دولي

هل آن أوان وقف الحرب في غزة والمهم كيف ستنتهي؟

بقلم الاستاذ ماجد كيالي*

ستنتهي حرب إسرائيل في غزة، إذ لا توجد حرب إلى الأبد. بيد أنّ المهم كيف ستنتهي؟ أو إلى ماذا ستنتهي، بالنسبة لكل الأطراف، لا سيما بالنسبة لفلسطينيي غزة، الذين فقدوا بيوتهم وعمرانهم، وكل مقومات الحياة لديهم، مع مصرع وجرح وفقدان عشرات الآلاف؟…

خفوت كل الازمات

إزاء هذا الاستعصاء، ومع تعدّد المشكلات التي ولّدتها حرب غزة، على أكثر من صعيد، بدليل خفوت كل الأزمات السابقة في العالم (أوكرانيا مع روسيا، وتايوان مع الصين، والسودان) فقد باتت تلك الحرب بمثابة الصاعق المفجّر للعديد من المشكلات، بل إنّه بات يخلق تصدّعات في الرأي العام في الدول الغربية ذاتها، وضمنه تآكل صورة إسرائيل، لصالح التعاطف مع الفلسطينيين، ولعلّ هذا هو معنى اعتبار مسؤولين أميركيين أنّ التطرّف في إسرائيل، وضمنه طبيعة حربها في غزة، بات يشكّل خطراً على إسرائيل وعلى الدول الغربية. وذلك يفسّر أيضاً توجّه الإدارة الأميركية لفرض عقوبات على المستوطنين المتطرّفين في الضفة الغربية (مؤخّراً)، ومعنى إعلان وزيري خارجية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دراسة الاعتراف بإقامة دولة فلسطينية، وإيجاد نافذة حلول، موقتة، لكي تؤدي إلى فتح الأفق السياسي أمام الفلسطينيين، بل إنّ ذلك بات شرطاً للأطراف العربية الفاعلة للمشاركة في دعم أي حل، وضمنه للمشاركة في إعادة إعمار غزة…

انقاذ اسرائيل رغم انفها

عليه، ووفقاً لاعتبارات عديدة، يمكن الاستنتاج بأنّ الإدارة الأميركية (والحكومات الغربية) باتت تشتغل وفق مقولة: "إنقاذ إسرائيل رغم أنفها"، لصاحبها جورج بول، مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق (عهد الرئيس جيمي كارتر)، يعزّز من أهمية هذا التوجّه اليوم في مقاطعة إدارة بايدن وحكومات الغرب للحكومة المتطرّفة التي يترأسها بنيامين نتنياهو (منذ إقامتها أواخر العام 2022)، والتي تضمّ المتطرّفين القوميين والدينيين مع شخصيات مثل بن غفير وسموتريتش، بسبب محاولتها تغيير النظام السياسي في إسرائيل، بالانقلاب على السلطة القضائية (المحكمة العليا)، وهو الأمر الذي توقف بعد الحرب، ولكنه بدأ يستعيد زخمه السابق الآن، مدعوماً بالتداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية الناجمة عن الحرب، والتي جعلت إسرائيل عبئاً على الغرب، في المنطقة وفي العالم، وفي الغرب ذاته…

دولة فلسطينية مستقلة

المهم الآن، هو وقف حرب الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في غزة، ووضع إسرائيل عند حدودها، بما فيه في الضفة الغربية، وبذل الجهود من أجل رفع الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات إليها، ومعاودة إعمارها، وصولاً إلى تمكين الفلسطينيين من استعادة حياتهم، في دولة فلسطينية مستقلة، بإرادتهم الحرّة، لتنمية كياناتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ هذا أقل شيء مطلوب، الآن، وأي شيء آخر، سيأتي في وقته، وفي ظلّ معطيات أو ظروف أخرى.

* نشر المقال في النهار العربي