ظهور ايران في صورة حرب غزة سيجعل من انهائها ضرورة ملحة لا تحتمل التأخير
بقلم: صبري الرابحي
تدخل الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة بالذات عاماً جديداً من فصول النزاع العربي الصهيوني، هذا العام يحمل في طياته الأمل في تحرير مكتمل يعقب نصراً محتملا عمّده الفلسطينيون بالدمّ.
تسعون يوماً على الحرب:
لم تحمل أيام الحرب أي جديد يذكر عدا تواصل القصف وتعدّد محاور القتال يوماً بعد يوم.هذه الحرب فاقت في حصيلتها عدد شهداء غير مسبوق منذ النكبة وتتماهى معها في نفس سعي الكيان الصهيوني لتهجير الفلسطينيين عن أراضيهم وإجلائهم إلى أراضٍ أخرى. غير أن الجديد في هذا الفصل التاريخي من النزاع هو تطور أداء المقاومة مما أربك حسابات نتنياهو الساعي إلى إنجاح حرب الإلغاء التي يقودها.
أيام الحرب التي تجاوزت الثمانين وحصيلتها الثقيلة التي تجاوزت عشرين ألفاً من ضحايا غطرسة نتنياهو أحرجت الإنسانية جمعاء ونجحت في هدم ما بنته البروبغندا الصهيونية التي ثابرت على المظلومية التاريخية التي عنونتها بمعاداة السامية.
حالة الإنكار العربي أو إضطراب ما بعد الصدمة:
لم يتغير الخطاب الرسمي للدول العربية ليتماهى مع مستوى اللحظة التاريخية، وحتى تزاحم بعض الأنظمة للتدخل في النزاع العربي الصهيوني توقف عند وساطات الهدنة وحماية المصالح الإقليمية وإستثمار الحرب سياسياً للدعاية مجدداً للممانعة وتمرير سردية أن الصمود في ظل موجات التطبيع يعتبر في حد ذاته مقاومة، وهو خطاب رجعي لم يتطور بتطور الصراع وموازين القوى.
الجديد في هذه المرحلة هو الصحوة الجماهيرية التي أحرجت في الكثير من الأحيان هذه الأنظمة وسلطت الضوء على الضمير العربي المستتر منذ سنوات والذي إستهلك نصر أكتوبر الأول وصار لزاماً عليه أن ينتصر لأكتوبر الثاني.
المحيّر في هذه الصحوة هو ركونها تقريباً منذ صفقة تبادل الأسرى إلى جمودها المعهود بالرغم من خوض الكيان الصهيوني لعمليات إنتقامية بعد إذعانه لشروط حماس، المحيّر ايضاً هو التطبيع مع مشاهد القتل والدمار وإعتبارها وضعاً مستقراً للحرب في ما لا يفهم إذا ماكان حالة من الإنكار للشعوب وحكامها أو إضطراب ما بعد صدمة تغير الموازين.
تغيّر الموازين في محاور الصراع الإقليمية:
لم يكن للدول العربية دوراً محدداً في الصراع العربي الصهيوني خاصة من حيث ترجيح الكفة للجانب الفلسطيني ورفع المظلومية المسلطة عليه لكن الجديد في هذه الحرب هو دخول لاعبين جدد لم يعد من الوارد تبخيس دورهم في إسناد المقاومة وتغيير الموازين الإقليمية.هؤلاء اللاعبون هم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في العراق التي شكلت ثالوث الحصار على المصالح والجبهات الخامدة للكيان ولعل خطورة هذه الجماعات تكمن في عدم تنظمها تحت ألوية الأنظمة العربية إضافة لصعوبة توقع إمكانياتها وقدراتها الحربية.
أخطر اللاعبين الذي خرج للعلن هو إيران والتي اصبح خطابها الرسمي أكثر وضوحاً وحسماً ومتحولاً نحو الردّ على إستهداف قيادييها ونفوذها في المنطقة وهو ما سيجعل من إنهاء الحرب ضرورة ملحة لا تحتمل التأخير وتستدعي إعادة ترتيب الأوراق وإحترام موازين القوى لتصبح واقعاً جديداً لشرق أوسط جديد مختلف عن إستشراف الإمبريالية لمستقبل مصالحها ما يفرض تقبلها للمشهد الجديد الذي أسسه طوفان الأقصى.