وثائقي

مذكرات العميد منصور الشفي(12) عن أزمة 1965:   بورقيبة يصف عاشور  وتليلي بـ" مسامر مصددة " .

 الشعب نيوز/ مذكرات العميد منصور الشفي – هذه حلقة جديدة من مذكرات العميد منصور الشفي المحامي عن ازمة الباخرة الحاصلة سنة 1965 والتي تم بواسطتها سجن الحبيب عاشور وابعاده من قيادة الاتحاد الى جانب غربة احمد تليلي. 

افتتح المؤتمرالاستثنائي للاتحاد المنعقد يوم 31 جويلية 1965 اشغاله بخطاب للرئيس الحبيب بورقيبة جاء فيه « لقد حدثت ازمة هي نتيجة خلاف نشب بيننا والاتحاد العام من جانب آخر مع شخصين هما الحبيب عاشور واحمد التليلي

خلافنا مع شخصين

 وخلافنا معهما لا يتعلق بمبدإ باعتبارنا اتفقنا على المبادئ وعلى كيفية العمل من اجل تحقيقها في مؤتمر المصير المنعقد ببنزرت، وقد اضطلعا فيه ببعض المسؤوليات وصادقا على المقررات وترشحا للهيئات في اعلى مستوى.

 كما توخيا هذا الموقف نفسه في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انعقد عام 1963 فوقّعا على قرارات تلزم الجميع بالعمل من اجل انجاح التخطيط الذي يتطلب النظام والامتثال»

 ثم قال « ان هذه الدولة ملتزمة بالجديّة والإنصاف وهي لا تتردد في الضرب على أيادي بعض الشغالين ولن يعصمهم منها احتماؤهم بالديمقراطية والحريات النقابية الحرة والنقابات الامريكية والانقليزية ونقابات الدنيا كلها علينا وإعلامهم ان بورقيبة اصبح فاشيا يريد الاستيلاء على الاتحاد وان الحبيب عاشور اعتقل لدفاعه عن الحركة النقابية وانه يجب اعادة النظر في علاقاتها مع الحكومة التونسية.

ان خلافنا ينحصر مع شخصين يريدان ان يكونا فوق القانون وان يستغلا نفوذهما للتفصّي من الرقابة التي توجبها التراتيب قصد تحقيق مصالح دنيئة يسعيان الى تغطيتها بألفاظ ضخمة كالديمقراطية والحرية النقابية »

مسامر مصددة

وكان بورقيبة وهو يتفوّه بتلك العبارات يعلم ان ما ينسبه لهما لا صحة له فلا احمد التليلي ولا الحبيب عاشور سعيا لتحقيق مصالح مادية.

وقد وصف بورقيبة في هذا الخطاب الحبيب عاشور واحمد التليلي بأنهما (مسامر مصدّدة) وكان الحبيب عاشور يعلق على ذلك بالقول: «اذا كنت وانا في سنّ الثالثة والخمسين واحمد التليلي في سنّ التاسعة والاربعين مسامر مصدّدة فماذا عنه هو الذي بلغ الخامسة والستين».

وقد عبّر المؤتمر عن تأييده لسياسة التعاضد وانبثق عنه ميثاق يؤكد التزام الاتحاد بالاختيارات التي يعلنها الحزب والحكومة.

وكان البشير بلاّغة الذي نصبته الحكومة على رأس الاتحاد من النقابيين القدامى، اذ كان أحد مؤسسي اتحاد النقابات المستقلة بالشمال ولما تأسس الاتحاد العام أصبح عضوا بالهيئة الادارية التابعة له وقد تخلّى بعد الاستقلال عن المسؤوليات النقابية وأصبح واليا على تونس العاصمة قبل ان ينصّب كاتبا عاما للاتحاد العام التونسي للشغل وأصبح في فترته تأثير الحكومة والحزب على الاتحاد مطلقا وان كان اتحادا فارغا اذ ان اغلب منخرطيه قد انفضوا عنه ودخلت اغلب اطاراته في العمل السري بقيادة الحبيب عاشور 

استمالة نقابات

لقد كانت خطة الحبيب عاشور، بعد مغادرته المنظمة وبعد بقائه بسجن صفاقس لمدة تقارب الشهر عاد على إثرها لتونس لمقابلة بعض النقابيين من السيزل الذين حضروا مؤتمر تنصيب البشير بلاغة على رأس الاتحاد، وبعد قضائه اشهر الصيف كعادته بقرقنة وبعد ان رجع لتونس العاصمة في خريف  1965، تمثلت خطته في استمالة اكبر عدد ممكن من القيادات النقابية وقد كان الكثير منهم من انصار احمد التليلي مثل احمد عمارة الذي كان كاتبا عاما للاتحاد الجهوي بالكاف ومحمد عزيز من نقابة الاشغال العامة ومحمد عزالدين كاتب عام جامعة البريد وهي الجامعة التي كان على رأسها قبله ابراهيم الشاوش واحمد التليلي قبلهما وبوبكر عزيز الكاتب العام لنقابة التعليم الابتدائي (والذي اصدر فيما بعد عدّة مؤلفات بالفرنسية عن تاريخ الحركة النقابية التونسية) والتي لم تسوء العلاقة بينه وبين الحبيب عاشور الا في السبعينيات عندما عمل الحبيب عاشور على انهاء مسؤوليته النقابية على رأس نقابة التعليم الابتدائي،

 كما استمال عاشور من زغوان بعض النقابيين القدامى مثل المكي عبد الرحمان ومن باجة كان نصيره خير الدين الصالحي الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي بباجة كما كان يعمل جاهدا لكسب عناصر جديدة خارج الاتحاد العام.

صورة تجمع أعضاء الديوان السياسي للحزب الدستوري حول الرئيس الحبيب بورقيبة ومن بينهم النقابي احمد التليلي الثاني من اليمين في الصف الاول والنقابي الحبيب عاشور في اقصى يسار الصورة في الصف الثاني.