كأس أمم إفريقيا : كوت ديفوار لتأكيد العودة وجنوب إفريقيا لإنهاء مغامرة الرأس الأخضر
الشعب نيوز / كاظم بن عمار - تدخل كوت ديفوار المضيفة مباراة ربع النهائي أمام جارتها مالي السبت لتأكيد أن عودتها من بعيد وتجريدها السنغال من اللقب لم تكن وليدة الصدفة، فيما تسعى جنوب إفريقيا الطامحة لبلوغ أوّل نصف نهائي لها منذ 2000 لإنهاء مغامرة الرأس الأخضر إحدى مفاجآت البطولة.
وكانت كوت ديفوار قاب قوسين أو أدنى من توديع البطولة من دور المجموعات بخسارتها المذلة امام غينيا الاستوائية 0-4 في الجولة الأخيرة من دور المجوعات، ما أدى الى إطاحة مدربها الفرنسي جان لوي-غاسيه وتعيين مساعده المحلي إيميرس فاييه مكانه.
لكنها استفادت من هدية المنتخب المغربي عندما تغلب على زامبيا 1-0، فحجزت آخر البطاقات الأربع المخصّصة لأصحاب أفضل مركز ثالث.
وفي ثمن النهائي، بدا أنّ منتخب "الفيلة" في طريقه لهزيمة مذلة أخرى بعدما تقدمت السنغال بهدف في الدقيقة الرابعة، لكنّ رجال فاييه تماسكوا، قبل أنّ تشكّل تغييراته الهجومية في الشوط الثاني منعطفاً مهماً انتهى بركلة جزاء منحته التعادل (86).
وبعد فوزه بركلات الترجيح 5-4، قال فاييه "نحن قادمون من بعيد جداً. كنا خارج البطولة تقريبا، سنواصل العمل ونتعامل مع كل مباراة على حدة ونرى ما سيحصل".
ولربما شكّلت لحظة إشراك مهاجم بوروسيا دورتموند الالماني المهاجم سيباستيان هالر في آخر ربع ساعة من لقاء السنغال مفترق طرق في مسيرة كوت ديفوار بالبطولة، فالمهاجم الذي شارك لأول مرة منح التمريرة الحاسمة التي أدت لركلة الجزاء.
وتأمل كوت ديفوار ، الساعية إلى لقبها الثالث بعد 1992 و2015، أنّ يكون الفريق قد استفاق من صدمة البداية، وأنّ يكون هالر في الموعد مجددا أمام "نسور" مالي، رفقة أصحاب المجهود الوفير في خط الوسط فرانك كيسييه، سيكو فوفانا وإبراهيم سنغاريه، على أمل أنّ يستعيد جان-فيليب كراسو ذاكرة التهديف بعد هدفه "على الطاير" في مباراة الافتتاح.
لكنّ هذه الأحلام لن تكون سهلة التحقق عملياً حين يدخل لاعبو كوت ديفوار ملعب السلام في بواكي لملاقاة مالي التي تخوض البطولة التاسعة توالياً وتصدّرت مجموعتها (فوز وتعادلان)، قبل أن تقصي بوركينا فاسو 2-1 في ثمن النهائي.
لم يسبق لمالي وصيفة 1972 إحراز اللقب من قبل، لكنّ المنتخب الذي حلّ ثالثا في 2012 و2013 يملك خط دفاع قوياً وخط وسط متماسكاً وهجوماً قادراً على استغلال أنصاف الفرص عبر مهاجم أوكسير الفرنسي لاسين سينايوكو (3 أهداف).
وكعادته في المباريات المهمة، سيسعى مدرب مالي إيريك شيل (46 عاماً) لتأمين خط وسطه جيدا بإشراك لاعب الأهلي المصري أليو ديانغ لتأمين انطلاقات لاعب وسط توتنهام الإنقليزي إيف بيسوما.
والتقى الفريقان ست مرات بالبطولة، ففازت كوت ديفوار 5 مرات آخرها
1-0 في ثمن نهائي 2019 وتعادلا مرة واحدة.
يلعب الفائز من هذه المباراة التي تنبئ بصراع كبير في خط الوسط مع الفائز من لقاء جمهورية الكونغو الديموقراطية وغينيا على ملعب الحسن واتارا في 7 فيفري 2024 .
- الفيلة "عادت من الموت" وتحلم ببلوغ النهائي
بعد هزيمة مذلّة من غينيا الاستوائية برباعية نظيفة جعلت كوت ديفوار تودّع كأس أمم إفريقيا نظرياً، ارتدى مشجعون محليون قميص المغرب وساندوه بحماس ليفوز على زامبيا كي تصعد بلادهم ضمن أفضل منتخبات في المركز الثالث. الآن، باتوا يحلمون ببلوغ النهائي بعد أن "عادت الفيلة من الموت".
بعد السقوط المدوي على ملعب "الحسن واتارا" الأحدث بالبلاد أمام غينيا الاستوائية، خيّمت الكآبة على أبيدجان السعيدة بتنظيم العرس الإفريقي لثاني مرة بعد 1984، إذ أنهى المنتخب الوطني مجموعته في المركز الثالث بثلاث نقاط فقط، وبات عليه انتظار معجزة معقدة للتأهل ضمن أفضل أربعة منتخبات في المركز الثالث.
لكنّ المعجزة بدأت في التحقق على الملعب ذاته بعد ساعتين، بعدما عادت موزمبيق من بعيد وتعادلت مع غانا 2-2 في الوقت المحتسب بدل الضائع، لينهي "النجوم السوداء" البطولة في المركز الثالث بنقطتين أي أقل من كوت ديفوار .
وليومين انتظر الإيفواريون بفارغ الصبر أنّ تنتهي أي مجموعة بصاحب مركز ثالث برصيد نقطتين ليصعد منتخبهم، وهو ما تحقق بالنهاية بهدف المغربي حكيم زياش في زامبيا.
انتهى اللقاء وأطلقت الألعاب في سماء أبيدجان ابتهاجاً بصعود "الفيلة" للدور الثاني بفضل "أسود الأطلس".
لكنّ سرعان ما تنبه الإيفواريون أنّ منتخبهم الذي بدا مفككاً للغاية بعد هزيمتين واستقبال 5 أهداف في ثلاث مباريات، سيقابل السنغال حاملة اللقب والوحيدة التي حققت العلامة الكاملة في دور المجموعات، بنجاعة هجومية كبيرة وبهدف واحد في شباكها.
إضافة إلى أنّ الاتحاد المحليّ أطاح مدرّب المنتخب الفرنسي جان لوي-غاسيه وعيّن مساعده المحلي إيميرس فاييه مكانه.
رغم التأهل، ساد الترقب والقلق كل مكان في أبيدجان قبل لقاء "أسود التيرانغا".
في سان بيدرو الساحلية وقبل اللقاء بساعات، قالت نادلة في مقهى لوكالة فرانس برس ساخرة "السنغال قوية للغاية، الحقيقة أخشى أنّ نخسر 6-0. أخشى أن يغرق اللاعبون في الملعب".
وقال محمد مندور الصحافي الرياضي في موقع "سبورتس داتا" الفرنسيّ إنّ منتخب كوت ديفوار دخل لقاء السنغال "دون شيء يخسره لأنّه كان خرج من البطولة بالفعل وعودته اعتمدت على نتائج الآخرين تماما".
- ريمونتادا المنتخبات؟
وبدا أنّ منتخب "الفيلة" في طريقه لهزيمة مذلّة أخرى، بعدما تقدّمت السنغال بهدف في الدقيقة الرابعة، لكنّ رجال فاييه تماسكوا وسيطروا على الكرة لكنّ دون فرص.
وفي الدقيقة 72، حلّت اللحظة التي ينتظرها الإيفواريون منذ بداية البطولة بعدما شارك المهاجم سيباستيان هالر أخيرا.
بدا أن مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني الذي تتواجد صوره على لوحات الإعلانات في كل مكان تقريبا بالعاصمة هو ما يفتقده الفريق، إذ مرّر كرة انتهت بضربة جزاء تعادلت منها بلاده، قبل أن تفوز بركلات الترجيح 5-4 وتقصي حامل اللقب.
عاشت بعدها أبيدجان ليلة من الاحتفالات الصاخبة فالفريق "عاد من الموت"، حسب ما قال الموظف الحكومي أرسيتديس الذي عاد إليه "حلم الفوز باللقب من جديد".
وبعد أنّ أقر أن فريقه "عاد من بعيد جدا وكان خارج البطولة تقريبا"، شدّد المدرب فاييه "سنواصل العمل ونتعامل مع كل مباراة على حدة ونرى ما سيحصل".
وأكّد "كنا نحتاج إلى بعض الثقة كي يعود اللاعبون وهذا ما حصل. كنا أقوياء ذهنيا واللاعبون التقطوا الرسالة عقب الخسارة أمام غينيا الاستوائية".
وتلتقي كوت ديفوار غدا السبت مالي على ملعب السلام في بواكي.
تقابل الفريقان ست مرات سابقا بالبطولة، ففازت كوت ديفوار خمس مرات آخرها 1-0 في ثمن نهائي 2019 وتعادلا مرة واحدة.
وقال المحلّل مندور "بعدما كانوا خارج البطولة، باتوا في ربع النهائي وفرصتهم كبيرة لبلوغ نصف النهائي وطريقهم نظريا على الورق سهل للنهائي" بملاقاة الفائز من جمهورية الكونغو وغينيا في نصف النهائي.
وتابع أنّ "وجود هالر اللاعب القادر على صناعة الفرص وإحراز الأهداف من كافة الأوضاع يعزّز فرصهم" في شق طريقهم للنهائي.
لكنّ لم يسبق لبلد مضيف أنّ فاز ببطولة قارية بعد أنّ خسر برباعية على أرضه.
وبالنسبة لمندور "إذا حققت كوت ديفوار اللقب ستكون هذه ريمونتادا المنتخبات عن حق".
- عودة "البافانا بافانا"
في المباراة الأخيرة لحساب ربع النهائي، تأمل جنوب إفريقيا المنتشية بفوزها على المغرب، المرشّح الأبرز لنيل اللقب، أنّ تنهي مغامرة الرأس الاخضر الساعية لأول نصف نهائي في تاريخها في مشاركتها الرابعة.
بعد بداية سيئة بالسقوط أمام مالي 0-2 افتتاحاً، عاد "البافانا بافانا" وسحق جاره منتخب ناميبيا 4-0، قبل أنّ يتعادل مع تونس سلباً، ثم يقهر المغرب رابع العالم 2-0 بأداء راقٍ.
ويأمل بطل 1996 على أرضه في أول مشاركاته ووصيف 1998 وثالث 2000، أن يعود للمربع الذهبي بعد غياب نحو ربع قرن.
ومن أجل ذلك، يعتمد مدرّبه البلجيكي هوغو بروس، بطل 2017 مع الكاميرون، على تشكيلة أساسية شبه ثابتة تضم 8 لاعبين من بطل جنوب إفريقيا ماميلودي صنداونز.
وهو يأمل أن يتواصل إبداع لاعب الأهلي المصري وأفضل لاعب إفريقي ينشط داخل القارة في 2023 بيرسي تاو، من أجل مساعدة المخضرم ثيمبا زواني وتيبوهو موكوينا على التسجيل.
لكنّ أحلام رجال بروس تصطدم بمنتخب الرأس الأخضر الذي حقق مشواراً رائعاً بتصدر مجموعة تضم مصر حامل اللقب سبع مرات وغانا حامل اللقب أربع مرات محققا 7 نقاط، قبل إقصاء موريتانيا في ثمن النهائي بهدف متأخر من ضربة جزاء.
وفي مشاركته الرابعة، يسعى المنتخب المُلقب "القروش الزرقاء" أنّ يتجاوز ربع النهائي الذي وصله مرتين في 2013 و2021 إلى نصف النهائي.
وأفاد المدرب المحلي بيدرو بريتو "بلا أي ضغوط. نؤمن بقدرتنا على الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة".
وتتميّز الرأس الأخضر انها سجّلت 8 أهداف جاءت عبر 7 لاعبين مختلفين ما يعكس الجماعية الكبيرة للفريق وعدم اعتماده على نجم واحد.
ويأمل بريتو أنّ يتواصل تألق الجناح تياغو مانويل بيبي (رايو فايكانو الإسباني)، المهاجم غاري رودريغيش (أنقرة غوجو التركي) والمهاجم رايان منديش ( فاتح كاراغومروك التركي)، الذي سجّل هدفين بينهما هدف التأهل لربع النهائي.
وهو سبق والتقى الفريقان في البطولة، فتعادلا سلبا في دور المجموعات في 2012.
* كأس أمم إفريقيا: غياب عربي نادر عن ربع النهائي ونجوم ملاعبها حاضرون
فيما يغيب منتخب مصر عن ربع نهائي كأس أمم إفريقيا لكرة القدم الذي ينطلق الجمعة دون أي منتخب عربي لأول مرّة منذ 2013، يتألق لاعب الاتحاد السكندري الأنغولي مابولولو وزميله لاعب الوكرة القطري جلسون دالا بتسجيلهم الأهداف بغزارة، ضمن كتيبة لاعبين تنشط في الملاعب العربية لا تزال تحلم بالفوز بالبطولة.
وأحرز الثنائي الأنغولي سبعة أهداف (4 لدالا و3 لمابولولو) من تسعة أحرزهم منتخب "الغزلان السوداء" الذي يأمل بتجاوز نيجيريا الجمعة، لبلوغ نصف النهائي الأول بتاريخه.
ويواصل لاعب الأهلي المصري الجنوب إفريقي بيرسي تاو، أفضل لاعبي إفريقي ينشط في إفريقيا لعام 2023، التألق بعدما قاد منتخب بلاده "بافانا بافانا" لإقصاء أبرز المرشحين المغرب من ثمن النهائي.
وبعدما أضاع ركلة جزاء في الدقائق الأولى لمباراة مالي افتتاحا التي خسرها منتخبه 2-0، استجمع تاو قواه والتقط الكرة مجددا ليسدد ضربة جزاء جديدة مهدت الطريق لرفاقه لفوز عريض على ناميبيا 4-0.
قبل أن يصول ويجول ويرهق دفاع المغرب في ثمن النهائي.
في منتخب "نسور" مالي، وبدرجة توهج أقل ينشط المهاجم يوسف نياكاتي لاعب بني ياس الإماراتي كخيار هجومي بديل ولاعب وسط الأهلي المصري "الدبابة" أليو ديانغ الذي بدأ أساسيا أمام جنوب إفريقيا وناميبيا.
ومن ضمن 25 لاعبا في البطولة السعودية التي أنفقت أنديته ببذخ لتدعيم صفوفها في النافذة الصيفية الماضية، برز بشدّة لاعبو المضيفة كوت ديفوار والمُجرّدة من اللقب السنغال.
وفيما كانت بلاده على مشارف الخروج في ثمن النهائي، أمسك لاعب أهلي جدة فرانك كيسييه الكرة ليسدد ضربة جزاء بثبات يحسد عليه في مرمى زميله بالفريق السعودي ذاته إدوارد مندي، قبل أن يعيد الكرّة في ركلة الترجيح الأخيرة التي أهدت "الفيلة" بطاقة العبور.
رفقة كيسييه، تألق ظهير الفيحاء السعودي غيسلان كونان ولاعب وسط النصر سيكو فوفانا، أمام كتيبة السنغال "السعودية" لاعب الشباب حبيب ديالو (هدف) ومهاجم النصر ساديو ماني (هدف) ومدافع الهلال خاليدو كوليبالي الذين ودعوا البطولة.
ومن البطولات العربية أيضا، برز أيضا مهاجم السد القطري "السفاح" الجزائري بغداد بونجاح الذي أحرز ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات لم تكن كافية للعبور للدور الثاني.
فيما لا يزال مهاجم بيراميدز المصري فيستون ماييلي البديل النشط لجمهورية الكونغو الديمقراطية أمام فرصة بلوغ نصف النهائي أمام غينيا التي تخلو من أي لاعب ينشط في بطولات عربية تماما كنيجيريا والرأس الأخضر، باقي أضلاع دور الثمانية الإفريقي.
وخلال دور المجموعات، برز أيضا مهاجم أبها السعودي كارل توكو ايكامبي المنتقل حديثا إلى مواطنه الاتفاق والذي لعب أساسيا لثلاث مباريات كاملة مع الكاميرون (من بينهم مباراة نيجيريا في ثمن النهائي) وسجّل هدفا خلال الفوز على غامبيا.
وقال المحلّل المصري عمر ناصف "حتى لو تم استثناء البطولة السعودية التي ضمت أغلب النجوم الافريقية الكبيرة في أوروبا، فإنّ البطولات العربية خصوصا الخليجية عملت على تقليص الفجوات بينها وبين البطولات الأوروبية وأصبحت تبحث عن كفاءات أفريقية لضمها لصفوف أنديتها".
وأضاف "البطولات الخليجية أقل تطلبا وأقل ضغطا للأعصاب مع رواتب أفضل بالتأكيد ما جعلها الخيار الأول للاعب الأفريقي في الفترة الاخيرة".
وفي نسخة كوت ديفوار ، سجلت المنتخبات العربية مسيرة كارثية حيث خرجت الجزائر وتونس من دور المجموعات، ومصر والمغرب وموريتانيا من ثمن النهائي، ليخلو ربع النهائي من أي فريق عربي منذ نسخة 2013 التي فازت بها نيجيريا.
بيد أنّ أسوأ مشاركة عربية تعود إلى نسخة السنغال 1992 حين تذيّلت مصر والجزائر والمغرب مجموعاتها وخرجوا دون فوز واحد.
وفازت مصر (7 ألقاب قياسية) والجزائر (لقبان) وتونس والمغرب (لقب لكل منهما) مجتمعين بنحو ثلث ألقاب البطولة (11 من أصل 33).