وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي (7) عن أزمة 1965: عاشور وتليلي حليفان من اجل استقلالية الاتحاد

الصورة للماجدة وسيلة بورقيبة صحبة زوجها الرئيس والتي اشتهرت بكونها صاحبة "اليد الخفية" في الشؤون السياسية بالبلاد

[ الشعب نيوز/ وثائقي - استجابة لطلب من أسرة التحرير، قدّم العميد الأستاذ منصور الشفي لقراء الشعب الورقية الكرام والاخوة النقابيين سلسلة من المقالات النضالية للاتحاد، نشرت سنة 2009 ،حيث كان شاهدا عن قرب على وقائعها وتطوّراتها، آملا – كما كتب - أن يساهم بعمله هذا في إبقائها حيّة في الأذهان حتى لا تندثر ويلفّها النسيان.  ويضيف الأستاذ العميد: " فالفترة التي أتحدث عنها هي جزء من تاريخ هذه المنظمة العتيدة وبالتالي فهي جزء من تاريخ تونس."]  

كانت صداقتي في تلك الفترة للحبيب عاشور قد تمتنّت وصار يطلعني على الكثير من تطوّرات الاوضاع بالاتحاد وكان مغرما بمشاهدة البحر عند الغروب فكنت آتي الى الاتحاد يوميا تقريبا في تلك الساعة لنتوجه على متن.سيارته الى قمرت لمشاهدة البحر والاستماع الى أمواجه.

كما أن صداقتي مع رابح محفوظ كانت كبيرة وكناّ مغرمين بمشاهدة الأفلام فكناّ نذهب مرتين او ثلاث في الاسبوع لقاعات السينما. وفي احدى الليالي ذهبنا لمشاهدة فيلم IVAN LE TERRIBLE  وهو فيلم رائع عن حياة قيصر روسيا المعروف بذلك الإسم الرهيب.

الفيلم يدوم أكثر من ثلاث ساعات، لذلك كانت تقُطع مشاهدته بإستراحة إلتقينا أثناءها بأحمد التليلي الذي كان هو أيضا يشاهد الفيلم، وما أن رآني حتى بادرني بالقول: «أنا اعلم صداقتك للحبيب عاشور ورجائي أن تقول له اني حليفه وصديقه ونضالنا واحد فنحن معا من أجل إستقلالية الإتحاد فمعركتنا واحدة ومصيرنا واحد".

كان الحبيب عاشور مقتنعا بذلك لأن المواقف المعلنة لاحمد التليلي كانت تقيمّ الدليل عليه واتضح ذلك خاصة عندما قرّرالرئيس الحبيب بورقيبة عقد جلسة للديوان السياسي الذي سينتخب مجلس تأديب للنظر فيما تفوّه به الحبيب عاشور في جلسة خاصة بسوسة حول سمعة وسيلة زوجة الرئيس. فما ان أبلغ الطيب المهيري الامر الى أحمد التليلي حتى توجه هذا الاخير ليلا صحبة محمد عزالدين الى منزل الحبيب عاشور ليعلمه بماذا يبُيتّ له. لكن انتهت الأزمة بسلام وكان فرح التليلي كبيرا بأن بقي الحبيب عاشورعضوا بالديوان السياسي.

 وسيلة بورقيبة كانت في ذلك الوقت قريبة جدا من أحمد بن صالح وقد ساهمت في صعوده واستمرّت مؤازرتها له حتى بدايات سنة 1967 حيث غيرت موقفها منه وبدأت صداقتها لكلّ معارض لسياسة التعاضد من بين قيادات الحزب من أمثال محمد المصمودي وحسان بلخوجة والطاهر بلخوجة ومحمد صفر وبدأت علاقتها تتمتن مع أحمد التليلي ولعبت دورا كبيرا في رجوعه من منفاه الاختياري وبدأت في تلك الفترة تمتنّ صداقتها بالحبيب عاشورأيضا.

وفي غرة ماي 1965، ألقى الحبيب عاشور خطابا في الحشود العمالية كان شديد اللهجة وأكد فيه ان المهمة الاساسية للعمل النقابي هي المهمة المطلبية وأعلن انه سوف لن يتخلى عن هذا الدور واتهم في هذا الخطاب الحزب الاشتراكي الدستوري بانه يريد التدخل في التسيير الداخلي للمنظمة الشغيلة وأعلن انه سيدعو الى مؤتمر إستثنائي للاتحاد ستكون فيه للطبقة الشغلية الكلمة الفصل.

وإزاء ذلك كثف الحزب من تنديده بالحبيب عاشور وكان واضحا ان المواجهة قادمة. وكان الحبيب عاشور مقرّا العزم على عدم الفرار من المواجهة.

إجتمع ديوان سياسي مضيقّ برئاسة الحبيب بورقيبة بتاريخ 21 جوان 1965 وقرّر بأنه حان الوقت للتخلص من الحبيب عاشور وتقرّر استغلال حادثة إحتراق باخرة الحبيب الرابطة بين قرقنة وصفاقس لتوريط الحبيب عاشور فيها والتخلص منه قضائيا في محاكمة ستجُرى إثر ذلك.