نقابي

كاتب عام جامعة الثانوي "للشعب نيوز":نمثل كافة الاساتذة بحكم شرعية الصندوق، ولا نقصي أيا كان.

الشعب نيوز/ نصرالدين ساسي.

[ نلتقي في الحوار التالي مع الأخ محمد الصافي الكاتب العام الجديد للجامعة العامة للتعليم الثانوي الذي تقلد هذه المسؤولية بعد انتخابه في المؤتمر الأخير للقطاع الملتئم بمدينة الحمامات يومي 1 و 2 أكتوبر 2023 وسط تنافس كبير بين قائمتين انتخابيتين، أسفر عن فوز قائمة "رد الاعتبار" بأغلبية 8 أعضاء مقابل 3 من القائمة المنافسة.

الى ذلك، شهد المؤتمر القطاعي نقاشات معمقة حول راهن القطاع ومستقبله وأتى على عدد كبير من مجالات الاهتمام، أستاذيا، نقابيا، وطنيا وقوميا.]

 المطلوب الآن عودة اللحمة داخل القطاع

حتى نتعرف على أبرز التحديات القطاعية الراهنة على المستويات المهنية والاجتماعية إضافة إلى ملف الإصلاح التربوي وكذلك ابرز الملفات القادمة ومستقبل العلاقة والحوار مع وزار الإشراف، التقينا الأخ محمد الصافي الكاتب العام للجامعة والذي تفضل بالإجابة على اسئلتنا بكل تلقائية وشفافية.    

* صعدتم لقيادة القطاع خلال المؤتمر الأخير الذي افرز مكتبا جامعيا بنسبة تجديد عالية فكيف تنظرون لهذا المعطى؟ 

نحن أعضاء مكتب جديد هو إفراز من إفرازات المؤتمر العادي للجامعة العامة للتعليم الثانوي الملتئم يومي 1 و 2 أكتوبر الجاري. وبطبيعة الحال يندرج هذا الفوز ضمن أسس اللعبة الديمقراطية داخل منظمتنا. ولا جدال في ان الاختلاف والتنافس على المسؤولية مهمان من جهة ترشح قائمتين. وهذا التنافس اسفر عن فوز ثمانية أعضاء من قائمة "رد الاعتبار" وثلاثة من القائمة المنافسة.

 وفي تصورنا ان النواب هم الذين احتكمنا إليهم لتكون الغالبية الغالبة من قائمة "رد الاعتبار" وذلك بناء على تقييمهم للفترة النيابية السابقة وتداولهم في العديد النقاط ليقرروا التصويت للقائمة التي قدمت مشروعا مناقضا ومخالفا لمشروع القائمة الأخرى. وبالتأكيد فإن نوابنا هم مناضلات ومناضلو القطاع من النقابات الأساسية والكتاب العامين للفروع الجامعية ولهم من الحنكة والقراءة الموضوعية للمشهد النقابي وتحديدا داخل قطاع التعليم الثانوي ما جعلهم يميلون إلى قائمة "رد الاعتبار". لكننا اليوم نقول إن مكتب الجامعة العامة أصبح بحكم شرعية الصندوق مكتبا يمثل كافة الأساتذة ولا يقصي اي هيكل بمن فيهم من لم يصوت لنا، والمطلوب الآن عودة اللحمة داخل القطاع وهذا ما سنعمل على تحقيقه.

* من أبرز التحديات المطروحة عليكم هي مصالحة القطاع مع الرأي العام وتدعيم الجانب الاتصالي؟ 

بالنسبة لنظرة الرأي العام لقطاع التعليم الثانوي والمواقف منه فهي لا تخرج عن إطار موقف عام روجت له بعض الأطراف المعادية والمناهضة لمنظمة حشاد على امتداد العشرية الأخيرة وحتى قبل الثورة. فالعدائية التي باتت تكنها بعض الأطراف للمنظمة للدفع نحو شيطنتها وتحجيم دورها وتعليق ما آلت إليه الأوضاع في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تحديدا على شماعة العمل النقابي، فهذه الأطراف تحاول توجيه أصابع الاتهام لاتحادنا ونحن كقطاع جزء من هذه المنظمة لذلك فإن مواقف جزء من الرأي العام وبعض الأولياء من حراكنا ونضالاتنا هي بالأساس مواقف رافضة لأي دور نقابي بالأساس  وليس أدل على ذلك من انه في السنة الماضية مثلا لم ينفذ القطاع أي إضراب ومع ذلك نجد أن جزء من الرأي العام ينخرط في تشويه هذا القطاع ويروج بأننا نضرب وأننا نحرم أبناءنا من الدراسة والحال أن أبناءنا قد تلقوا في السنة الماضية الزاد المعرفي المطلوب.

العمل النقابي يخول لنا أن نختار وننخرط في أي مسارنضالي

 ولكن حينما تعلق الأمر بحجب الأعداد فقد كنا أمام وضع حتم علينا أن نختار هذا المسار النضالي بالرغم مما فيه من مواجهة مع الرأي العام. بالطبع كل شكل نضالي يحتاج إلى عملية تقييم، ونحن كقطاع التعليم الثانوي، أكيد، سنعيش لحظة التقييم للمسارات النضالية والأشكال التي يمكن أن نتخذها في قادم الأيام وحتى يكون الرأي العام على بينة فان حق الإضراب هو حق دستوري مشروع وهو ليس منة من احد وان العمل النقابي يخول لنا أن نختار وننخرط في أي مسارنضالي متناسب مع الوضع المطلبي والتفاوضي. وهذا لا ينفي بلا شك إمكانية إعادة النظر في بعض هذه الأشكال.

 أما بخصوص السياسة الاتصالية فهذا الأمر موكول بالأساس أولا إلى وسائل الإعلام التي نرى أن بعهدتها التواصل مع كل الهياكل النقابية حتى تفتح جسور التواصل بين النقابات والرأي العام مما قد يذيب بعض الجليد من جهة ويقرب وجهات النظر ومن جهة ثانية وكي لا تبقى الصورة هي فقط صورة من يريد أن يشوه العمل النقابي في كل القطاعات والأمر كما ذكرت ليس حكرا على قطاع التعليم الثانوي فقط.

* تنتظركم الكثير من التحديات على المستوى المطلبي من جانب تحسين الأوضاع الاجتماعية والمهنية للأساتذة ما هي خططكم في هذا الصدد؟

 لا نختلف بان الشعب التونسي برمته يعيش وضعا اقتصاديا مأزوما والوضع المادي المتردي والمترهل يشمل تقريبا كل الشرائح الاجتماعية وكل القطاعات. وحتى بالنسبة لقطاعنا، نجد أننا على امتداد سنوات طوال قد تعففنا إلى أبعد الحدود في المطالبة بتحسين الوضع المادي للأساتذة ولكن واقع الحال يكشف أن المقدرة الشرائية للمربين قد اهترأت بشكل غير مسبوق خاصة في السنوات القليلة الماضية حيث أصبحنا نعاني الأمرين وأن الزميلات والزملاء باتوا يعانون من الارتفاع المشط للأسعار وأن الأجور لم تعد قادرة على مسايرة لهذا الوضع الاقتصادي والمعيشي لأبناء وبنات هذا القطاع.

الفارق في الأجور بين قطاعنا وقطاعات أخرى أصبح كبيرا.

 وعليه، نرى أنه، في ظل ما نعيشه من أزمات اقتصادية أرهقت كاهلنا، لابد أولا من الجلوس إلى طاولة المفاوضات للنظر في كيفيه حلحلة هذاالوضع المادي المترهل وثانيا فقد أصبح من الضروري إعادة النظر أيضا في سلم التأجير سواء تعلق الأمر بقطاع التعليم الثانوي أو بغيره من القطاعات التابعة للوظيفة العمومية.

إنه من غير المعقول أن نتقاضى أجورا ضعيفة بعد سنوات مضنية وطويلة من هذه المهنة الشاقة حتى أن الفارق في الأجور بين قطاعنا وقطاعات أخرى أصبح كبيرا.

أما فيما يتعلق بالجانب المهني، ونعني بذلك ظروف العمل داخل المؤسسات التربوية، فلم تمر سنة دراسية إلا وصدحت أصواتنا بضرورة النظر للمؤسسات التربوية العمومية التي تآكلت بناها التحتية وتعاني من نقص فادح في الموارد البشرية على جميع المستويات وعلى كافة أسلاك التربية.

كذلك الميزانيات التي كان يفترض الترفيع فيها بنسبة 20% حسب اتفاق 9 فيفري 2019، فان هذا لم يحدث بل على العكس تماما لاحظنا هذه السنة تخفيضا في الميزانيات وحتى نسبة 20% لم يتم تحويلها للمؤسسات التربوية العمومية والتي بقيت تعاني ضعفا فادحا على جميع المستويات ناهيك أن تلاميذنا يتجولون باستمرار بين أروقة المؤسسات التربوية بحثا عن طاولة أو كرسي حتى يتمكنوا من الدراسة.

 هذا الوضع يحتاج إلى إعادة النظر والجلوس إلى طاولة الحوار أولا وضرورة رصد الهنات التي تعاني منها المؤسسات التربوية حتى يتمكن الأساتذة من تأدية دورهم على الوجه الأكمل، شأنهم في ذلك، شأن بقية القطاعات والأسلاك وحتى ينال التلاميذ نصيبهم من العلم في مؤسسات جاذبة وظروف دراسة لائقة.

* كيف سيتعامل المكتب الجديد مع بعض المطالب الخصوصية والتي من ضمنها سحب أوتعديل الاتفاق السابق مع وزارة الإشراف؟ 

جاء اتفاق 23 ماي 2023 بعد سلسلة طويلة جدا من اجتماعات الهيئة الإدارية لم يشهدها القطاع من قبل وقد أصاب ما أصاب القاعدة الأستاذية من خذلان جراء هذا الاتفاق الذي اعتبرته لم يرق إلى أدني مستوى يمكن أن ينتظره الأساتذة بعد سنة دراسية خضنا فيها كل الأشكال النضالية سواء كانت اعتصامات أو حجبا للأعداد.

 ومع ذلك وإيمانا منا باستمرار المؤسسات، وأيضا باستمرار العمل النقابي، فان المؤتمر القطاعي الأخير قد ناقش هذا الموضوع بكثير من المسؤولية والكثير من العقلانية والتروي وكان الرأي الغالب هو أن نسعى إلى تفعيل بنود هذا الاتفاق بالتوازي مع تفعيل بنود اتفاق 9 فيفري 2019 وكذلك المطالبة بتحسين ظروف العمل وتحسين الواقع المادي للأساتذة.

سنطالب بإعادة النظر في بعض المسائل المادية

 وربما قد يتساءل البعض ههنا حول كيفية المطالبة بما هو مضمن في إطار اتفاق؟ وجهة نظرنا في هذا الموضوع هي أن تفعيل الجانب المادي في الاتفاق سيبدأ من سنوات 2026 و2027 و2028 والمدة الزمنية الفاصلة بين بداية تفعيل الاتفاق في الجانب المالي وبقية المطالب القطاعية الملحة طويلة ومتباعدة نوعا ما.

لذلك نحن، في المكتب التنفيذي للجامعة، سنطالب بإعادة النظر في بعض المسائل المادية مثل تفعيل بعض المنح الخصوصية أو إحداث أخرى وفي نهاية المطاف يبقى هذا الاتفاق قائما مع تثبيت بنوده وتثبيت ما تضمنه سواء تعلق الأمر بزملائنا النواب أو المديرين والنظار وغير ذلك من البنود.

ولا شك أن الهيئة الإدارية القطاعية ستنعقد قريبا لترتيب المطالب وإيجاد المداخل والآليات التفاوضية

* كيف ستتعاملون مع ملف الإصلاح التربوي المدار من قبل الوزارة بشكل أحادي وماهي محاور مقاربتكم لهذا الملف؟

إن إصلاح المنظومة التربوية هو مطلب قديم متجدد وربما الرأي العام لا يعرف أننا ندرّس برامج مرت عليها أكثر من 15 عاما، وهذا لا يتناسب مع الواقع المتغير بشكل سريع ونرى من خلال مواكبتنا لهذه البرامج أنها بالفعل لم تعد قادرة على أن تستجيب لأدنى القدرات الذهنية ولرؤى أبنائنا التلاميذ.

 هذا إضافة إلى مشاركتنا السابقة في مشروع الإصلاح لسنة 2015 بحضور ثلاثة أطراف وهي الاتحاد العام تونسي للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان وسلطة الإشراف ولم يكتب لهذا المشروع أن يرى النور بالرغم مما انفق عليه من تمويلات.

أولوية اصلاح التعليم  تكون بالأساس لخبراء من علماء التربية.

 بالطبع هناك أسباب أخرى عديدة أدت إلى فشل هذا المشروع ولا داعي من الخوض فيها لكن في تقديرنا لابد أن نعود إلى هذه الأرضية لعلها تكون منطلقا لاستكمال هذا المشروع لأنه يبقى مشروعا وطنيا ولنا آمال عريضة في تحقيقه. لكن أن يكون الإصلاح من جانب واحد ضمن هذه الاستشارة التي تم الترويج لها بكل الوسائل والتي اتخذت صبغة إلزامية في بعض الأحيان مع المندوبيات التي ألزمت الأساتذة كما التلاميذ على الانخراط في هذا المشروع، فإن هذه الممارسة، في تقديرنا، لا يمكن أن تحقق أهدافها لأن إصلاح المنظومة التربوية ولئن كان شأنا وطنيا يهم الأولياء والتلاميذ وكل شرائح المجتمع، فإننا نرى أن الأولوية القصوى تكون بالأساس لخبراء من علماء التربية.

 وقد كانت لي فرص الالتقاء ببعضهم ومنهم كفاءات وخبرات عالية كذلك المتفقدون وأيضا الشريحة الأكبر وهي بالطبع الأساتذة وممثلهم الجامعة العامة للتعليم الثانوي القادرة على التشاور مع نقاباتها الأساسية وفتح حوار مع منظوريها في مختلف المواد والاختصاصات، وهذا يمكن أن يقدم الإضافة لمشروع الإصلاح شريطة أن ترصد له التمويلات اللازمة والكافية بعيدا عن الحسابات الخاصة لأن الإصلاح التربوي لا يمكن أن يتحقق إلا ضمن مشروع وطني حقيقي يؤمن بان التربية هي عماد المجتمع.

* كيف تنظرون إلى علاقة الجامعة العامة مع الوزارة؟

 في علاقة بسلطة الإشراف، فنحن دائما على يقين وإيمان بان التشاركية هي أساس بناء أي عملية اصطلاحية وتفاوضية وعلاقتنا بسلطة الإشراف ضرورة وحتمية لا مفر منها.  ونحن تعلمنا دائما داخل منظمتنا أن نكون قوة اقتراح ونحن أيضا مطالبون بان ندافع عن منظورينا في علاقة بما يمكن أن يمسهم من ظلم أو حيف أو في مطلبية نراها مشروعة.

الآن نحن، في المكتب الجديد، أمامنا تحديات عديدة وقد طالبنا سلطة الإشراف بعقد اجتماع خلال الأيام القادمة، وسنعمل على طرح تصوراتنا ومقاربتنا لعمل تشاركي من شانه أن يؤسس لمسار قادم يراد منه بالأساس النهوض بهذا القطاع ضمن قناعة مشتركة بين الطرفين النقابي وسلطة الإشراف على قاعدة حوار اجتماعي مسؤول المراد منه تحسين أوضاع القاعدة الأستاذية بعيدا عن التوترات.

* ماهي أهمّ توصيات المؤتمر الأخير؟

 اللوائح ستكون جاهزة قريبا وبالتأكيد ستتضمن جملة التوصيات التي رفعها نواب المؤتمر الأخير. وفي نهاية المطاف ليست اللوائح إلا امتدادا للصوت القاعدي في قاعات الأساتذة. ومن أهم هذه التوصيات:   

أولا إعادة المدرسة العمومية إلى سالف ألقها والحفاظ على هذا المكسب وهو ما لا يتحقق إلابإعادة الاعتبار للمربيين من خلال معالجة وضعهم المادي الصعب الذي يتخبطون فيه وكذلك تعزيز القيمة المعنوية لكافة الأساتذة والمربين من خلال تكثيف الحماية الأمنية للمؤسسات التربوية وتدعيم الموارد البشرية من قيمين وعملة وإداريين وذلك بضمان ظروف عمل طيبة.

كما سنعمل ثانيا على تفعيل كل الاتفاقات المبرمة مع سلطه الإشراف وبالخصوص القضاء على التشغيل الهش.

* في الأخير، هل ترى ان مهمتكم سهلة ام تواجهها صعوبات كثيرة؟

ان مهمة مكتب الجامعة العامة تندرج ضمن واقع موضوعي تعيشه بلادنا ومدى تفاعل الوزارة مع مخرجات المؤتمر وما تضمنته لوائحه.

ومثلما اسلفت، فإن الحوار والتشاركية في معالجة الواقع التربوي هما السبيل لتذليل كل الصعوبات والإشكاليات المطروحة للنهوض بواقع الأساتذة والمحافظة على المرفق العمومي.

* هل من كلمة أخيرة، الأخ محمد الصافي، توجهها إلى الأساتذة وأخرى إلى سلطة الإشراف

في الختام، أتوجه لزميلاتي وزملائي بكل عبارات التقدير لما بذلوه ويبذلونه من أجل تأدية رسالتهم التربوية رغم الصعوبات التي يواجهونها و ندعوهم إلى تجديد ثقتهم في جامعتهم العامة و إلى مزيد رص الصفوف و الدفاع عن منظمتنا لأنها الخيمة التي تضمن حقوقهم.

على  سلطة الإشراف الإيفاء  بالاتفاقات السابقة ومزيد تعميق التشاور في المسائل العالقة

 أما رسالتي إلى سلطة الإشراف فهي دعوتها إلى الإيفاء بما أبرم في الاتفاقات السابقة والالتزام ببنودها ومزيد تعميق التشاور في المسائل العالقة وتذليل الصعوبات والازمات التي قد تطرأ خلال السنة الدراسية، كما ندعوها الى احترام حق العمل النقابي.