ثقافي

مسرحية "بارتيرو " لفرقة ميميزيا بتازركة : حين يجوع الفنان ويفقد كرامته

الشعب نيوز / ناجح مبارك -  

* بيروقراطية الادارة و"ارجع غدوة"  المكان : كافيشانتا النجوم

فرقة موسيقية متكونة من أربعة عازفين وهم عزوز وشفيق القزاز وكعاك وصبحي مترو يجتمعون بعد السهرة في محاولة منهم لإيجاد حل جذري لوضعهم الاجتماعي والمهني القاسي خاصة أمام تعنت صاحب الكافيشانتا " راس الفيل" ورفضه تسليمهم حقوقهم ومستحقاتهم المادية طيلة ثمانية أشهر، تحاول عناصر الفرقة إيجاد حلول كفيلة بالخروج من أزماتها المتتالية لكن دون جدوى، في الأثناء يروي كل عازف منهم معاناته ومشاكله الخاصة ومنها يعرجون على عديد المواضيع التي تتلخص في مجملها حول وضعية الفنان والمبدع في تونس.

* مظاهر التفقير

ساعة ونصف تابع خلالها جمهور الدورة الرابعة لملتقى مسرح الهواية أحداث مسرحية " بارتيرو "Partiro" دون ملل أو التفكير في مغادرة قاعة المبدعين الشبان، حيث تمكنت شخصيات المسرحية من شد الحضور بأدائهم المركب أحيانا والمباشر أحيانا أخرى اضافة الى تعمدهم تشريك المتفرجين وحثهم على اتخاذ مواقف تجاه ما يحدث معهم .

مسرحية "Partiro" بارتيرو كوميديا سوداء اعتمدت على الجماليّة البريشتية وفن الكاريكاتور في تصوير الشخصيات وتركيب الوضعيات وتضخيم الحالات والمواقف كما تم الاعتماد على فن الكوميديا دي لارتي وما تحمله من أبعاد خاصة لدى .الشخصيات وسلوكاتها.

كيف يعيش الفنان في تونس ؟ أي حقوق يتمتع بها وهو الذي يحاول زرع البسمة والأمل والفرح في النفوس ؟ هل يتمتع بكامل حقوقه المادية نتيجة ما يقدمه كغيره من المواطنين ؟ هل لديه قانون يدافع عنه؟ هل من حقه التمتع بعقد شغل محترم يضمن له كرامة العيش ؟ ...

كلها أسئلة تطرحها مسرحية "Partiro" بشكل هزلي ساخر لنقف على حقيقة مرة وهي أنه من المضحكات المبكيات اليوم أن الفنان والمبدع هو الحلقة الأضعف في منظومة إدارية قاسية ترى أن الفن لا أهمية له ولا يعد وظيفة .

اعتمد الممثلون في المسرحية أقنعة أخفت وجوههم وكشفت في المقابل واقعا أليما للفنان، ومن هذه الوضعية يتم التطرق الى وضع البلاد ككل من البيروقراطية الإدارية وعقلية "ارجع غدوة" الى التشغيل الهش وعقود الشغل غير القانونية و إثقال كاهل المواطن بالإجراءات الإدارية والأداءات والولاءات والرشوة والمحسوبية وتمتع أصحاب العمل بالحصانة نتيجة نفوذهم والمعاملة السيئة في مراكز الإيقاف وغيرها من العراقيل والصعوبات التي جعلت من حياة المواطن كابوسا يوميا لا فقط .

* الفنان والمبدع

أحلام بسيطة .. الكعاك عازف الأوكرديون الذي يحرم من حبيبته نتيجة عجزه عن توفير مستلزمات الزفاف، عزوز عازف العود الشيخ الذي ارهقته الديون والأداءات ليجد نفسه مهددا بالسجن، صبحي ميترو عازف الكمنجة وشفيق قزاز عازف الايقاع وحلمهما بحياة بسيطة وسعيدة ... أحلامهم بسيطة لكنها ولدت في زمن جاحد وبلاد لا تعترف بهم ولا بأحلامهم . صاحب عمل يرفض تسديد مستحقاتهم ، أمن يلاحقهم في الشارع بعد أن قرروا الغناء "بشارع الفنون الحية " بدعوى التشويش وبث الفوضى في الطريق العام ، تسد كل الأبواب أمام عناصر الفرقة فيقرروا الرحيل أو بالأصح "الحرقة" الى الجنة الموعودة بالضفة الأخرى .. لكن أحلامهم تقبر من جديد وهذه المرة بالبحر، كما هي أحلام عديد الشباب الذين ابتلعهم البحر . مسرحية "Partiro" بارتيرو قدمها هواة بأداء محترف أضحكت الجمهور وأبكته، كما ساهمت المؤثرات الصوتية والضوئية في اضفاء مسحة من الجمالية والمصداقية على هذا العمل الذي برهن أن المسرح هو أداة نقد وتفكير .

مسرحية Partiro "بارتيرو" انتاج ميميزيا للمسرح بتازركة - نابل 

إخراج : أيمن الطهاري

تمثيل : كمال شوشان وأمير بالحاج وأمان الله باني وايوب بن عثمان