وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي(5) عن أزمة 1965: طريق غير سالكة أمام قرار مؤتمر الحزب بالسيطرة على المنظمات القومية

في الصورة يظهر من اليسار احمد بن صالح فالحبيب عاشور فالحبيب طليبة وهو الاخر من مؤسسي الاتحاد العام التونسي للشغل أصيل منزل جميل من ولاية بنزرت.

 [ الشعب نيوز/ وثائقي - استجابة لطلب من أسرة التحرير، قدّم العميد الأستاذ منصور الشفي لقراء الشعب الورقية الكرام والاخوة النقابيين سلسلة من المقالات النضالية للاتحاد، نشرت سنة 2009 ،حيث كان شاهدا عن قرب على وقائعها وتطوّراتها، آملا – كما كتب - أن يساهم بعمله هذا في إبقائها حيّة في الأذهان حتى لا تندثر ويلفّها النسيان.  ويضيف الأستاذ العميد: " فالفترة التي أتحدث عنها هي جزء من تاريخ هذه المنظمة العتيدة وبالتالي فهي جزء من تاريخ تونس."] 

جاء في لائحة لجنة التنظيم الحزبي المنبثقة عن مؤتمرالمصير للحزب الدستوري المنعقد سنة 1964 " إعتبار المنظمات القومية تشكيلات مختصة بالقطاعات التي تعمل في نطاقها المهني وملتزمة بالسير في منهج الاشتراكية الدستورية ".والمقصود بالمنظمات القومية كل من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والاتحاد القومي للفلاحين واتحاد المرأة التونسية واتحاد الطلبة واتحاد الشباب والكشافة التونسية والمصائف والجولات.

وإذا كان أحمد بن صالح ومحمد الصياح مدير الحزب آنذاك يميلان الى تعويض الحبيب عاشور على رأس المنظمة الشغيلة، فإن الرئيس بورقيبة كان مترددا جدا في تعويض الحبيب عاشور وبقي الامر هكذا عدة اشهر فبن صالح ومحمد الصياح يهاجمان الحبيب عاشور وهو يقاوم ويدافع عن نفسه وعن المنظمة بكل شجاعة ورباطة جأش.

في الصورة: محمد الصياح

وفي شهر جانفي 65 تلقى الحبيب عاشور رسالة من محمد الصياح مدير الحزب يقول فيها " وأنه تطبيقا لمقررات مؤتمر بنزرت فيما يتعلق بالموضوع الآتي ذكره وتبعا لقرار الديوان السياسي الموسع المجتمع يوم 15 ديسمبر 1964 بقرطاج تحت رئاسة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة والتي كان موضوعها ترأس لجان التنسيق الحزبي لكل ما يتعلق بسير ونشاط المنظمات القومية، فقد وجهنا الى اخواننا رؤساء لجان التنسيق منشورا نضيف صحبة هذا نسخة منه ونحن ننتظر منكم ان تعطوا التعليمات الضرورية للقطاعات النقابية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل وذلك لتط بيق المقررات سالفة الذكر. 

وقد جاء بالمنشور المؤرخ في 26 ديسمبر 1964 الموجه من إدارة الحزب الى لجان التنسيق (الهياكل الجهوية للحزب) " وانه تطبيقا لقرار مؤتمر بنزرت والذي اعتبر المنظمات القومية تشكيلات مختصة بالقطاعات التي تعمل في نطاقها المهني والملتزمة بالسير في طريق الاشتراكية الدستورية التي تستجيب الى أماني الشعب وتطيبقا ايضا للقرار المتخذ من طرف الديوان السياسي الموسع في اجتماعه الاخير بقصرقرطاج بتاريخ 15 ديسمبر الجاري تحت رئاسة المجاهد الاكبر رئيس الحزب والدولة والذي كلفّ لجان التنسيق بالترأس الفعلي لسير الهياكل الجهوية للمنظمات القومية وتتبع .نشاطها لتكون في مستوى الرسالة وذلك طبقا لمقررات مؤتمر الحزب."

وقد أجاب الحبيب عاشور محمد الصياح برسالة جاء فيها وانه بالنظر الى أهمية الموضوع فإنهّ سيعرض الامر على مؤتمر يعقده الاتحاد العام لهذا الغرض.

وبطبيعة الحال، فسُرت رسالة الحبيب عاشور على انها رفض لقرار الحزب وهي فعلا كذلك، وكان أحمد التليلي مواكبا لهذا التمشي وموافقا عليه.

بعد أيام من ذلك اعلم محمد الصياح الحبيب عاشور بأن الرئيس سيستقبلهما وتمّت المقابلة وكان امام الرئيس مقررات مؤتمر الحزب والرسالة التي وجهها محمد الصياح للحبيب عاشور ومنشور الحزب الموجه للجان التنسيق وردّ الحبيب عاشور.

واستهل الحبيب بورقيبة كلامه موجها القول للحبيب عاشور في حدةّ: " أنا لا أدري لماذا أنت مصرّ على عدم تطبيق مقرّرات الحزب، وعلى كلّ  فأنت سوف لن تخسر شيئا."