافذة التي بدا لها أنه أكثر استعدادا للتواصل وتقديم التنازلات من رئيس الجمهورية. وكانت النتيجة أن تلطخت صورة البرلمان وتعطلت الحكومة. ولم تستفد من حضور الشيخ إلا عبير موسي  التي كانت تستحضر صورة  بورقيبة رمز الاستبداد  لمواجهة الظلامية وكانــــــت تتغذى من << الخوانجية>>كبقرة حلوب لتوسيع شعبيتها على حساب بقية الفصائل الدستورية. هكذا صارت الدولة تعمل برأسين أو ثلاثة إذا أضفنا مشيشي. وقد فشلت العديد من المحاولات لإزاحته لأنه حصّن نفسه بأطياف الإسلام السياسي وأطياف العائلة الدستورية

2 ـــ توخّي الطريقة الوصولية الميكيافلية  في السياسية "وهي الغاية تبرر الوسيلة" فقد صار شعار النهضة "وُجدت لأبقى "وهذا حتّم عليها أن تقدم تنازلات وتعقد  صفقات وتقيم تحالفات مع  الأطياف السياسية الغارقة في الفساد والضالعة في العنف وأن تتستر عن المافيات المتحكمة في أجهزة الدولة . فالنهضة والمتحالفون معها توافقوا على امر واحد هو التموقع في الدولة والسيطرة على مفاصلها وتقاسم الغنيمة والتصدي لكل من يعترض سبيلهم مهما كانت شرعيته. هذا الخيار فرض عليهم التخلي على المقدس والارتماء في احضان المدنس فالهدف تهون دونه الوسائل. وهذا أكبر انحراف للثورة.

3 ــ الاستقواء بالدول الأجنبية النافدة حيث تحولت تونس إلى مركز استطاب إقليمي ودولي فهي على مستوى الإقليمي محل تجاذب بين قطروتركيا من ناحية السعودية والإمارات ومصرمن ناحية أخرى. كما أنها مجال حيوي للتجاذب بن الدول النافذة وخاصة الفرنسيين والأمريكان لكن بطريقة دبلوماسية لبقة.

هذه السياسة كانت لها نتائج وخيمة على تونس : شعبا ودولة أفضت إلى إنهاء الجمهورية الثانية وبداية إرساء الجمهورية الثالثة فما هي خارطة الطريقة التي سينتهجها المجتمع؟

XI  ــ الجمهورية الثالثة وخارطة الطريق

 أولا ــ الجمهورية الثالثة

هي النظام البديل  التي سيبنيها المجتمع على أنقاض الجمهورية  البرلمانية التي جاءت بديلا للنظام الرئاسي لبورقيبة وابن علي . فبقدر ما كانت الأولى دولة مركزية استبدادية  انحصر الفساد في السلطة والحاشية ، فقد  جاءت  الثانية أقرب إلى الفوضوى ،تقاسم فيها الإسلام السياسي والثورة المضادة التموقع في مفاصل الدولة وجني الغنيمة، فصارت الدولة دويلات.فكيف ستُبنى الدولة الجديدة ؟ من سيبنيها؟وما هي خارطة الطريق لبنائها؟

ثانيا  ــ خارطة الطريق :مصطلح معجمي سياسي حديث

إن هذا المصطلح معروف لدى أصحاب القرار السياسي الذين يكلفون فريق عمل متكاملا متعدد الاختصاصات لوضع إستراتيجية يرسمون فيها المنطلقات والأهداف والآليات والمراحل التي يمر بها المشروع تتناول الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية يسيرون عليها.

دخل إلى المعجم السياسي  الشعبي في تونس مع المبادرة التي قدمها الاتحاد العام التونسي للشغل لإخراج تونس من المأزق  السياسي الذي تردت  فيه نتيجة لتراكم الأزمات بعد سنتين من حكم الثلاثي بقيادة النهضة وكانت البلاد عل حافة الاحتراب فكوّن ورشات عمل قانونية وسياسية  لوضع خطة عمل لاستكمال الدستور وتشكيل  حكومة كفاءات تشرف على انتخابات. انتهت إلى وضع برنامج يُنجزه الرباعي للحوار سُمّي "بخارطة الطريق "وهي الخطة العملية التي يضعها كل من يروم التغيير. قد تكون معلنة وقد تكون خفية

ثالثا ــ هل لقيس سعيد خارطة الطريق للجمهورية الثالثة؟

بداية من 26 جويلية بدأت بعض الأصوات ترتفع في تونس مطالبة سعيد بخارطة الطريق للإجراءات الاستثنائية، وهؤلاء يجهلون أو يتجاهلون ان ما حدث لا ينحصر في انتزاع السلطة بقرار سياسي بل هو عمل منهجي مخطط  يتطلب تجريد اصحاب الدويلات  من أسلحتها مما سيفضي إلى قيام الجمهورية الثالثة وهي ذات مراحل ثلاث

المرحلة  الأولى :  استرجاع الدولة من الدويلات

طيلة عشر سنوات2011 /2021  ترهلت الدولة وصارت فريسة لعدة مراكز قوى اقتصادية ومالية وسياسية تسربت لمفاصلها واحتلت مواقع نفوذ في البرلمان والحكومة والقضاء والأمن والموانئ والأحزاب والجمعيات وشكلت جُزُرا شبيهة بالدول الصغيرة تتقاسم السلطة والغنائم ،وهذا ما حفز رئيس الدولة بعد صراع مرير معها إلى استرجاع الدولة من الدويلات فأنقذها من الانهيار، لكن هذه العملية لا يمكن ان تنتهي بافتكاك السلطة  يوم 25 جويلية فهي مازالت محتفظة بمخالبها التي أنهكت بها جسم الدولة .إن المرحلة الاستثنائية تتطلب إجراءات  استثنائية  بما فيها من متابعة قضائية وأمنية ومنع من السفر  تحتمها طبيعة التحول  التي قد ترافقها مفاجآت وتجاوزات  تحتم على الدولة أن تكون مستعدة لها ، فلا يمكن لحركة التصحيح أن تتراخى في اتخاذ  قرارات  يراها البعض موجعة، لكنها ضرورية  لقطع الطريق أمام المفسدين والمافيات والمهربين .وعلى  الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ان تقوم بدورها في الحد من التجاوزات  وفي هذه المرحلة  لابد ان يقع تمشيط الطريق  الشائكة  أمام المرحلة القادمة التي ينتظر الشعب ان تكون واعدة وأول عقبة هي البرلمان  الذي تستند إليه المنظومة  الحكومية

أولا ــ  المؤسسة التشريعية للنظام البرلماني

تعتبر المؤسسة التشريعية القوة المركزية في النظام البرلماني فهي المسؤولة عن الحكومة وعن البرامج الاقتصادية والاجتماعية والمصادقة على الاتفاقيات الدولية ، ومن المفروض أن تضم  نخبا سياسية  تقدم صورة نموذجية  للوعي الوطني والسهر على مصلحة المجتمع .هذا الدور انعدم بل انقلب إلى النقيض فتحولت قبة البرلمان  إلى ركح لصراع مجنون، أفقد المجلس مشروعيته. من هنا جاء ترحاب المجتمع بإيقاف هذا النزيف من خلال تجميد أعماله ورفع الحصانة عن نوابه فظهر واقع جديد تستحيل  معه العودة  للمربع العبثي فقد شهدت الساحة عدة تطورات  على مستوى بنية  البرلمان نفسها منها:

أـــ هروب 4 نواب: غازي القروي وسفيان طوبال وأسامة الخليفي   وراشد الخياري

بــ  اعتقال 3 نواب : لطفي علي (بعد مدة من الاختفاء) ياسين العياري وفيصل التبيني

ج ــ متابعة جزائية ل8نواب: ماهر زيد ،سيف الدين مخلوف ،عبد اللطيف العلوي ،محمد العفاس ،ضال سعودي ،سعيد الجزيري والجديدي السبوعي

ج ــ وضع نائبين تحت الإقامة الجبرية زهير مخلوف، محمد صالح اللطيفي

ومازالت قائمة المطلوبين للعدالة مفتوحة

2 ــ إمكانية تفعيل  قرار محكمة المحاسبات

تعلقت بحزبيْ النهضة وقلب تونس وجمعية "عيش تونسي" تهمة التمويل من الخارج وعدد نوابهم 91 وفي صورة ثبوت التهمة سيقع شطبهم من المجلس. والأسوأ من كل ذلك هو أن المجلس فقد مصداقيته لدى الشعب التونسي.

إن هذه المعطيات وحدها ــ بقطع النظر عما يتخذه الرئيس  من قرارات ـ كفيلة بإنهاء مهمة  المؤسسة التشريعية والنظام البرلماني  ؟