نقابي

كلمة الأمين العام نور الدين الطبوبي بمناسبة إحياء الذكرى 71 لإغتيال الزعيم الوطني و النقابي الخالد فرحات حشاد

الشعب نيوز / المحرر - ألقى الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل الأخ نور الدين الطبوبي كلمة بمناسبة إحياء الذكرى 71 لإغتيال الزعيم  الوطني و النقابي فرحات حشاد بحضور نجله السيد نور الدين حشاد  في مقر الإتحاد بساحة محمد علي وسط العاصمة التونسية و في التالي كلمة الأمين العام للمنظمة الشغيلة :

أخواتي وإخوتي في النضال،

بنات وأبناء الاتحاد،

صديقات وأصدقاء الاتحاد العام التونسي للشغل،

نلتقي اليوم وللمرّة الواحدة والسبعين منذ الاغتيال الغادر للزعيم الوطني والنقابي الشهيد فرحات حشّاد في 5 ديسمبر 1952 على أيدي الاستعمار الفرنسي لنعبّر عن إجلالنا لروح هذا البطل الفذّ وعن اعتزازنا بأن نكون من أحفاد هذا الرجل الاستثنائي.

نلتقي اليوم لنعبّر أيضا عن اعترافنا بالجميل لكلّ شهداء تونس ووفائنا لكلّ قطرة دم سكبوها على أديم الوطن ثمنا للحرية وللكرامة الوطنية ولنيل الاستقلال الوطني. وهي مناسبة للترحّم على أرواح كلّ من استشهد في سبيل أن يستردّ شعبنا سيادته الوطنية وينال حقوقه المسلوبة في العيش الكريم والمساواة والعدالة الاجتماعية وفي مقدّمتهم زعيم الشهداء، مؤسّس اتحادنا، الاتحاد العام التونسي للشغل المرحوم فرحات حشّاد.

واعتزاز الشغّالين وإجلالهم وترحّمهم موصول لكلّ شهداء تونس ولكلّ شهداء الاتحاد الذين واجهوا الجبروت الاستعماري وناضلوا ضدّ الاستغلال والاستبداد والحيف الاجتماعي ووقفوا سدّا منيعا للذود عن استقلالية الاتحاد وحرية العمل النقابي والدفاع عن حقوق الطبقة العاملة وجموع الكادحين التونسيين. ويأتي في مقدّمة هؤلاء رفيقانا البطلان حسين الكوكي وسعيد ڤاڤي اللذين استشهدا تحت التعذيب إلى جانب سائر الشهداء من عمّال صفاقس والنفيضة وبرج السدرية وجبل الجلود والمناجم وسوق الأربعاء زمن الاستعمار وصولا إلى الشّهداء من مناضلي الاتحاد ومن أبناء الطبقات الكادحة الذين سقطوا في 26 جانفي 1978 وخلال انتفاضة الخبز في 1983 وعند اندلاع ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي. كما نستحضر اليوم ذكرى رفاقنا وقياداتنا الذين غادرونا إلى الرفيق الأعلى لنترحّم على أرواح الزعماء محمد علي الحامي وأحمد التليلي والحبيب عاشور وكلّ الذين فقدناهم على درب النضال النقابي والوفاء للاتحاد.

بنات وأبناء الاتحاد،

أيها الشغالون،

تمرّ اليوم واحد وسبعون سنة على اغتيال الشهيد الرمز والزعيم الوطني والنقابي "فرحات حشاد" رحمه الله وطيَّب ثراه، وإنّ ذكراه هذه السنة تأتي في ظرف استثنائي تنبعث فيه من جديد روح المقاومة في فلسطين ضدّ المحتلّ الصهيوني الغاصب وضدّ القوى الاستعمارية الداعمة له لتكون مسيرته وتضحيته ومبادؤه ودماؤه الزكية نبراسا لكلّ نفس مقاوم ولكلّ حركة تحرّر وطني ولكلّ مناهضي الاستعمار والامبريالية في شتّى أنحاء العالم.

إنّنا نلتقي بهذه المناسبة استثنائيا في هذا المكان على أمل أن نحيي الذكرى الثانية والسبعين لجريمة اغتيال حشاد السنة القادمة بدار الاتحاد ببطحاء محمد علي بعد استكمال بنائها وتجهيزها تحقيقا للرغبة التي عبر عنها حشاد في الافتتاحية التي دوّنها بنفسه بالعدد الأوّل من جريدة الاتحاد "صوت العمل" سنة 1948 حين أكّد على أنّ مهمّة بناء دار للاتحاد هي أولوية نقابية. وكلّنا أمل وعزم على أن يكون احتفالنا بالذكرى 78 لتأسيس الاتحاد في جانفي المقبل بساحة محمد علي الحامي، ساحة الصمود والنضال، ساحة قوى الحرية والعدالة الاجتماعية والتي ستستعيد بفضلكم ألَقَهَا وإشعاعها ونضالَها كما عَهِدتها أجيالٌ من النقابيات والنقابيين وكافّة المناضلين والحقوقيين. وخصّصنا فضاء بدارنا الجديدة لحفظ الذاكرة الوطنية والنقابية ولاستعراض الأحداث التاريخية الكبرى التي عاشتها ساحة محمد علي سواء تلك التي لها علاقة بنضال الطبقة العاملة التونسية والشعب التونسي وقواه الديمقراطية التقدمية دفاعا عن قيم الحرية والمساواة والعدالة في مواجهة الاستغلال والقمع والقوى المعادية للحقوق والحريات النقابية، أو تلك الأحداث المتّصلة بنصرة قضايا التحرّر في العالم وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني الشقيق. وفي هذا المجال فإنّنا نجدّد طلبنا للسلطات بإعادة الأرشيف النقابي الذي استحوذت عليه عند مهاجمتها لِدُوْرِ الاتحاد ومقرّاته في السبعينات والثمانينات. 

الأخوات والإخوة،

أيها الشغالون،

إنّنا عندما نُحْيِي ذكرى جريمة اغتيال فرحات حشاد وعندما نعمل على حفظ الذاكرة النقابية لأنّنا نؤمن أنّ هذه الذاكرة هي جزء من الذاكرة الوطنية ومن تاريخ شعبنا وأنّ المحافظة عليها ونقلها بأمانة للأجيال الناشئة هي مهمّة وطنية. كما أنّها تندرج ضمن الوفاء لروّاد الحركتين النقابية والوطنية والاستلهام من سيرتهم المشرّفة.

إنّ إحياءنا للمحطّات النضالية للاتحاد ولذكرى شهدائه ومناضليه وفي مقدّمتها ذكرى استشهاد مؤسّسه الزعيم فرحات حشّاد هو للتذكير بالهوية الوطنية المتأصّلة للاتحاد العام التونسي للشغل وبالجذور الضاربة للعمل النقابي في أعماق هذا الشعب وللمكانة التي يحتلّها اتّحادنا في ذاكرة وضمير كلّ التونسيات والتونسيين. وللتذكير بأنّ الحركة النقابية العالمية تأسّست على محاربة الظلم والاستغلال والتسلّط والاستعباد.

هذه المكانة النقابية في الوجدان الشعبي ولدى الحركة النقابية الحرة والمناضلة في العالم لم تأت من فراغ  بل هي نتاج لمسار تاريخي ملحمي يشهد على عراقة الاتحاد العام التونسي للشّغل كقلعة للنضال وللتضحية وللدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعموم الشعب التونسي ومنبع لا ينضب للعطاء والإخلاص للوطن وقد استطاع علاوة عن ذلك أن يكون مصدر إلهام للفكر والإبداع وحرية الرأي والتعبير منذ مرحلة التحرير إلى تأسيس الدولة الوطنية وعبر جميع مراحل بنائها، وذلك رغم حملات القمع الدموية المتكرّرة التي تعرّض إليها ومحاولات إخضاعه ومصادرة حريته، وتعمّد العديد من القوى ضرب مصداقيّته وتشويه مناضلاته ومناضليه وتحجيم دوره.

وبالرغم ممّا نتعرّض إليه من ضغوطات وتشكيك ومحاولات إرباك وبالرغم من الإحالات على المحاكمة للإخوة في صفاقس ونقابيي النقل والثقافة والصحّة والشؤون الدينية واستمرار حبس الأخ أنيس الكعبي الكاتب العام للنقابة الأساسية للطرقات السيارة منذ ما يقارب السنة دون محاكمة بافتعال قضايا تستهدف الحقّ النقابي وحرية التعبير والاتحاد العام التونسي للشغل في إطار محاكمات سياسية بامتياز تنتهك الدستور والاتفاقيات الدولية، فإنّنا نشدّد على أنّ النقابيات والنقابيين ليسوا فوق القانون ونطالب مرة أخرى بحفظ كلّ القضايا الكيدية. إنّ قدرنا أن نبقى مخلصين للوطن أوفياء لشهدائه وبناته متمسكين بالمبادئ النقابيّة، مناضلين من أجل الحريات العامة والفردية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. كما سنظلّ كما كنّا دوما قوّة اقتراح ومبادرة وتوازن وفاعلا أساسيا في مسار الانتقال الديمقراطي والاستقرار الاجتماعي والنموّ الاقتصادي.

وفي هذا الإطار نجدّد رفضنا المطلق لاستهداف الحقوق والحريات ونجدّد المطالبة بسحب المرسوم 54 الذي وُضع لتكميم الأفواه ومنع النقد ومحاكمة الأصوات الحرّة ونعتبر التضييق على حرية التعبير تعبيدا للطريق لصالح الاستبداد والدكتاتورية والحكم الفردي.

سنظلّ متشبّثين بالهويّة الاجتماعية للدولة وبتعزيز دورها التعديلي للقضاء على الفقر وحماية الفئات الهشّة. سنظلّ نناضل من أجل حماية المقدرة الشرائية للعمّال وعموم الأجراء في مواجهة الغلاء والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية والخدمات. سنواصل دفاعنا عن المرفق العمومي وعن حقّ شعبنا في التقدّم والرفاه الاجتماعي. سنظلّ متمسّكين بحقّ الشعب التونسي في أن يقدّم له المستشفى العمومي في كلّ ولاية ومعتمدية أفضل الخدمات الطبية والعلاجية وفي تعليم جيّد ومجاني على أن تكون مدارسه ومراكز تكوينه وجامعاته العمومية منارة للعلم والتقدّم وفضاء لتأهيل أجيال المستقبل المتجذّرين في هويّتهم والمتفتّحين على آفاق الإنسانية الرحبة.

وسنولي، كما تعوّدتم منّا، المسألة الاجتماعية أولى اهتماماتنا وفي مقدّمتها حقوق الجهات والقطاعات وتحسين القدرة الشرائية للأجراء ومراجعة الجدول الضريبي بإصلاح المنظومة الجبائية الحالية غير العادلة ورفع الأجر الأدنى ومحاربة التشغيل الهشّ والتمسّك بحقّ المفاوضة وتطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة وخاصة اتفاقيتي    6 فيفري 2021 و15 سبتمبر 2022 وإلغاء المنشور عدد 21 الذي واصل تكريس ضرب الحقّ النقابي وحقّ المفاوضة الجماعية الحرّة والطوعية وفي مراجعة دورية لتحسين مقدرتنا الشرائية وفي حقّنا في تحسين شروط وظروف عملنا وفي حماية حقوق المتقاعدين وأداء واجب الاعتراف لهم بجليل ما قدّموه من بناء وتضحيات حتّى ينعموا بتقاعد كريم ولائق.

وفي هذا الإطار ندعو مرة أخرى إلى تفعيل الحوار الاجتماعي بدءا بعقد جلسة تقييميّة بناء على مُؤشّرات التضخّم وفقدان عديد المواد الأساسية والأدوية إيمانا منّا ألاّ تقدُّمَ ولا تنمية دون حوار اجتماعي مسؤول وجدّي وشفّاف.

أبناء وبنات الاتحاد،

أيها الشغالون،

سنبقى حماة للمؤسّسة العمومية وداعين لإصلاحها والمحافظة على ديمومتها ونجاعتها وقدراتها المالية حتّى تواصل تأدية خدماتها لفائدة عموم المواطنين. كما نجدّد اليوم موقف اتّحادنا المتمسّك بدعم الدولة للمواد الأساسية باعتباره جزءا هاما من الدور التعديلي للدولة وعنصرا أساسيا في سياسة المداخيل وإعادة التوزيع على أن يتوجّه هذا الدعم لمستحقّيه وأن يتمّ الحوار حول الشرائح الاجتماعية التي تستحقّ هذا الدعم وحول قيمته وطرق تأديته.

وعلى هذا الأساس اعتبرنا في الاتحاد موقف السيد رئيس الدولة سواء فيما يتعلّق بحماية المؤسّسات العمومية وإصلاحها أو فيما يخصّ سياسة الدعم ومكافحة الاحتكار والمضاربة مواقف تتوافق مع المواقف التي طالما تمسّك بها الاتحاد ودافع عنها وانتقد بسببها السياسات الليبيرالية للحكومات المتعاقبة لكن ومع الأسف لم تترجم هذه المواقف في قوانين أو إجراءات عمليّة وخاصّة أنّنا نعتبر قانون المالية لسنة 2024 استنساخا لسياسة محاسبتية ضيّقة الأفق خالية من أيّ روح خلاّقة استشرافية وإصلاحية في ظلّ غياب بدائل تنموية.

إنّنا مع الدولة القوية، وقوّة الدولة لا تقاس بقدراتها الأمنية والعسكرية فحسب، على الرغم من أهمية ذلك، ولكن تقاس بالخصوص بقدرتها على إشاعة العدل وضمان العدالة الاجتماعية وخاصّة بحمايتها للحقوق والحريات ومن ضمنها تمكين الجميع من الحقّ في النفاذ إلى قضاء منصف ومستقلّ ونزيه وبإنفاذ القانون على الجميع دون استثناء ودون أيّ حاضنة أو انتقائيّة ووضع مقاربة ناجعة لمكافحة الفساد بكلّ أشكاله وكذلك بمقدّراتها في الاستجابة لمطامح مواطنيها في العيش الكريم وفي العمل اللائق وفي الخدمات العمومية الجيّدة وبالتدخّل الناجع لدى الشرائح الاجتماعية الهشّة.

تلك هي قناعاتنا ولن تنجح حملات التشويه والتشكيك والادعاءات الباطلة والمحاكمات الكيدية في إثنائنا عن الإيفاء بتعهّداتنا تجاه وطننا وتجاه شعبنا وقواه العاملة. وهي حملات لن تجعلنا نتراجع عن الدعوة إلى ضرورة الوحدة وتصليب الصفّ الوطني للدفاع عن استقلالية قرارنا السيادي وحماية وطننا من كلّ المطامع والتدخّلات الخارجية والمضيّ قدما في الدفاع عن الحريات والديمقراطية وإنجاز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لتجاوز الأزمة الحالية التي تعصف ببلادنا في إطار حوار ناجع وفاعل ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كلّ الاعتبارات الأخرى قولا وفعلا علاوة على وضع حد لتفشي خطاب الكراهية والتخوين والتأليب والميز العنصري وحملات الشيطنة والتشويه وبث الإشاعات واستعداء مخالفي الرأي.

تـلك هي واجباتنا تجاه وطننا وشعبنا المرتكزة على المبادئ والقيم التي تعلّمناها عن جيل التأسيس وعن الأجيال المتعاقبة على الاتحاد والتي استبسلت في حماية استقلاليّته وفي الدفاع عن حقوق الشغالين رغم ما عانته من سجون ومحاكمات جائرة وتجويع وتنكيل. فَسِجِلُّنَا حافل بالنضالات والتضحية يجعلنا فخورين ومعتزّين بالانتماء إلى منظّمة حشّاد العظيم وملتزمين بتجديد العهد على الوفاء للقيم النقابية النبيلة وعلى مواصلة النضال من أجلها خدمة شعبنا وبلادنا وطبقتها العاملة كما علّمنا زعيمنا وقادتنا جيلا بعد جيل.

الأخوات والإخوة،

أبناء وبنات الاتحاد،

لن أخوض اليوم كثيرا في الوضع الداخلي للبلاد نظرا للوضع الخطير الذي يمرّ به شعبنا الفلسطيني في هذا الظرف بعد حرب الإبادة التي يشنّها جيش الاحتلال الصهيوني على شعبنا الفلسطيني والعدوان الغاشم والهمجي على غزّة والذي يستمر منذ السابع من أكتوبر وهو عدوان برّي وجوّي وبحري استعمل فيه كلّ أسلحة الدّمار بما في ذلك الأسلحة المحرّمة دوليّا حيث يؤكّد الخبراء أنّ الكيان الصهيوني استهدف غزّة بما يوازي قدرة تدميرية بضعف قنبلة هيروشيما النوويّة.

لقد استطاعت المقاومة الفلسطينية الباسلة تدمير صورة الجيش الذي لا يقهر وإذلال سمعة المخابرات التي تدّعي أنّها الأفضل في العالم وهو ما دفع بقيادات الكيان الصهيوني إلى شنّ حرب إبادة وإلى ارتكاب مجازر إضافة إلى ما لحق البنى التحتية والمدارس والمستشفيات والمخابز والمرافق العامة والأحياء السكنية   من دمار أعاد غزّة عقودا إلى الوراء ودفع بمئات الآلاف من سكّانها الذين هم في الأصل لاجئون منذ نكبة 1948 إلى النزوح والبحث عن ملاجئ جديدة.

ولقد بات واضحا اليوم أنّ هذه الحرب الجديدة وما خلّفته ولا زالت من مجازر ودمار إنّما الغرض منها القضاء على المقاومة وكلّ فكر ممانع وكلّ جهد صامد وذلك بهدف تصفية القضية الفلسطينية نهائيا وفسح المجال واسعا أمام التطبيع الشامل مع دولة الكيان المحتلّ وتعميم اتّفاقيات أبراهام على كلّ دول المنطقة كخطوة أساسية لإقامة الشرق الأوسط الجديد الذي تخطّط له الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني منذ أكثر من عقد.

ولئن سبق وثمّنّا الموقف المشرّف للدولة التونسية من الحقّ الفلسطيني وإذ أحيّي في نفس السياق كلّ الدول الشقيقة والصديقة وكلّ قوى الحرية والعدل والسلام التي تقف ضدّ هذا العدوان الهمجي والتي هبّت لنصرة الشعب الفلسطيني ومساندة حقوقه الوطنية المشروعة والتي تقوم بكلّ ما هو ممكن في سبيل الوقف الفوري لهذه الحرب الإجرامية، فإنّنا نشجب بشدّة الموقف المخجل لجامعة الدول العربية وتواطؤ بعض الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني وخذلانها لأهلنا في غزّة والضفّة الغربية وإدارة ظهرها لإرادة شعوبها المؤيّدة والداعمة للحقّ الفلسطيني. كما نُدين بشدّة موقف غالبية حكومات الدول الغربية وفي مقدّمتها الإدارة الأمريكية المساند للعدوان والتي سقط عنها قناع حقوق الإنسان والمساواة بين الشعوب بعد أن أمعنت في اعتماد سياسة المكيالين كلّما تعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية.

وعلى الرغم من التعتيم والتشويه في وسائل الإعلام وخاصّة منها الغربية وما عمدت إليه بعض الدول من سنّ لقرارات جزرية لمنع الاحتجاج وإعاقة التضامن مع الشعب الفلسطيني، فقد جاء رد الفعل الشعبي سواء في عواصم التطبيع أو في كبرى العواصم والمدن في العالم وبخاصّة في البلدان الأكثر تأييدا للكيان الصهيوني مدويا من خلال خروج الملايين من الجماهير في كلّ أنحاء الدنيا بما في ذلك في أمريكا وبريطانيا وفرنسا متضامنة مع فلسطين وشعبها.

مناضلات ومناضلي الاتحاد،

أيّها الشغالون،

منذ اليوم الأوّل للعدوان بادرنا صحبة شركاء لنا من منظّمات وجمعيات وأحزاب في اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين واللجان الجهوية المنبثقة عنها، بتنظيم كلّ أشكال الدّعم والتضامن مع شعبنا الفلسطيني وأهالينا في غزّة بل إنّنا أعطينا الأولية لتجسيم هذا الدعم على حساب قضايا اجتماعية كانت مطروحة قبل العدوان وتمّ تأجيلها. وإنّي أغتنم هذه الفرصة للتوجّه بالشكر إلى كلّ النقابيين وطنيّا وجهويا وقطاعيا ومحليا على ما قاموا به في هذا الصدد من تنظيم لمسيرات الدعم والتضامن والمشاركة بها ومن مساهمة في تجميع للمساعدات العينية عن طريق الهلال الأحمر، وأدعوهم بالمناسبة إلى مواصلة هذا الجهد وتكثيفه والاستمرار فيه حتّى تحقيق النصر واسترداد الحقوق المسلوبة مستلهمين معاني التضامن والفداء من أرواح شهدائنا وشهداء فلسطين، وسائرين على خطى الشهيد المؤسّس فرحات حشّاد الذي أصدع بموقفه وموقف الاتّحاد من اغتصاب فلسطين وكان وراء تطوّع العديد من الشباب التونسي للالتحاق سنة 1948 بصفوف المقاومة الفلسطينية. وسنبقى حافظين للعهد وأوفياء لسيرة حشّاد مؤيدين وداعمين ومنتصرين لقضية شعبنا الفلسطيني حتّى تحقيق النصر وتحرير كامل الوطن وإقامة الدولة المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف.   

وفي هذا الإطار قام اتحادكم بالاتّصال بالمنظّمات الدولية النقابية وبمنظّمة العمل الدولية منتقدا مواقفها غير المنصفة للشعب الفلسطيني الواقع ضحيّة جبروت وعنجهية محتلّ عنصري فاشي، ولحثّها على تكثيف التضامن وتصعيد التحرّكات للوقف الفوري لهذا العدوان الغاشم وفتح المعابر وفكّ الحصار والضغط لإنهاء الاحتلال ودعم صمود الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه الوطنية المشروعة كاملة. وسنواصل اتّصالاتنا مع أشقائنا النقابيين وأصدقائنا ورفاقنا بالحركة النقابية العالمية من أجل مزيد حشد الدعم للشعب الفلسطيني ولنضال طبقته العاملة وللتصدّي لآلة الدعاية الصهيونية.

كما تبنّينا ودون مواربة، تجديد الطلب الشعبي الداعي إلى سنّ قانون لتجريم التطبيع، ونعبّر عن تمسّكنا بهذا الطلب في مواجهة محاولات التسريب الصهيوني لبلادنا ورفضا لفكّ العزلة عن الكيان المحتلّ ودعما لصمود الشعب الفلسطيني."