ثقافي

"قرط" الخوف مسارات التماهي والتباهي

الشعب نيوز/  نصّ للأستاذ محمّد كشو:

🏵️عرض يوم الجمعة 29 ديسمبر 2023 على الساعة السابعة مساء بقاعة الفن الرابع🏵️

نصّ و دراماتورجيا: محمد بوسعيدي

إخراج: محمد بوسعيدي

مساعد المخرج : اميرة عيادي

سينوغرافيا وتصميم إنارة: إيهاب مندرة

أداء: عبد السلام مجدوب وهاجر الحاج قاسم وخليل بن حريز وأماني بن فرج وأمان الله الرياحي

توضيب الإنارة: إيهاب مندرة

توضيب الصوت: هاني بن حمادي

توضيب الرّكح: غسّان الستي

توضيب الملابس: مروة منصوري

توضيب إنتاج: رضوان بوليفة

مكلفة بالإنتاج: فاتن الجوادي

إنتاج المسرح الوطني التونسي 2023

الخوف ظلام او هو ظلال وفي الكثير من الاحيان انفجار.

الخوف خوار وصوت صادح واعصار تتشكل أسالته في غياب قرار.

الخوف أيضا آداة تحكيم وتحكم وايجاد وابصار،

رهانات الفنان المسرحي "الشاب" وشاب ترهل في عنفوان وصاية جمالية الفنانين "الشياب".

مقولات خانقة اعتدنا عليها في مشهد الذئاب والذباب والأذناب.

مسرحية "قرط" للفنان محمد البوسعيدي

موسيقى حية ولقاء بين حبيبين لوم وعتاب ثم اضطراب وتعري ثم فصح وايضاح وتشريح وقبول واعلان.

فعل الخرافة بسيط حسب التوصيف الارسطي فلا تعرفات ولا تحولات من السعادة الى الشقاوة ولا من الشقاوة الى السعادة.

منذ اللقاء والانطلاق وعد بجو حميمي بأثاث عائلي طاولة وكرسيين؛ سوداوين وطول الطاولة يعلن تباعد الطرفين، الحبيبين، الصديقين، الزوجين. العقد الاجتماعي بينهما، يخضع لامتحان عقد العمل والتكسب، منذ البداية تعلن القطيعة وكأن مسار المسرحية يعد بالتشريح، منذ الاعلان نتحسس عمل فيه من الخوف عنوان "قرط" كلمة عربية تعني حلقة الاذن.

العربية لغة رسمية، لغة العقود والقانون والقرءان والقران.

اهو خوف وارتباك من التسمية العامية "بلّوطة"؟

ام هو حذر وغطاء يلبس الفكري تقية من خطورة موضوع العائلة والجنس والميول؟

ام هو ارتباك واصرار فناني العرض على الاقتحام؟

موقف قد يعلن خطورة الأثر لكن فيه ما فيه من امتنان واعتراف وفخر وأمل ولوع وتأكيد إصرار ولنعد لثنايا الأثر بابصار.

انطلق العمل الفني بوعود الشباب متلائمة مع فريق العمل، فرقة موسيقية غربية مغربة غرابة الاطار والمكان والزمان.

تحمل هواجس العشق والحب في اطار ارشتكتورالي مخصوص واضح المعالم والعوالم لا تشوبه شائبة طاولة اللقاء واطار الفعل الرومنسي الذي نكتشف انه عائلي في مسار الحكي.

وفروع الموسيقى المصاحبة حضورها واقع واقعة "الحب" والتفاهم الانسجام مشهد شرفة جوليات اتخذ من مؤخرة الركح الالزابثي مكان.

ولنتمتع بالقلب.

هذا رهان.

وعمّق الاطار اضاءة رومنسية تخفي انذار وقد نحتار.

وينتهي هذا المسار الى اللوم والوعيد والافصاح بخطر "القلب" والحب، ليعدنا العمل بالتحليل ويجبرنا على التفكير في تخلخل هذا النسق.

وينزاح مما هو اجتماعي الى ماهو نفسي؛ مراوغة لطروحات الراوي والمروي وترتبك الكتابة نصا وجمالية ومعنى، ويحل النفسي في الفضاء الاجتماعي فاذا بالفضاءات تتداخل واذا بالخوف معنى ينفلت على صناع العرض وتحل الفوضى الجمالية وتنفلت الكتابة ركحيا ونصيا ويحل الضياع.

تترك الشخصيات المتقمصة في السواد في رقصة الأجساد وتعتيم للإضاءة والكشافات وانارة للخلفية وتصدح الموسيقى بأغنية العذاب.

أهو خوف واحتشام وتردد واعادة صناعة خوف من الجسد وتعبيراته وميولاته وإعادة انتاج للثقافة الشفوية "المراوغة" بالتأويل القيل والقال؟

أو خوف من التحليل والتمحيص والتشخيص او هو المقصود؟

خوف الرجل من تحقّقه امام المحبوب؟

أم خوف المؤلّف وهو محجوب؟

أم خوف المخرج وهو يجوب كل هذه العوالم وفكر السلف محايث أو مستبطن إلى أن يتوب؟

الممثل مسلوب والشخصية في المسرحية بين الراغب والمرغوب تراوح في نفس المكان بتغيير الظلال، تمزق بين النفسي والمجتمعي والاغراء شيئ من الطفولة وآخر من لوع الانهزام والتكسب والالهاء.

وقبل الاعلان مشهد ممارسة الجنس يتجسد وهو محجوب بحث في "الرجولة" وإدعاء الانتصار والكمال وتعويض نقص وإلتآم جرح وعتاب وعناق وترويض فحولة واشتهاء، مشهد أُختير، مرة أخرى، في الظلام وفسح مجال للغناء والنشيد والابتهال.

وكأن بالخوف يستشري بين الصانع (صانع العرض) والمصنوع (العمل الفني) جدلية الفن الدائم جدلية الفكر تتحقق فتنبئ بمسار نبوغ لكن الخوف ينتشر في مفردات العرض وطوله والاداء وارتجاجه فيطغى الفكر ويحل محل الفعل وتغيب اللّذة رغم حضورها في شخصيات تبرر ميولاتها "الرغباويّة" الخاصة فلاهي في الانغماس ولا هي في الجدل.

بل هي معمّقة للوضع القائم ارتباك وتردد وتباعد حد الحكم والامتعاض.

فانزاحت من الدعوة للتفكير إلى موقف في الاداء حد التكفير.

وتستدرجنا الخرافة لمفعول الصدمة لان نكتشف في الاخير ميولات الرجل الجنسية (واصراره من خلال النص على شراء منحوتة زوجته التي وصفها بالمسخ)

فلم نصدم فكل مفردات العمل والمقول يستدعي هذا الكشف عن رغبة الرجل وشبقه، فتشكيل النص سببي وتتابع حكايته (لا خرافته) فالحكي في المسرحية اشد وطأة من الفعل وكل المقول يتجه نحو تحديد هوية الرجل الجنسية.

والحكي يخفي في جوهره النفسي افعالنا الا في تمثلاته اللاواعية labsus قد يفصح عن البعض ويغيب عنا الاشياء كلها.

لعل التداعيات النفسية قد تبعدنا عن الفعل لتفسح المجال للرمز اكثر ولعل المؤلف/ المخرج أراد أن يجعل من عمله حكاية نفسية وانفلت ماهو اجتماعي بتقنية التغريب وآليات الحكي المباشر، فانفلت الجدل الاجتماعي دون توجيه.

لعله تباهي او هو تعالي لوعي المبدع و او وعي فئة المثقف التي قد تنفصل عن واقعها بين ثنايا الفكر وزحام الاركان والارتكان او هو استسلام للخوف وحساسية الموضوع المطروح؟

او هو سبيل للتباهي الجمالي وجري لتحقيق الجميل من الصور والغريب من التشكيل دون دليل.

ان طرح اشكاليات "جنسانية" (هكذا يوصف بالعربية) هو اليوم مبحث ما بعد حداثي لكن ألا يستبطن صراعات سياسية وتخندق التكتلات؟

ألا يستدعي من الخائض فيه وعي بذلك وبرهانات طرحه؟

أم هو تباهي بالفرادة والتفرد دون وعي بالتخندق؟

وعند رفضنا لتسيس ماهو انساني ألا يعتبر ذلك وعي محايث قد نشير الى اهميته ورغبتنا في تعدي التأسلب؟

لا أعتقد ان الريادة في طرح موضوع او ثيمة او صورة او دلالة او اقرار بل بخوض المغامرة صدمة وحيرة واعادة انتاج للفوضى لا للجمال.

اللا يقينا القبيح من الجميل لنتحول الى الغريب والصادم ؟

"قرط" مسار للخوف الفردي والشخصي عند التونسي

مواطن وانسان وفنان واحتفال وسياسي وانسان