وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي (6) عن أزمة 1965:النقابيون يطردون واليا جاء ليشرف على مؤتمر نقابة ستاغ

في الصورة، البشير بلاغة واقفا وراء الزعيم الحبيب بورقيبة والى يمينهما حامد الزغل أحد مناضلي الرعيل الاول.

[ الشعب نيوز/ وثائقي - استجابة لطلب من أسرة التحرير، قدّم العميد الأستاذ منصور الشفي لقراء الشعب الورقية الكرام والاخوة النقابيين سلسلة من المقالات النضالية للاتحاد، نشرت سنة 2009 ،حيث كان شاهدا عن قرب على وقائعها وتطوّراتها، آملا – كما كتب - أن يساهم بعمله هذا في إبقائها حيّة في الأذهان حتى لا تندثر ويلفّها النسيان.  ويضيف الأستاذ العميد: " فالفترة التي أتحدث عنها هي جزء من تاريخ هذه المنظمة العتيدة وبالتالي فهي جزء من تاريخ تونس."]  

فهم الحبيب عاشور أن بورقيبة يعرض عليه إغراءات مالية فأجابه بغضب: «أنا منذ بدأت عملي بالمنظمات سواء كان الحزب او عملي النقابي بالـ س. ج.ت أو بالاتحاد العام التونسي للشغل فإني لم افكر يوما ما في ان استفيد ماديا من عملي ذاك. فأنا عملت من أجل المصلحة العامة للبلاد.

أجابه بورقيبة: «لماذا غضبت؟» فردّ الحبيب عاشور: كل ما لديّ ان اقوله قلته كتابيا في الرسالة التي أرسلتها لمحمّد الصياح والتي هي الآن بين يديك واعتقد انك قرأت جوابي ولا بدّ لي ان اضيف: أنت تعلم ماذا يمثل الإتحاد بالنسبة لي وبالنسبة للوطنيين الأوفياء فأجابه بورقيبة «انا أعلم أن إنتخاباتكم مزّورة وأنت تفرض من تراه، ولي تشكيات عدةّ في هذا الموضو ع

قال الحبيب عاشور «إذا كنت ترى ذلك فإنيّ أقبل حضور أشخاص معينّين من طرفنا ومن طرفكم لمراقبة سير الانتخابات» وتمّ الاتفاق على ذلك وللعلم جاءت هذه المعلومات سالفة الذكر أوردتها كما ذكرها الحبيب عاشورفي مذكراته الصادرة بالفرنسية سنة 1989

وإستمرت الانتخابات التي أرادها الاتحاد بحضور طرفين، طرف عن الحزب وطرف عن الاتحاد، الى ان علم الحبيب عاشور عند انعقاد مؤتمر شركة الكهرباء والغاز بحضور والي تونس البشير بلاغّة(وهو الاخر نقابي قديم ومن مؤسسي الاتحاد)  واشرافه عليه هو شخصيا وانه اتى بأشخاص لا علاقة لهم بالشركة وليسوا من عمالها يصوّتون.. فحضر الحبيب عاشور الى مكان الاجتماع وطلب من الوالي مغادرة القاعة هو ومن معه فلم يجد بداّ من الإستجابة لذلك. مذكرات العميد منصور الشفي (6) عن أزمة 1965:النقابيون يطرد واليا جاء ليشرف على مؤتمر نقابة ستاغ

ووقف الحبيب عاشور في شرفة مكتبه ليخاطب النقابيين المتجمهرين بساحة محمد علي وتوجه لهم بالقول: «إذا كناّ قد قبلنا بحضور اعضاء الحزب في إنتخاباتنا فذلك لكي اثبت لهم وأني لا أبحث عن إنجاح انصاري على رأس النقابات وان إنتخاباتنا حرّة ولكن بما أنهم أرسلوا لنا الوالي للاشراف فإنيّ اقول لهم واني لا اقبل هذه الوصاية ومن الآن فصاعدا فإن مسؤولي الاتحاد هم وحدهم الذين سيشرفون على انتخابات تجديد الهياكل.

ويقول الحبيب عاشورفي مذكراته: " إثر ذلك استدعاني الحبيب بورقيبة وكان حاضرا معه محمد الصياح وبكلّ توددّ وترحيب قال لي:«  لقد علمت انك اطردت جماعة الحزب من حضور مؤتمرات التجديد وانت نفسك من الحزب فكأنك وجهت صفعة الى نفسك وانا أطلب منك التراجع في موقفك وأن تترك ممثلي الحزب يحضرو ن"

فأجابه الحبيب عاشور «سأعرض الأمر على أعضاء المكتب التنفيذي» وبعرض الامر على المكتب التنفيذي كان رأي الاغلبية السماح لممثلي الحزب بالحضور دون التدخل في سير المؤتمرات ورجع ممثلو الحزب للحضور لكن النتائج مرة أخرى أفرزت نجاح نقابيين لا صلة لهم بالحزب مما زاد في غضب محمد الصياح وأحمد بن صالح

كانت دعاية الحزب مستمرّة في الهجوم على الحبيب عاشور واصدقائه، واقترح الحزب على الحبيب عاشور عقد مجلس وطني للاتحاد واتفق احمد بن صالح ومحمد الصياح على ان تنبثق دعوة من المجلس الوطني لتعويض الحبيب عاشور وكانوا في دعايتهم يركزون على وجوب تعويضه بأحمد التليلي ولكن هذا الاخير كان رافضا ذلك وكان قد قرّر ان لا ينفصل عن الحبيب عاشور مطلقا وان عملهما سيكون بالتوافق  والتنسيق وهو ما تمّ فعلا في الأيام التي تلت.